أسرار التكوين: من أين جاء لالش؟

صبري رسول
ورد في خبايا السّجل المقدّس الكبير عن التّكوين البدائي: كلّف إله الخير «أهورامزدا» رئيس الملائكة «أركانجيل تار» جبريل بحمل لاله ش النّوراني «لالش» والطّواف به في أركان الدنيا السّبعة سبعَ مرات، وإهدائه إلى البشر ليكونَ المفتاح الواصل بين الحياة والموت، ثمّ اختيار مكانٍ آمن له، يكونُ مركزاً للأرض. 
وضع الملاكُ المكلّفُ لالش تحت جناحه الأيمن، وطاف به من همالايا  شرقاً إلى قمة تيد في جبال الكناري  غرباً ومن نارودنايا في سلسلة أورال  شمالاً، إلى قمة دراكنزبرج  جنوباً ويقطع الشّرق والغرب في ثانية. تعطّرَت تلك الأمكنة بأنفاسِه، وانبثقت عطايا الخالق للبشر. في رحلته السّابعة وهو قادمٌ من هضبة ثابا بوسيو سقط منه حجرٌ في فلاةٍ بعيدة استغرق وصوله إلى الأرض سبعين يوماً. فحامَ الملاكُ حول سفحٍ جبلية وعرة، واختار مكاناً قرب عينٍ ماؤها يسيل كالحليب، ومذاقُه كالعسل، يشفي المرضى، ويُصفي المزاج، ويقضي على الكدر. 
هناك شكوك في المنبع الحقيقيّ، فتذكرُ بعض الحكايات المدوّنة في السّجل، المكتوبة بالحبر السّري بأنّ المنبعَ الأصلي الذي يزوّد الحياة بالنّبض هو من سفينة نوح «مزمز»  مقلوباً في القراءة، فالاسم يختزل الطّعم وليس الحركة «زمزم»، كانَ من عداد السّبايا إلى صحراء بعيدة، وماؤه هناك يدرّ الخير على السّكان، وبعضُ أبناء الكُرد يقدّسون الماء المسروق، ويهجون النبع الأصلي. النبعُ على بعد عشرين ميلاً باتّجاه الجنوب من صخرة ساجدة، عيونها إلى السّماء ويتوسّل ربّها أهورامزدا وفمها فاغر دائماً شكفتي «الكهف الخائف»
كان الينبوعُ محمياً من الجهات كلّها، وحُرَّاس الخير الموزعون في المحيط مدرّبون على محاربة الظّلام، سكنوا في شيخان، أسيان، باعدرة، بوزان، القوش، بِبان، مصيف وادي القيامة.
 وتحت كنف جبال «حزرت، ميسات، عرفات». 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…

 

نارين عمر

 

” التّاريخ يعيد نفسه” مقولة لم تُطلق من عبث أو من فراغ، إنّما هي ملخّص ما يحمله البشر من مفاهيم وأفكار عبر الأزمان والعهود، ويطبّقونها بأساليب وطرق متباينة وإن كانت كلّها تلتقي في نقطة ارتكاز واحدة، فها نحن نعيش القرن الحالي الذي يفتخر البشر فيه بوصولهم إلى القمر ومحاولة معانقة نجوم وكواكب أخرى…

محمد إدريس*

 

في زمنٍ كانت فيه البنادق نادرة، والحناجر مشروخة بالغربة، وُلد غسان كنفاني ليمنح القضية الفلسطينية صوتًا لا يخبو، وقلمًا لا يُكسر. لم يكن مجرد كاتبٍ بارع، بل كان حاملَ راية، ومهندسَ وعي، ومفجّر أسئلةٍ ما زالت تتردد حتى اليوم:

“لماذا لم يدقّوا جدران الخزان؟”

المنفى الأول: من عكا إلى بيروت

وُلد غسان كنفاني في مدينة عكا عام…