لغتنا الكردية الجميلة تشع على العالم 18

ياسر إلياس

مما جاء في الآفستا : 
Daena دَئِين
بمعنى دين 
وإذا تأملنا هذه الكلمة الآفستانية وجدناها تضم في ظاهر مبناها مورفيمين Da
بمعنى الإحسان والعطاء وفعل الخيرات 
وena
بمعنى الإيمان ولأن الإيمان شيء باطني جواني 
فإن الكلمة أخذت ذلك البعد الدلالي لتدل على 
الظرف المكاني الحافظ الجامع ، كما دلت على الجمع ومجمع والاجتماع .
كما في Hêlîn
عش ، وkadîn, كوخ لحفظ القش والسفن
وDarîn: ، مجمع الشجر والكثير مثل ذلك 
ولأجل ذلك كان يوم الجمعة الكردي الذي اقتبس العرب معناه من الكرد الميدين وهو( În) 
لأنه يجمع بين طياته كل أيام ( هفته ) hefte
الأسبوع ، كما إنه يوم لإثبات صحة الإيمان واستقامته
بالاجتماع فيه وتقديم الخير والمعونة والمعروف ومساعدة الفقراء ، كما كان يفعل الكرد بالضبط في ذلك اليوم بحسب ما وصلنا من المصادر الزرادشتية .
هذا التأثير ملاحظ وقوي في اللاهوت العربي والثقافة العربية ، جاء في القرآن : ( {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} [الماعون 
في اللغة الكردية المكتوبة والمنطوقة
من الشائع القديم بحسب المصادر الزرادشتية والبهلوية  كلمة În( إين)
بمعنى إيمان 
وأيضاً كلمة (înan)
إينان
وكلمة ( إيمان ) أصلها ( Înman) 
إينمان 
ومن ذلك كلمة (آمين ) كما أشار الأستاذ زهير علي في صفحته: هي من Emîn, من Em: نحن ، وÎn : يقين ، اعتقاد ، إقرار بالإيمان ( أي نحن ندين ( من الدين ) ونقر ونعتقد بهذا ..الخ 
حتى إنَّ : În : وهويوم الجمعة من الأيام المقدسة لدى الكرد منذ القدم ( كانت تقام فيه الصلوات وتجمع فيه الأعطيات والهبات والمساعدات وتوزع على الفقراء 
لذلك سمي يوم الجمعة في الكردية ب în ( إين) بحسب الوارد في المصادر الزرادشتية.
وكلمة ( În ) لوحدها كما أشار الدكتور العلامة اللغوي فيض الله الخزنوي ( لا عدمنا فضله وعلمه الزاخر ونفع أمته به ) يمكن تأليف مجلدات عليها منذ مبتدى ظهورها في الثقافة والتراث الديني الكردي ٤٠٠٠سنة وحتى وقتنا الحاضر .
ومن الطرائف اللغوية أن العرب حين اقتبسوا هذه الطقوس الإيمانية عمدوا إلى نقل دلالة يوم الجمعة ( معنى الاجتماع) فنقلوها بكلمة كانت هي الأخرى كردية 
كلمة جمعة وهي من ( ayet) 
وتترد هذه الكلمة في الآفستا بكثرة 
 Were cem min
Çûne cem hev
وcembûn: اجتمعوا 
Cembûnî: اجتماع
وCemî me bi ba
انضم إلينا 
وCemî hevbûn
Çûne cem hev
التقوا واجتمعوا
وكلمة جامع كلمة كردية صرفة 
camî : لأنها تجمع الناس
(جامي)
وأصلها : Cemîn ( جَمين)
Cembûn, cemhevî
وCemawer
جمهور : كلها كلمات كردية صرفة 
وVa tişta Cem ke
اجمعها 
وجمع : من Cem
 وكلمة ( جامباز ) كلمة كردية صرفة 
وهوأداء الحركات الرشيقة على أجهزة متعددة 
وبازي ، Bazî
بالكردية ألعاب الرياضة 
سمي الجمباز بالكردية : بسسب أداء الحركات الرياضية على جمع مختلف من الأجهزة .
والكلمات الإنكليزية واليونانية وبقية اللغات الأوربية :
gym
gymkhana
gymnasium
gymnast
gymnastic
gymnastics
(مكان الاجتماع ( ساحة اجتماع لممارسة الأعمال الرياضية)
محمولة على الأصل الكردي دخلت كل اللغات
عبر اليونانية عن طريق الكردية الآفستانية الميدية ، وليست يونانية الأصل .
وجمدان ، جمدانك 
Cemedank
Cemedan
الذي يغطى به الرأس 
سمي به لاشتماله على الرأس وجمعه الرأس بين طياته .
مستدل على كرديتها وكردية اشتقاقاتها بمصادرنا التي تتجاوز أربعة آلاف سنة
والجذر (جمع ) كله مع كل اشتقاقاته في لسان العرب بصفحاته الكثيرة جذر كردي ميدي أثيل مؤثل في الأثالة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن حديثاً المجموعة القصصية “تبغ الفجر” الشاعر السوري الكردي علي جازو، في كتاب يضم اثنتين وعشرين قصة قصيرة تتنوع بين النصوص اليومية المكثفة والمقاطع التأملية ذات الطابع الشعري والفلسفي.

تتّسم قصص المجموعة بأسلوب سرديّ دقيق، يبتعد عن الزخرفة اللغوية ويميل إلى الكتابة من الداخل. الشخصيات تتحدّث من دواخلها لا من مواقفها، وتُركّز…

خوشناف سليمان ديبو

 

يُعد الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي من أبرز وأعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي. فقد أدرِجت معظم أعماله ضمن قوائم أفضل وأهم الإبداعات الأدبية وأكثرها عبقرية. وتكمن أعظم ميزات أدبه في قدرته الفذة على سبر أغوار النفس البشرية، وتحليل خفاياها ودوافعها العميقة. قراءة رواياته ليست مجرد متعة سردية، بل رحلة فكرية وروحية تُلهم…

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…