سيجارتي …صديقتي المخادعة..!

  دهام حسن 

سيجارتي العزيزة ، أنت وكأس الشاي ، أدين لكما بالسهر الدائم، فعندما تضمك أناملي، وتلثمك شفتاي وأنا مسترخ في اتكاء إلى الخلف على مقعدي، وحولي الزهرات يحطن بي، أسرح بخيالي بعيدا إلى الأفلاك ، أحاكي النجوم ، فينشط قلمي ويكون الخيال والشعر ..
سيجارتي نديمي في القعدات المخملية صيفا، حيث تحفنا أضواء زاهية، في ليال شاعرية، تنقلنا إلى واحات خيالية ، حيث يسرح الفؤاد، ويقتنص ما يتشهى ، دون رقيب ..
سيجارتي المخادعة… كم قلت لك ، رجوتك في البدء أن تدعيني وشأني، كم قلت ، لله درك  دعيني ، فأنا رقيق المشاعر، سهل الاصطياد، سرعان ما أنخدع للألأة السراب، فها قد أسرتني، وصرت أنقاد إليك ، فكيف الفلات..
سيجارتي أنت ساحرة ، عشاقك المساكين ضحايا ولعهم بك، فهل أخلصت الود كما أخلصوا بمداومة عشقهم لك..
سيجارتي ..لقد نصحوني بالابتعاد عنك وهجرانك، فلم أستجب ، قالوا لي ، أنت عجوز شرقي ، وهي أولى بالهيام  لجيل ابنك ، فلم أثب ، ولم أخذلك، وبقيت متشبثة بك ، رغم معرفتي بفارق السن ورصد القدر، وأنت دائمة الشباب…سيجارتي أحيانا أصحو من غفلتي ، فأخاصمك ، وأنزوي في ركن من البيت منعزل، لكنك سرعان ما تأتيني، تسترضيني فأستفيق كالمجنون غير مصدق ، فأنهال عليك باللثم حتى تنهكني، لأصحو ثانية على” شيبتي ” وضحكات القدر..
سيجارتي أحبك بجنون، أهيم بك شوقا، لا تخدعيني اقرئي مشاعري، هل بي لوثة ، حتى تخبئين لي بين ثناياك سخرية وهم حب عجيب ، أنت تهزئين من مشاعري ، لا بل تسخرين مني، وأنا كالطفل المدله، سرعان ما أنخدع بأية إيماءة منك…
سيجارتي ..تنتابني لحظات، بأنك تخدعيني ، لكني لا أقلع عن حبك ولن أقلع ، ولن أتوب ، ولن أخذلك ، فأنا معهود بوفائي، أنت معي كلما اختليت بنفسي وكأسي.. أعلم سيجارتي أنك تنهكين جسدي ، فأنت صديقة مخادعة ، ولكن هيهات أن أنساك وإن فرقنا القدر..!
سيجارتي .كثيرا ما يومأ إلي في الوسط الثقافي  بالبنان راثين بقولهم: ذاك العاشق المسكين، وأنت بين يدي، تتشبث بك أناملي.
سيجارتي كثيرا ما بكيت لاحتراقك، من الوجد فأشاطرك المشاعر فأبكي لبكائك، فكلانا ضحية هموم وعبث القدر…
حبيبتي إذا ما مت شاركي في جنازتي ، واكتبي على شاهدة قبري هذين البيت وامتثلي ما فيهما من دعوة:
                 كان مني  وكنت منه بدان       وعلى   صدره  بدوني   يدان

                وارقدي  بجانبي  ليقولوا        كيف  يخبو  في ساعة توءمان

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…