كفوكتنا وكفوك أصالة…

عماد الدين شيخ حسن 

رغم احترامي الشديد لمسألة الرأي والرأي النقيض أو الآخر، إلا أنني لا أخفيكم استغرابي الشديد من كمّ وموجة الانتقادات والاتهامات التي طالت ولا سيما من الوسط الكردي، كلاً من الفنانة أصالة والفنان آري جان وشركة روتانا للتوزيع الموسيقي، بمناسبة أغنية (گفوگم) التي غنتها أصالة في البومها الجديد .
وما دفعني صراحةالى تناول الموضوع، هو أنني وجدت في الأمر ما يمكن اعتباره برهانا أومثالاً يعكس الكثير من دلالات أومؤشرات بؤس الحال الذي نحن فيه، على مختلف المستويات.
فشذوذ فهمنا واستيعابنا للمسائل والأمور، وتقييمنا لها، وتعاطينا معها على ضوء ومعيار ذاك الشذوذ إن جاز التعبير، هي أهم اسرار وألغاز تلك الحال. 
الكثير من الفنانات والفنانين وغير الفنانات والفنانين، ولا سيما الأتراك منهم، سرقوا على الدوام ولا يزالون، الكحل من أعيننا، وثقافتنا وتراثنا وفلكلورنا وكل أصيلٍ فينا وخاصٍ بنا، وبكل تفاصيله، وبمنتهى الصفاقة واللامبالاة، فلم تكن ردة فعلنا إزاء كل ذلك، أنصاف أنصاف ردة فعلنا هنا، والمفارقة أن أصالة غنّت أغنيتها أو بعضا منها، بلسان كردي فصيح وأتقنت اللفظ فيه الى حدّ كبير، وبالتالي أكدت على أصالة الأغنية وكرديتها، وهذا كافٍ للدلالة على كل ذلك، بمعنى أننا لم نعد بحاجة الى التعبير عن ذلك كتابيا كما يقول البعض، ثم أن أصالة لم تكتفي بإعتماد اللحن و تطبيق الجمل والكلمات العربية عليه، كما فعل ويفعل الاتراك والكثيرين سواهم، وبالصورة التي يختفي فيها أي أثر لأصل الاغنية ومصدرها. 
هذا كله.. ان سلمنا جدلا بأن أهل الاغنية لصوص، وهنا قد يقول قائل أو سائل.. كيف لقانوني مثلك أن يبرر لسرقة ولصوصية كهذه وأن يسعى في أن يضع الأعذار و المبيحات لها!!!
يمكنني الرد بالقول.. فلتطمئن بالاً عزيزي..
فأولاً …مثل أصالة وروتانا لا يقعون أو يوقعون أنفسهم في هكذا مواقف وشراك ، ولا سيما بأن المتربصين بهم كثر ( اجواء المنافسة ..الخ)، وأصالة بالذات، ربما نتيجة مواقفها السياسية المعروفة، أكثر عرضة لذلك .
ثانيا.. واختصارا…هناك معايير معروفة في القانون الدولي بهذا الخصوص وتتعلق بما يسمى بالموازير الموسيقية ، وتشترط ثبوت نقل اكثر من اربعة موازير كاملة ومتتالية من لحن ما ودمجها في لحن آخر، حتى يثبت وصف السرقة وتثبت الادانة الجنائية فيها . وبالتالي ليس كل لحن وليست كل الجمل والكلمات التي نسمعها والمشابهة لغيرها، هي سرقة وتستوجب العقاب والمساءلة.
ثالثاً والأهم من ذلك كله ..ألا ترون معي بأن التمسك بلا وعي وبلا مسؤولية وبتجرد وصرامة بهكذا مسائل وعدم ادراك ابعادها، ورمي تهم السرقة واللصوصية بعبثية على الآخرين، يقتل روح التطوير والاحياء والابداع فيهم ولديهم؟!!!  
هذا اذا ما علمنا بأن كبار الفنانين والموسيقيين والملحنين واعظمهم، سرقوا وأخذوا وطوروا انتاج والحان غيرهم، مثل بيتهوفن وباخ ومحمد عبد الوهاب والاخوين رحباني و كثيرين سواهم، لا بل انتجوا ماهو أرفع واعظم من النسخة الاصلية، وبالتالي، هل كان لهم ان يفعلوا ذلك لو كانوا مكبلين ومقيدين بقيود السرقة والمحاسبة. وأما كنا قد حرمنا البشرية جراء تلك القيود من عظيم ما قدموه. 
أكتفي بهذا وأسأل …
أما كان جديرا بنا أن ندعم ونشجع أصالة وامثالها من الذين لهم شهرة وباع في أن ينقلوا تراثنا الى الشعوب الاخرى وتعريفهم بها، وأن ندعم ونشجع آري جان وغيره من الكرد على مساهمتهم في ذلك . 
أم الأفضل .. أن نجعل أصالة تلعن الساعة التي غنت أو فكرت أن تغني فيها بالكردية؟؟؟؟
عذرا.. ان لم اكن قد استطعت ايصال رسالتي اليكم بالصورة الكافية والوافية .. فالمنشور كتبته اثناء العمل .
المانيا..٢٤/٧/٢٠٢٢

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبحي دقوري

 

مقدمة

تمثّل قراءة جاك دريدا لمقال والتر بنجامين «مهمّة المترجم» إحدى أكثر اللحظات ثراءً في الفكر المعاصر حول الترجمة، لأنّها تجمع بين اثنين من أهمّ فلاسفة القرن العشرين

— بنجامين: صاحب الرؤية «اللاهوتيّة – الجماليّة» للترجمة؛

— دريدا: صاحب التفكيك والاختلاف واللامتناهي لغويًا.

قراءة دريدا ليست شرحًا لبنجامين، بل حوارًا فلسفيًا معه، حوارًا تُخضع فيه اللغة لأعمق مستويات…

ماهين شيخاني

 

المشهد الأول: دهشة البداية

دخل عبد الله مبنى المطار كفراشة تائهة في كنيسة عظيمة، عيناه تلتهمان التفاصيل:

السقوف المرتفعة كجبال، الوجوه الشاحبة المتجهة إلى مصائر مجهولة، والضوء البارد الذي يغسل كل شيء ببرودته.

 

كان يحمل حقيبتين تكشفان تناقضات حياته:

الصغيرة: معلقة بكتفه كطائر حزين

الكبيرة: منفوخة كقلب محمل بالذكريات (ملابس مستعملة لكل فصول العمر)

 

المشهد الجديد: استراحة المعاناة

في صالة…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف…

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…