فراس حج محمد| فلسطين
في ندوة خاصة عقدها منتدى التنوير الثقافي ومركز يافا الثقافي (25/7/2022) بمناسبة الذكرى الخمسين لاستشهاد الأديب غسان كنفاني في حديقة مكتبة بلدية نابلس العامة، تحدثتُ في هذه الندوة عن كثير من القضايا التي سبق أن ناقشتُها في كتابي “استعادة غسان كنفاني”، وكانت حول القضايا الآتية:
– غسان كنفاني وقراءة أدبه سياسيا، ومآلاته وارتباط هذا الأدب بالواقع- الراهن في لحظة الكتابة، زمن غسان، ليتجاوزها إلى المستقبلي، الراهن اليوم، والمستقبل أيضا، إذ إن مقولات غسان وأفكاره، ما زالت صالحة لأن تعطي للحاضر الفلسطيني إجابات لأسئلتها المعقدة المفتوحة على المستقبل.
– ريادة غسان كنفاني في مواضيع: الأدب المقاوم، والتعريف بأدباء الأرض المحتلة في كتابيه عن أدب المقاومة، وريادته المهمة في بحث الأدب الصهيوني، وترجمته إلى العربية، والحديث عن إسهاماته النقدية في كتابه “فارس فـارس”، وريادته في أدب الأطفال حيث كتب قصته الوحيدة للأطفال “القنديل الصغير”.
– حضور غسان كنفاني في أدب الآخرين والتأثير فيهم، كرواية “الرقص الوثني” للكاتب إياد شماسنة، حيث تابع فيها شماسنة أحداث وأبطال رواية غسان “عائد إلى حيفا”، والروائي المصري عمرو العادلي في روايته “رجال غسان كنفاني” حيث يعيد إلى الحياة أحد أبطال غسان كنفاني الذي مات على الحدود العراقية الكويتية ليصحبه في رحلة إلى مصر، ويتابع حياته هناك، كما حضر غسان كنفاني وغيره من الفلسطينيين: كمال ناصر ومعين بسيسو، قبل ذلك أيضاً في رواية “من يتذكر تاي” للكاتب السوري ياسين رفاعية، وكيف كان كنفاني يتصرف حيال حياته الشخصية واندماجه في الهم الوطني والكتابة عن فلسطين، وبأنه كان يسابق الزمن لينجز ما يستطيع إنجازه، لإحساسه أن عمره قصير، عدا أنه كان مصابا بالسكري ويعاني من هذا المرض كثيراً.
– إنسانية أدب غسان كنفاني واستحضاره عند رواد مواقع التواصل الاجتماعي في حوادث موت مشابهة، سواء من ماتوا في قوارب الموت غرقاً طمعا في النجاة بسيل الهجرات غير الشرعية أو من مات من لاجئين سوريين على الحدود بظروف مشابهة، أو من ماتوا على الحدود متسللين إلى أمريكا حيث ذكرت الأخبار العثور على 47 جثة في شاحنة في مدينة تكساس الأمريكية، إضافة إلى نقل جملة غسان كنفاني “لماذا لم تدقوا جدران الخزان” من صيغتها السياسية العامة إلى الصيغة الوجدانية الفردية، حثا للذات للخروج من بعض المآزق العاطفية.
– الدلالة الرمزية لورود الساعة في المشهد الأخير من رواية رجال في الشمس، حيث تشير إلى سرقة أبي الخيزران- مثال القائد الانتهازي- لمستقبل الفلسطينيين ومصادرة أحلامهم، هذه الساعة التي ظهرت بشكل لافت في مسرحية غسان كنفاني الباب.
– شخصية غسان المثقف الواعي الثوري الذي كان يهتم أولا بالقضية الفلسطينية والموضوع الفلسطيني، فقد كتب أولا من أجل فلسطين، ولم يكتب من أجل أن يكون كاتبا، ولذلك تمحورت كل كتابته حول فلسطين والقضية الفلسطينية، ولذلك يعد غسان كنفاني مثالا للمثقف الكاتب صاحب الموقف البعيد عن السلطة، والتدجين، وأنه كان مثقفا حرا قرن القول بالفعل، وانحاز من أجل ذلك الأدب الجماهيري الذي يؤثر في الوعي العام، لذلك تخلى عن التقنيات السردية المعقدة التي وظفها في رواية “ما تبقى لكم” متأثرا برواية وليام فوكنر “الصخب والعنف”.