سهام عمر في مجموعتها الشعرية «ثلاثون قبرا من الماء»: نصوص في الأم والوطن والهجرة

 

صدرت للشاعرة السورية المقيمة في ألمانيا سهام عمر باكورتها الشعرية المعنونة ب” ثلاثون قبراً من الماء” عن دار موزاييك للدراسات والنشر 2022،-  وتتضمن 28 قصيدة تنتمي إلى- قصيدة النثر- كتبتها في موضوعات مختلفة أبرزها الأم والوطن والهجرة. تبدو الشاعرة عمر مطمئنة من أدواتها الكتابية، لذلك فهي ومنذ أوائل قصائدها التي ضمتها دفتا مجموعتها الشعرية الأولى  تكتب بلغة آسرة. جاذبة، قريبة من ذات المتلقي، رغم عدم مغامرتها بخصوصيتها وامتلاكها زمام اللغة، إذ إنها تقدم صورتها الشعرية من واقع مختبرها الروحي والذاتي. تقول في قصيدة لها بعنوان” أرواح لنا طريقة الهجرة في قصيدتها” أرواح بكى عليها الخشخاش”
 
حملْنا السفرَ على ظهورنا
واختبأْنا في الحقائب وصُررِ الاحتمالات
نقرأ التراتيل ونسأل الله:
أسالكٌ هذا الموت، وذاك الضّياع؟
في الطابور أشعلْنا الدموعَ،
توضّأْنا بهواجس الأطفال
ولم نُصلِّ
كنَّا نُسَبّحُ كالزّواحف على التراب،
وكثيراً ما آنسْنا وحدةَ الأشجارْ
تحتَ الزَّوارقِ، تتكاثر طحالبُ الموت،
وتُلقي سائلَها الأصفر بين أفخاذ الصخور
  قالَتْ عنه الهشاشةُ:
ذاك توأمي،
وهذا الرماديُّ قميصُنا الورديُّ
لكنَّه تكلّلَ بالزَّبد، وَالْتهمَ رونقُهُ
غُبارَ الجِهات
أيُّ ملائكةٍ كنَّا
حينَ رشوْنا القمرَ بالزمرّد،
وراوغْناه بالأمنيات؟!
ستعودُ قنديلَنا
ونُخبرُك بما فعلَه الطُّغاة
 
رتّبْنا العُشبَ
تحرّرْنا من التآلف مع الإنسان
أرضعْنا الأفاعي
رقصْنا “التانغو” مع الأحراشِ، وفكّرْنا:
أيُمكنُ أن يكونَ هدفُ الرحلةِ
أن نصقلَ الألمَ بجماليات المجاز؟!
 
حُفاةً كنَّا
ونِعالاً يرتدينا الحرّاسُ
وتشربُ دماءَنا
حدّةُ الأسلاك
وقالوا:
يا ابن الرصيفِ
أنت منحدرٌ من الأعماق
ابكِ، لكن إيّاك أن تُبلّلَ المساء
 
بتوقيت واحدٍ
أنصافُ عائلاتٍ من خَلفنا
يحشون الترابَ بالأشلاء
فتثمرُ الرحلةُ ويثقلُ الميزان
مَـن بحثَ أكثر عن الأعضاء
ومَن توعّدَ أوَّلاً؟
//
سأخبرُ اللهَ وأمي
كيف نفونا إلى مدنٍ تحترقُ بالثّلوج والمداخن العالية
//
كانَ الحبُّ معَنا
نُدغدغُ بأظافره أقدامَ النّعاسِ، لكي نصحو معاً
قريباً يا صديقي سنصلُ إلى قبورنا،
وتصفّقَ لنا السماءْ
//
ها قد سقطَ منّا خرزُ القدر، يا أبي
مباركٌ عليك دمُنا،
يا سيّدَ الغابات
 
بعدَ سويعاتٍ وصلْنا
يتَّكئُ علينا السقوطُ
ويُحملقُ فينا العلوّ.
اجتهدْ، وأنت تصعد هذا الفراغ
وصلْنا
هناك بقيتْ أسماؤنا وشهاداتُ الميلاد
كي نعودَ لها يوماً بلا أفواهٍ،
 أو أقدامٍ حافية على الرُّخام
تتوزع الموضوعات التي تتناولها الشاعرة في باكورتها الشعرية” بين: الوطن- الأم- الهجرة، وهي تظهر في إطار شعري حداثي، وذلك لحساسيتها الشعرية، وإمكاناتها، في تطويع اللغة، وتوظيفها في إهاب إبداعي جميل.
 
والجدير بالذكر تقع المجموعة في  109 صفحات  من القطع الوسط، وبطباعة أنيقة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نص: حفيظ عبدالرحمن

ترجمة عن الكردية: فواز عبدي

 

جاري الافتراضي كئيب

جاري الافتراضي حزين

جاري الافتراضي يحلب اليأس

يحتسي الوحدة

يبيع الحِكَمَ المكوية برعشة الآلام

بثمن بخس.

 

من نافذة صفحتي

أرى

مكتبه

صالونه

غرفة نومه

مطبخه، شرفته، حديقته

ومقبرة عائلته.

من خلال خربشات أسطره

أقرأ طنين النحل

في أعشاش عقله.

 

جاري الافتراضي

يكتب على جدار صفحته

كلمات مثقوبة بالألم

محفورة بمسامير التنهدات

يمسحها

ثم يعيد…

مروة بريم
لم يسبق لي قطُّ أنْ رأيتُ الجزيرة، تكوَّنت صورتها في ذهني، من قُصاصات مطبوعة في المناهج المدرسية، وما كانت تتداوله وسائل الإعلام. عَلِقت في ذهني صورة سيدات باسقات كأشجار الحَور، يأوينَ إلى المواقد في الأشتية القارسة، تشتبكُ القصصُ المحلّقة من حناجرهنَّ، مع صنانير الصّوف وهنَّ يحكنَ مفارش أنيقة، وفي الصَّيف يتحوَّلن لمقاتلات…

شيرين اوسي

عندما تكون في الشارع وتحمل في احشاءها طفلها الاول

تتحدث عنه كأنها تتحدث عن شخص بالغ

عن ملاك تتحسسه كل ثانية وتبتسم

يطفئ نور عينها وهي تتمنى ضمه

تقضي في حادثة اطلاق نار

رصاصة طائشة نتيجة الفوضى التي تعم المدينة تنهي الحلم

تموت وهي تحضن طفلها في احشاءها

ام مع وقف التنفيذ

تتحسس بطنها

ثم تتوسل لطبيب المعالج

ساعدني لااريد فقد كامل…

إبراهيم محمود

البحث عن أول السطر

السرد حركة ودالة حركة، لكنها حركة تنفي نفسها في لعبة الكتابة، إن أريدَ لها أن تكون لسانَ حال نصّ أدبي، ليكون هناك شعور عميق، شعور موصول بموضوعه، بأن الذي يتشكل به كلاماً ليس كأي كلام، بالنسبة للمتكلم أو الكاتب، لغة ليست كهذي التي نتحدث أو نكتب بها، لتكتسب قيمة تؤهلها لأن…