أحب الجواهري ويونس محمود

محمد بيجو
madobijo@hotmail.com

أنا أحبّ المتنبي, ومحمد مهدي الجواهري, ونازك الملائكة, والسيّاب.
وأحب ناظم الغزالي, وياس خضر, وسعدون جابر, والفنانة الرقيقة دالي.
وأحب أيضاً فلاح حسن, وناطق هاشم, واحمد راضي, وهوار, ويونس محمود, ونور … الخ.

ولأني أحب العراق جداً بكرده وعربه بقيت أكثر من تسعين دقيقة وأنا أضع يدي على قلبي, وعلى أعشاش عصافير روحي الخائفة من صقور فريق السعودية, أضع يدي المرتجفة على نفس المكان الذي علّق العلم العراقي على صدور أسود الرافدين, صدور “أبناء العراقية الحنونة ” كما وصفهم البعض.
طيلة فترة المباراة وأنا أقترب من شاشة التلفاز وأبتعد عنها, أغمض عيني حيناً, وأبقيها معلقة بأقدام اللاعبين أحيانا أخرى, أضرب كفاً بكف لأصرخ متحسراً على إضاعة فرصة أكيدة لتسجيل هدف, وكانت أحلامي بفوز العراق تحلّق على هيئة كرة في سماء جاكرتا, ولم أكن متفائلاً جداً بفوز اسود الرافدين, ليس لأني لا أثق بقدراتهم العالية, بل لأني لا أثق بالقدر الذي ينسج حياة العراقيين على أسوأ حال.  
كنت آمل أن تفوز العراق, ليس لأني أكره فريق السعودية, بل ليكون فوز الفريق العراقي على السعودي هدية لأطفال العراق, ولعيون الأمهات الثكالى ودموعهن ــ وما أكثرهنّ هذه الأيام ــ كنت أود أن يكون هذا الفوز دواء وبلسماً للجراح الكثيرة وللقلوب المكسورة والخائفة.. وما أكثر القلوب المكسورة على أرضك يا عراق وما أشد حبها وخوفها عليك …!!
هذا الفوز الذي قد يكون بمثابة ابتسامة في وجه من فقد عزيزاً أو أعزاء كثيرون في الحروب المتعاقبة على الأرض التي يتعانق فيها الدجلة والفرات.
هل لان القلب القاسي للقدر, ليرفع يونس محمود إصبعيه ( الوسطى , والسبابة) عالياً في السماء, وليرسم معه ملايين العراقيين ومحبو إبداعاتهم وحضاراتهم إشارات النصر في سماء هذه الدنيا.
طيلة أكثر من تسعين دقيقة والعراقيون كانوا في إجازة من كل شيء إلا الأمل, وأظن, لم يفخخ أحد سيارة, ولم يخالف شرطي مرور أيضا سيارة .. تسعون دقيقة وهم صامتون على أن تبدأ الأفراح ــ ولو قليلاً ــ وأن تشق الزغاريد طريقها وسط الدموع والأنين, تسعون دقيقة وهم لا يرفعون عيونهم عن رجال اثبتوا فيما بعد أن عزيمة العراقيين لم ولن تنام, وأن الإصرار على الحياة من شيم من سكن العراق رغم كل ما حدث وما يحدث من مآسي.
لا احد يفهم هذا الشعب المبدع ولن يفهمه أحد, طالما يبكي حين ينتصر ويجهش بالبكاء حين يهزم, كم لك من دموع يا عراق, أما آن لك أن ترتاح قليلاً وتغمض عينيك المتعبتين كباقي الدول؟
لكن الكثيرون يفهمون نظرات أطفال العراق وهم يرفعون قطع من قماش ملون, أحياناً بنجوم وأخرى بشمس كبيرة ليركضوا بين الأنقاض, وينظروا إلى الأفق البعيييييييييييد بابتسامة.  
فشكراً لاسود الرافدين على لم شمل العراقيين وإدخال الفرحة لقلوبهم الجريحة ولو لبعض الوقت, وشكرا لأبناء العراقية الحنونة على هذا الدرس في الحياة.
وشكرا للفنانة دالي ” وسلام الله على نظرة حنونة ورمش ما يبلى “.

عن جريدة الزمان (2761)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…