علي شيخو برازي
التظاهرات الثقافية كالمهرجانات والملتقيات الأدبية والندوات, وكل الأنشطة الأدبية والفنية, تدل على مدى الحراك الثقافي وعلى مستوى الوعي لدى الشعوب, فالرؤى والمناقشات ترفع من مستوى الفكر وتصقل المواهب الشابة , (من شاور الناس فقد شاركهم في عقولهم) الآراء المختلفة تخلق فكرا متقدما, وتعمل على تفعيل الحياة الثقافية والفكرية , وتشكل هوية حضارية قادرة على تحمل المسؤولية تجاه الوطن والمواطن .
وتحقيقا لهذه الأهداف كان مهرجان دهوك الثقافي الخامس, الذي تزامن مع الذكرى الخامسة لقرار استفتاء شعب كوردستان على تقرير مصيره, والذي انطلقت فعالياته في أوسع صالات محافظة دهوك , قاعة مديرية الثقافة في ناحية (سيميل) بحضور الرئيس مسعود البارزاني , في 2592022.
واستمر المهرجان من خلال محاضرات قيمة ومكثفة لمدة يومين, بدعم مادي ومعنوي من الزعيم البارزاني, حيث كان لوجود البارزاني بين الأدباء معاني كثيرة, وتجلت تلك المعاني من خلال كلمته في افتتاحية المهرجان باللغتين الكوردية والعربية 🙁 انتم سلاحنا اليوم إلى جانب البيشمركة ) إشارة إلى مثقفي كوردستان .
ضم المهرجان 135 كاتبا وكاتبة من أجزاء كوردستان الأربعة ومن المهجر, بالإضافة للمحافظات لعراقية, كان منهم 24 شاعرا وشاعرة, وبحضور عدد من الوزراء ونواب برلماني كوردستان والعراق,
ولم يكن الهرجان خاصا بأدباء الكورد, كون الثقافة ترفد كل العقول ومن كل الحضارات, وهذا ما أكده الزعيم البارزاني من خلال قوله: نؤكد على الأخوة بين الشعوب والتعايش السلمي بغض النظر عن المشاكل السياسية. وقال: إن كل المأساة التي حلت بالشعب الكوردي كانت بفعل السياسة دون الشعوب, واستشهد الزعيم بقول الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي على ضرورة انتصار إرادة الشعوب.
كما ذكر الأستاذ حسن سليفاني رئيس فرع دهوك لاتحاد كتاب الكورد, قرار الاستفتاء التاريخي في كلمته الافتتاحية, وأكد على ترابط القومي بين أجزاء الكوردستان رغم التقسيم والسياسات الشوفينية, وأشاد بالدور البارز للكاتب الكوردي في خدمة القضية.
مجازر الأنفال بحق الشعب الكوردي, كان الموضوع الأبرز في المحاضرات والمداخلات, فلم تخلو رواية أو محاضرة أو قصيدة من ذكر هذه المجازر, والظاهر أن فصل الصيف كان ناقوسا يذكر أدباء الكورد بتلك الجرائم البشعة بحق شعبنا, وفرضت هذه المجازر حضورها في نتاجاتهم الأدبية .
وقد لفتت انتباهي تلك الظاهرة الجميلة والحضارية وهي : تبادل الأدباء نتاجاتهم, صانعين بذلك جسرا من المعرفة والفكر النير, وخلق هوية ثقافية دون حواجز وحدود, وجلّ كتاباتهم كانت باللغة الكوردية, هذه الظاهرة التي تدل على تطور اللغة الكوردية, والتي باتت قادرة على التعبير وفق كل المدارس الأدبية, بغنى مفرداتها ومصطلحاتها الأدبية والفنية.
تضمن برنامج المهرجان محاضرات فكرية وأدبية, تركزت على محاور عدة من أهمها:
– اللغة الكوردية وأهميتها ودورها في الحفاظ على الهوية القومية عبر التاريخ .
– دور خطاب الهوية الكوردستانية في خيال الشاعر الكوردي .
– مجازر الأنفال في نتاج الأدب الكوردستاني .
– اللغة الكوردية في شمال كوردستان وسياسة التشويه .
– موت الكلمة الكوردية عبر الزمن من خلال إهمال استخدامها في الإعلام والحياة اليومية.