الشاعر لقمان محمود في (الصمت الذي لا يتوقف عن الكلام)

 

عن دار “آبيك” في العاصمة السويدية ستوكهولم، وفي 148 صفحة من القطع المتوسّط، صدر حديثاً ديوان شعري جديد للشاعر الكردي السوري لقمان محمود.
طوى الشاعر ديوانه على 20 قصيدة. القصائد الموجودة في الديوان هي: من بعيد يبدو كل شيء متساوياً، حجلٌ آخر، المطر، امتحان الحرية، أغنية الحياة الهائلة، أوكرانيا، أرض ثقيلة، مجدٌ سكران، قالت دلشا، الصمت، حلمٌ بحاجة إلى النوم، في بلاد الموت، بينما الحربُ مستمرة، كتاب الموتى، ترابٌ مشلول، قلب الماء، الجحيم، السواد، من جميع الجهات، وأتخفّف من حياتي.
تسبق هذه القصائد مقدمة للشاعر، وفيها يقول:
“الشعر أداة سحرية لتوسيع العالم عبر رفع سقف المخيلة. بهذا المعنى، كلّما رأيتُ صياداً يتربص بالسماء عرفتُ أن هناك أغنية ستسقط. وكلما رأيتُ طائرة تتربص بالأرض أيقنتُ أنّ هناك روحاً ستغيب.
في عالم كهذا كتبتُ ديواني الأول “أفراح حزينة” عام 1990، باللغة العربية. فالكردي المحروم من لغته الأم يجد نفسه في لغة غريبة (فرضت عليه) لا يعرف منها والداه سوى الفاتحة والدعاء، فيصر تحت ضغط التهميش والحرمان والضرورة أن يتعلم هذه اللغة الطارئة على تفكيره وأحاسيسه ووعيه بكل السبل. هكذا تطرأ لغة أخرى مسموحة بها إلى جانب لغة الأم الممنوعة.
وبما أنّ الإبداع – على الأغلب – يتعلق بالوعي الجمالي. نادراً ما يبتعد هذا الوعي عن الوعي الإنساني. لم أفكر حتى الآن، باللغتين “الكردية” و”العربية” من ناحية التفضيل؟ أكتب بهما كأي “سبّاح” لا يستطيع الإستغناء عن إحدى يديه.
ما أريده من القصيدة الكردية هو ما أريده من الكتابة بشكل عام.. أي أنْ تكون القصيدة وطناً وبنفس الوقت منفى. أنْ تكون القصيدة سفراً وبنفس الوقت عزلة. أنْ تكون القصيدة كردية وبنفس الوقت عالمية الإبداع”.
تجدر الإشارة إلى أن لقمان محمود ولد في مدينة عامودا السورية، عام 1966، وعمل في مجال الصحافة الثقافية كمحرر في مجلة سردم العربي، ومجلة اشراقات كردية، كما عمل كمحرر في القسم الثقافي لجريدة التآخي.
يقيم حاليا في السويد، وهو عضو اتحاد الكتّاب السويديين. شارك في العديد من الملتقيات الأدبيّة والثقافيّة، داخل وخارج السويد.
هنا بعض المقاطع المختارة من قصيدة بعنوان “أتخفّف من حياتي”:
كم هو كبيرٌ حلم المطر
لكنه لا يملك خياراً آخر
سوى الهطول.
**
الجوع المتوحش
داخل القمح الخائف
لن يعرف الخبز أبداً.
**
عندما تعضّ القيود
لحم الحرية
لا أرى الأمل
إلّا يائساً.
**
تولد الإنتصارات
– على الأغلب – كسيحة
لذلك
لا تعمِّر طويلاً.
**
جعلونا نتنفّس 
من خرم الإبرة
طبعاً إخوتنا في الخيط!
**
الحرب العمياء
على كردستان
خلقت لدى الكردي
عيوناً جديدة.
**
لا أستطيع النظر ورائي:
كله أراضٍ محروقة
تعجّ بالدخان والرماد والجثث.
**
نهرب من الوطن
فتقتلنا المنافي.
نهرب من المستقبل
فتقتلنا الذكريات.
**
الكره،
حب وصل إلى  
طريقٍ مسدود.
**
ثمة موتى يتجولون في صدري، 
يتوغلون في ألمي
كي أتخفّف من حياتي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي

حين وقعت بين يديّ المجموعة الشعرية “مؤامرة الحبر، جنازات قصائد مذبوحة”[1] للشاعر فرهاد دريعي، وأردت الكتابة عنها، استوقفني العنوان طويلاً، بدا لي كمصيدة، كمتاهة يصعب الخروج منها فترددت في الدخول، لكن مع الاستمرار في القراءة وجدت نفسي مشدوداً إلى القصيدة الأولى بما تحمله من غنى وتعدد في المستويات، فهي تكاد تكثف فلسفة…

فراس حج محمد| فلسطين

لا أقول صدفة، فأنا لا أحبّ موضوع الصدف، ولا أومن فيه، لكنّ شيئاً ما قادني إلى هذا الكتاب، وأنا أتصفّح أحد أعداد جريدة أخبار الأدب المصريّة (عدد الأحد، 26/10/2025)، ثمّة نصّ منشور على الصفحة الأخيرة لـ “نجوان درويش”، بعنوان “بطاقة هُوِيّة”، لوهلةٍ التبس عليّ الأمر فبطاقة هُوِيّة اسم قصيدة لمحمود درويش، وهي…

مصطفى عبدالملك الصميدي/اليمن*

تُعدّ ترجمةُ الشَّعر رحلة مُتفَرِّدة تُشبه كثيراً محاولة الإمساك بالنسيم قبل أن يختفي سليلهُ بين فروج الأصابع، بل وأكثر من أن تكون رسماً خَرائِطياً لألوانٍ لا تُرى بين نَدأَةِ الشروق وشفق الغروب، وما يتشكل من خلال المسافة بينهما، هو ما نسميه بحياكة الظلال؛ أي برسم لوحة المعاني الكامنه وراء النص بقالبه…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

تَتميَّز الرُّوحَانِيَّةُ عِندَ الكاتب اللبناني الأمريكي جُبْرَان خَليل جُبْرَان ( 1883_ 1931 ) بِعُمْقِها الفَلسفيِّ، وقُدرتِها عَلى تَجاوزِ الماديَّاتِ ، والتَّعبيرِ عَن الحَنينِ إلى مَا هُوَ أسْمَى وأرْقَى في النَّفْسِ البشرية . وَهُوَ يَرى أنَّ الرُّوحَانِيَّة لَيْسَتْ مُجرَّد شُعورٍ أوْ طُقوسٍ تقليدية ، بَلْ هِيَ حالةُ وَعْيٍ مُتكاملة…