إبراهيم محمود
وتتشعب الصراعات والمجابهات مع عشائر كردية وعربية( مثال ذلك : الصراع مع عشيرة طي العربية . ص 173)، والخلافات مع عائلة بدرخان، حيث سيطر مصطفى باشا ( بشكل تام على المنطقة مستغلاً انضمامه إلى تشكيلات الفرسان الحميدية..ص174)، ولا يُخفى مدى الاستخفاف به من قبل البدرخانيين،وكما يتعقّب الباحث هذه النقطة، ومن ذلك لقبه بـ( مصطفى الأصلع.ص 175). وتزداد شكاوى الناس جرّاء تماديه في الظلم والعدوان دون جدوى نظراً للخدمات التي كان يقدمها للسلطان..” ص182″، جهة التغطية عليه، وما في ذلك من صراعات لها وطأتها وتداعياتها الضاغطة على مفهوم ” الكردية ” الحديث والذي يصلنا حتى بالحاضر، وما يتفعل في عمق الذاكرة الجماعية كذلك، وإبقاء الذاكرة الجماعية منقسمة على نفسها.
وربما يأتي مقتله تعبيراً عن الوضع غير المستقر، ولأن ليس من قوة شخصية بقادرة أن تضمن لنفسها السلام، وهي في وسط مضطرب، كما يظهر، وثمة تنوع في الروايات حول مقتله، وتشدد الأمريكية كلاين، على مصدر عشائري، والباحث ينتقدها لعدم وجود وثيقة ” ص 183).
وهو تشديد ربما يستمد مصداقية تاريخيةً ما له، من خلال التصادمات المتعددة المرامي .
وليخلص الباحث إلى نتيجة متمثلة في عدة نقاط، منها أن مصطفى باشا ميران كان يمثل الوجه السيء والقبيح – إذا جاز التعبير- لتشكيلات الفرسان الحميدية التي مارست دوراً كبيراً فيالأحداث التي مرت بها كردستان منذ سنة 1891 وهي سنة تأسيسها حتى ما بعد الحرب العالمية الأولى… ونقطة أخرى هي في عدم تفريق مصطفى باشا في اعتداءاته وغيرها (بين كردي مسلم وإيزيدي، وبين مسيحي أرمني أو آشوري..)، وأن الدولة العثمانية كانت تدعمه بكل قوتها ” ص187)، ما يسمح لنا بمكاشفة بنية اللعبة التي يخلط فيها الديني والاثني، وفي نطاق العصبية القبلية المزكّاة سلطوياً، ووضوح الهدف السلطوي، والذي يطرح لائحة من المناقضات في ” مزاد ” التعبئة الرعوية، ضماناً لنفوذ السلطة العثمانية هنا، وما التسمية التي جرى تدشينها من جهة الباب العالي، أي ” التشكيلات الحميدية ” إلا التأكيد الملحوظ لتلك الذهنية التي لا تعدِم الحيلة والوسيلة، في استخدام مختلف ” الملاقط ” وكمّاشاتها، حيث تعلَق بها رؤوس المتنفذين قبلياً أو وجاهياً، خارج المدينة وداخلها، تعزيز لمقام السلطة الملبَّسة دينياً: سنّياً ” هنا ” والممترسة عثمانياً، كهوية مطروحة إمبراطورياً، لتنجب لاحقاً وليدها الموعود تركياً.
وهي نتيجة لا تشكّل حكْماً مبرماً بالتأكيد، بمقدار ما تعزز مسوّغ طرحها في ضوء المدوَّن عما هو تاريخي، وعما جرى توثيقه وروايته بالمقابل، ليكون للتاريخ المقروء هنا شأن آخر كذلك.
ولعل الذي تعرض له روبرت أولسن في كتاب له، حول الألوية أو الكتائب الحميدية، يعطي انطباعاً مغايراً لمجمل المتداول تاريخياً، ليس بمعنى تثمين نشأتها ، وإنما النظر إليها من الزاوية التاريخية غير المنظور فيها كما يجب وعلى الصعيد الكردي بالذات.
يرى أولسن أن ( ألوية الفرسان الحميدية تمثّل، منذ تأسيسها سنة 1891 وحتى اندلاع الحرب العالمية الأولى المرحلة الأولى في عداد المراحل الأربع للقومية الكردية. ص 15.. وإن القبائل التي منحت الحق لإنشاء لواء أو كتيبة من الجنود جنت كثيراً من الفوائد ، وخلال عملية التنافس، كانت القبائل الكبرى- خصوصاً تلك التي لها سجل الولاء- مفضَّلة لدى الدولة، وكان من الضروري أن تكون القبائل سنّية المذهب، لتتناسب مع سياسة عبدالحميد بشأن الوحدة الإسلامية…ص33…ولقد كانت الألوية الحميدية في القمة من الأهمية حينما ظهرت القومية الكردية طوال عقدين..ص39..ويشدد على أهميتها خلاف آخرين إن فترة الألوية الحميدية كانت فترة فاصلة ضرورية في نهضة القومية الكردية ، وقد أسهمت في ترسيخ مشاعر التضامن بين الكرد السنة…ص43 ..) ” 9 “
ذلك ما يسمح بالنظر في أكثر من اتجاه كما تقدَّم، وما في ذلك من اختبار للكرد وتلك القوة الظلّية التي استثمروها، وبرزوا بها ولو في خدمة مصلحة جانبية،إنما كان ذلك تعبيراً عن نوعية القوة لصاحبها، ولمن سخّرت له عن بُعد، وللآخر: الخصم بالمقابل، حيث جرثومة العشائرية فاعلة كثيراً هنا، وتجربة تاريخية لا يمكن تجاهلها، بالنسبة للمواجهات مع السلطة وتمثيلاً للمفهوم القومي للقوة هذه . أما عن آلية العمل بها، وكيف جرى تقويمها كردياً، فذلك شأن آخر. ما يهم هو تبيّن الأطراف الكردية التي انخرطت في لعبة الكتائب الحميدية ، والشرعنة التي أضفيت على أعمالها، لنوعية قواها بالملموس هذه المرة، وما إذا كان في الإمكان تعزيزها أو ضبطها تكيفاً مع تحدّ مختلف، أي يتم به تجاوز خيمة القبيلة إلى فضاء المدينة السياسي المحرَّر من دسيستها الذهنية والاجتماعية .
أي كيفية توظيف الخبرة، وإلى أي مدى ومع من. أولسن نفسه يذكر أن (معظم القادة الذين خططوا لثورة الشيخ سعيد كانوا قادة سابقين في الألوية الحميدية، وكانوا قد قمعوا بقسوة قبيلتي هُورمَك ولولان العلويتين، وأن خالد بك جبران من أولئك القادة، وهو من قتل زَيَنل بن إبراهيم تالو زعيم قبيلة هورمك …) ” 10 ” .
سيقال إن ذلك انحراف عما هو منشود تاريخياً، سوى أن المنشود هنا لا يُعهَد به إلى التاريخ، إنما إلى من يستأثر به، أي إلى طبيعة الوعي الموجّه للقوة، وعي التاريخ الذي ينبني على وعي الذات والآخر، حيث تمثُل مفارقة صارخة، وهي في إدانة التاريخ، لأنه، كما يُزعَم لم يستجب للرغبة القومية الطابع كردياً، وتجاهل مقام الإرادة الفاعلة غير المؤهّلة لأن تقيم في التاريخ ما يجعل لها موقعاً وحدوداً وسلطة موحَّدة واقعاً .
وفي بحث : دبلوماسية المسألة الشرقية كأساس لاتفاقية سايكس- بيكو، سازانوف 1804-1920 ” حالة كردستان “، متابعة تاريخية- جغرافية متشعبة، انطلاقاً من مصطلح ” المسألة الشرقية ” و( المقصود به هو النزاع الذي اشتد بين الدول الأوربية الكبرى في المدة من أواخر القرن الثامن عشر حتى انتهاء الدولة العثمانية في عام 1923 حول النفوذ في تلك الدولة وصراع هذه الدول من أجل اقتسام ممتلكاتها ..ص 200)، طبعاً ليكون الكرد ضحاياها الكبرى، على وقع اتفاقية سايكس بيكو ( 16 أيار 1916 )، وهم في دائرة صراع ( الدول الكبرى في القرن التاسع حول ممتلكات الدولة العثمانية في آسيا..ص223)، ومن المؤكد أن قراءة البحث ضرورية للوقوف على التفاصيل الدقيقة، ولأن هناك معلومات لم تقرَأ في زمانها ومكانها، تكشف عن البنية السياسية للحدث المفصلي القاتل طبعاً، واعتماد مصادر موثَّقة في ذلك.
وإذا كان الذي كاشف الباحث خفيَّه في الاتفاقية تلك، وفي متابعة توثيقية واستقصائية، فإن سؤال الاتفاقية هذه لا يزال مطروحاً بقوة، كما لو أن المشهد الكارثي هو عينه زماناً ومكاناً، من ناحية، ولأن مئوية لوزان على وشك بلوغها النصاب” القَرني ” والوجوه هي المتغيرة، بصورة لافتة، ما يعني أن اتفاقية سايكس- بيكو، لم تنفد صلاحيتها بعد، من ناحية أخرى .
وفي بحث : التطهير العرقي للكرد في تركيا ” حملة ديرسم 1937-1938 “استعادة لتاريخ لا يُنسى في عنف المتحصّل فيه دموياً، جرّاء ارتكاب مذبحة مروعة من قبل تركيا، حيث جاءت المذبحة كعقاب فظيع لإقليم ديرسيم وأهلها( وهو الذي اشتهر في التاريخ الحديث بتحديه الدائم للدولة العثمانية، ولهذا تم إرسال ما لا يقل عن إحدى عشرة حملة عسكرية لقمع سكانها منذ 1876 ..ص 236). والهجوم التركي يتم من جانب واحد خطط له عسكرياً، وليس لوجود انتفاضة ضد النظام الأتاتوركي، وصلة ذلك بكثافة حقد النظام على الكرد في ديرسيم.. نعم، ما جرى، وكما يقول الباحث، ومن خلال ( أغلب المصادر المحايدة على أنها كانت تمثل حملة لإبادة جنس الكرد ( جينوسايد ) بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ..ص 248 ). وليكون ذلك تجسيداً ليس لطغيان العنف التركي الدموي، وإنما للعبة القوى الدولية التي منهجَت لاستمرارية لعبة جينوسايدية أو تصفوية كهذه، وتعبيراً عن ضعف أو استضعاف الآخر الذي يقدَّم، هنا وهناك، على مذبح شهوات متقاسمي كردستان ومجزّئي الكرد، واللعب بمصائرهم.
إن مخاتلة ذات صبغة تاريخية في هذا المقام، تتمثل في اعتذار أردوغان عن مذبحة ديرسم، وهو اعتذار لا ينبغي النظر إليه خارج نطاق ” السمسرة ” على مصير شعب بكامله، تبعاً لتوافقات بين أطراف ذات علاقة، وضرباً من العمى التاريخي، لأن ديرسم تتقدم هنا في ثوب مذهبي: علوي، وما في ذلك من دغدغة المشاعر، واسترضاء للمعني المباشر: إيرانياً، وتحديداً، حين نشهد بـ” أم العين ” استمرارية محاولات العنف الاستئصالي كردياً بزعامة تركية، في جهات مختلفة كردياً: عفرين، سري كانيه، كري سبي، والتهديد الموجه إلى الكرد وطموحهم، أي حيث لم يعد الكرد في وضعية أمان – ولو نسبية، حتى مع الحدود التي تقاسمتهم، إنما وهي ترتقي إلى مستوى الفكوك المفترسة وذات السعة الهائلة والشديدة الدمار .
ولعل تركيز الباحث على الأداء التاريخي للجريدة أو المجلة، وتغطيتها لوقائع أو مستجدات كردية، لا يخفي حركية المعلوم لديه، جهة المجهول في التاريخ الكردي، والرهان عليها، ولهذا نتلمس هذا الحضور اللافت للصحافة، وتعددية الأدوار التي تقوم بها لسد فراغ معين وأكثر، والإجابة على أكثر من سؤال ملحاح بمرجعيته الكردية، تجاوباً مع تصدعات الواقع ، إذ(تميزت الصحافة منذ نشوئها ومازالت، بمكانة خاصة في حياة الشعوب فكانت الصوت المعبّر عن حريتها، والمدافع عن حقوقها، والمساهم بفاعلية في نشر وتطوير الثقافة بين صفوفها ) ” 11 “، وبالتالي، فإن التقدير المسمّي للصحافة الكردية، أو أي منبر صحفي يضيء جانباً من الواقع الكردي، لا يخلو من شهادة تاريخ دالة على أن صوت الصحيفة أو المجلة لم يكن من غنىً عنه، حيث يُفتقَر إلى الكتاب، وحاجة الكتاب هذا إلى جملة من الشروط المكانية- الزمانية، ليكي يبصر النور، خلاف الصحيفة أو المجلة .
وفي هذا المضمار المأخوذ بالحراك التاريخي من على صفحات الصحافة، لا بد من الإشارة إلى ذلك الكم الهائل من الصحف في العراق بالذات، وهذا لم يأت اعتباطياً، إنما جاء ذلك تمثيل لطبيعة المجتمع العراقي، في تنوّع مكوناته، والصراعات التي حدثت فيه من شماله إلى جنوبه، وصلاته بالجوار الجغرافي، ووضع الكرد في ذلك، وهو ما يمكن أن يزيد محتوى كتاب الباحث معنى على معنى، جهة الرهان على الصحيفة، وكما يلاحظ اليوم كذلك ” 12 ”
بناء عليه، يكون سعي الباحث هو إضاءة هذا الجانب والتأريخ له أيضاً .
ففي بحث : الجريدة الكردية الأولى كُردستان في عدديها العاشر والثاني ” دراسة في المضمون “،لا يدخر الباحث جهداً في محاولة تنويع مصادره البحثية ناحية التاريخ الكردي خصوصاً، ونظراً لأن الصحافة على تماس حي بمجريات الأحداث، ولها مكانتها في الذاكرة الكردية بالمقابل، وتستجيب للضرورة التاريخية بالنسبة لواقع الكرد المجزأ، حيث ( تمثل الصحافة الكردية في الوقت الحاضر بالنسبة للتاريخ الكردي الحديث والمعاصر أحد أهم المصادر التاريخية التي لا يمكن الاستغناء عنها في كتابة البحوث والدراسات التاريخية ..ص 294). ولصحيفة كردستان دورها الريادي في هذا المضمار، في العددين المذكورين طي العنوان، ويكون لعبدالرحمن بدرخان دوره التنويري هنا،من ذلك ما يقوله في مقالة له كتبها باللغة التركية العثمانية في العدد العاشر، تحت عنوان ( عرض حال للسلطان عبدالحميد الثاني ) يقول في مستهلها عن ( أنه شق عصا الطاعة عليه وخالف الرعية لوقوع مظالم كثيرة داخل الدولة العثمانية وأن هناك جملة من الأسباب دفعته إلى ذلك. ص 297)، وما كتبه في مقال آخر في العدد الثاني عشر وهو ينقد السلطان العثماني المذكور، وبيان مساوئه ( ثم يشبه الدولة العثمانية ، أو بالأحرى سلطانها وحكومته بالذئاب التي ترعى الشياه..ص 304). وما يوازي هذا النقد من نقد آخر إلى علماء الدين الإسلامي بين ناصح ومنبّه ومنتقد . ( فقد رأى بأن هؤلاء يمثّلون الفئة المتعلمة من الأمة الكردية التي كانت غالبيتها أمية في أواخر القرن التاسع عشر حتى بدء الحرب العالمية الأولى ..ص 309 ).
وهوما يذكّرني بقول لأكرم جميل باشا (وإذا استثنينا نحو عشرة من العلماء المحترمين أمثال خواجه حمدي أفندي وخواجه كومرجي، كان هناك مئات الملالي في زي العلماء والمشايخ اللصوص والملعونين والخائنين.) ” 13 ” .
وهكذا ينبري الصوت الكردي المنبّه والناقد عبر جريدة ” كردستان ” في بحث ( جريدة كردستان وروسيا القيصرية 1898-1902 : دراسة في موقف جريدة الكرد الأولى ( كردستان ) من روسيا القيصرية)، وللجريدة هذه ذيوع صيتها، ولهذا ( مثَّلت جريدة كردستان الأولى الصوت المعبر عن الرأي الكردي علىة المستويين الثقافي والفكري من الأحداث التي كانت تعصف بالكرد في تلك المرحلة التاريخية أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن القرن العشرين.ص 324)، حيث يظهر عبدالرحمن بدرخان بك، مدى تمادي روسيا القيصرية في مطامعها واستغلال الكرد والوقوف ضد تطالعاتها القومية.. وهناك عشرات الأمثلة الدالة على هذا السلوك الاستعماري الروسي وقوى أخرى معادية للكرد .
هكذا- أيضاً- يكون الحال مع بحث : بهدينان في جريدة ” موصل ” 1902-1906 ، وما في ذلك من تغطية تاريخية لمنطقة بهدينان قبل أكثر من قرن من الزمان،وأهمية هذا البحث تتأتى من خلال قلة المدوّن عنها، وأن الذي تأمن من هذه الجريدة كان بصعوبة بالغة ” ص 354″. إن الذي يشكل إجابات لأسئلة الباحث من مثل ( كيف كانت الحياة في بهدينان خلال تلك المدة؟ وكيف كان شكل الإدارة العثمانية فيها؟ ما هي أبرز المشكلات التي كانت تعاني منها بهدينان؟..إلخ .ص355)، فاعلة في تقريب صورة بهدينان من الأذهان، من خلال متابعة قائمة على تنوع الأمثلة، تخص كلاً من قضاء دهوك- زاخو- العمادية- عقرة- سنجار، والفساد الإداري، هنا مثلاً ( إشارات كثيرة في جريدة ” موصل ” عن الفساد الإداري والمالي في أقضية بهدينان..ص 366)، ويشار أيضاً إلى النزاعات العشائرية في بهدينان، وهي متنوعة ( صص 378-381)، إلى جانب موضوعات أخرى عن أنشطة الحياة اليومية في بهدينان ووقائعها،وتغطية الجردة لها حيث تميزت بيأنها كانت ( خبرية بامتياز، ويرجع إلى أنها كانت جريدة رسمية ناطقة باسم حكومة ولاية الموصل..ص392).
ومن المؤكد أن معاينة لجريدة أو صحيفة كهذه، حيث العثور عليها صعب، بمثابة فتح معبَر صعب في جبل تاريخي صلد، والتأكيد على أن ليس كل معلومة تاريخية تتحصل بيسر، وربما شكل البحث والتنقيب في جريدة، يرجع تاريخها إلى قرن وخُمْس القرن، مسافة نوعية تاريخياً، وبالنسبة لشعب أشكلَ مفهوماً على المستبدين به، مثلما أشكل عليه اسمه، جرّاء انقساماته، وتلك الضغوط عليه، ليكون كل مسمّى طي جغرافية كهذه، اكتشافاً جديداً يتعزز تاريخياً .
أما بحث : موقف مجلة كردستان من المسألة الأرمنية 1919-1920، فاستعادة لتاريخ سابق، لا أظنه بصائر إلى ما هو ماض لأن ما جرى فيه لازال يشغل الأذهان، وما اهتمام الباحث هوكر به، كما رأينا سابقاً وهنا، إلا تعبيراً عن أن هناك نوعاً فائضاً من دَيَن التاريخ القائم بحمولته الثقافية وغيرها، وما تركيز الباحث على هذه النقطة من خلال هذه المجلة، إلأ لأن هناك معلومات تنتمي إلى رحابة التاريخ، وتم العثور عليها بصعوبة ” ص 408″، إلى جانب صعوبة الترجمة لأن محتويات المجلة كانت بالتركية العثمانية، إلى جانب ملاحظة مهمة، وهي أن ( أغلب كتّاب المجلة الذين تناولوا هذا الموضوع وأشيرإلى أسمائهم غير معروفين وسيرتهم الذاتية مجهولة . ص 410)،من ذلك ما تطرق إليه ( محمد عثمان بدرخان ) في مقاله ( تشبثات ) المنشور في العدد الخامس بخصوص الطروحات الأرمنية عن الكثرة العددية للأرمن، حيث يشير بأن عليهم ( العودة إلى الإحصائيات التاريخية، لكي يتأكدوا أن مطاليبهم ليس لها أساس من الصحة.,.ص 420). ومن ضمن ما يخلص إليه الباحث قوله أنه ( لأول مرة في تاريخ الكرد الحديث يكون للكرد صون يناقش ويحاجج الأ{من في ما يذهبون إليه من ملء الوثائق الأجنبية وصدور المطبوعات الأرمنية والأجنبية على حد سواء بالعديد من الإحصائيات والخرائط التي تثبت من وجهعة نظرهم أرمنية الولايات الست، فقد حاول القائمون على هذه المجلة قدر الإمكان الإجابة على تلك المعلومات التي يستند إليها الأرمن، كما يلاحظ أن الكرد في حججهم كانوا يستندون إلى مبادىء علمية أخرجوها من بطون الكتب التاريخية والجغرافية..ص 436). وهو ما يعيد إلى الأذهان تلك السجالية التي كان لها ممثلوها ومروجوها، وفي مناخ ساخن جداً، لنشهد أكثر من صراع، في ضوء الرهان على الجغرافية وكيفية احتوائها، دون التقليل من الدور الملحوظ لما هو سجالي، في ضوء التحولات المتسارعة في المنطقة، وهذا ما يشكّل تحدياً للباحث الكردي في التاريخ، والمؤرخ الكردي، وهو يعيش هذه المتغيرات، وهو يجد نفسه على تماس مباشر معها، كما لوأنها وليدة اللحظة، وهو ما يذكّر بعملية تطويب التاريخ مستحدثاً، هو ما يمثّل اخباراً عالي المستوى، لقدرات كل من الباحث والمؤرخ معاً، وكيفية التمييز بين التاريخ كمادة، كموضوع، وكمؤثر ثقافي، والمعني به باحثاً أو مؤرخاً مأخوذاً بعلمية العلاقة .
وهو ما يستدعي ذلك المتطلَّب المعرفي، وهو أنه ( ينبغي أن يكون ماثلاً في الذهن أن تاريخ كردستان وتاريخ الكرد هما في الحقيقة مجالان يتميز كل واحد منهما عن الآخر، وهذه المسلمة البديهية، لكن الأساسية، هي ما يعوز غالبية المحاولات الرامية إلى تدوين ومفصلة التاريخين معاً، وغيابها يكمن في قصور هذه المحاولات. ) ” 14 “.
وحالة الفصل هذه في غاية الحساسية، انطلاقاً من موقع الناظر إلى مادته التاريخية، بحيث إنه يكفي المعني بكتابة ما هو تاريخي اعتباراً، وهو يسلَم من النقد، ذلك ما يمكن التشديد عليه، بمقولة باحث تأريخي كردي، مصادق على القول الآنف الذكر، جهة العباءة القبائلية، حيث (القبائل تشكل أحد مكونات الفضاء السياسي الكردي وإن كان من المكونات التي يعاد تشكيلها باستمرار.) ” 15 ” .
وهو ما يمثّل تسويراً عالياً أحياناً، بمكوّنه العقائدي والتكتلي واللاشعوري، لنظرة الكاتب الكردي، وهو ما يُسمى بالنسق السياسي بجلاء،، بتعبير من هو ضليع في شأن الكردية وتاريخها (الجدير بالذكر أن النسق السياسي المستقل الجامع للكرد لم يشهد يوماً تطوراً في اتجاه تخطي المرحلة القبلية .) ” 16 ” .
…إلخ .
وما ينشغل به الباحث هوكر، وما يتعرض له في سياقات مختلفة، يؤخَذ بعين الاعتبار، وتحديداً لأن المطروح لا يخفي حداثته، بالعكس، إنه يدفع بموضوعه وفيض دلالته إلى الحاضر، وتردد صداه إلى الآتي بالمقابل .وليس في ذلك من غرابة، إذ طالما أن الكردية لم تعرَف بوحدتها: اسماً وكياناً سياسياً وحدوداً، سوف ينظَر إليها، كما لو أنها تعيش مخاض كل ما تقدَّم، وأن كل ما يكتَب باسمها، حتى لو كان الموضوع ينتمي إلى تاريخ غابر، صنيع اللحظة مباشرة .
وفي السياق نفسه يأتي بحث: التهجير واللاجئون الكرد خلال الحرب العالمية وبعدها في ضوء مجلتي كردستان وزين 1918-1920، تأكيداً آخر على الدور الخطير والمفصلي للصحافة، وبالنسبة للكرد جرّاء وضعهم السياسي الخاص..
وبمقدار ما يثمّن الباحث دورالصحافة الكردية القومي الطابع في تغطية الأحداث التاريخية المختلفة، والمأساوية هنا على وجه التحديد، يأتي استنكاره واستغرابه من صمت العالم المجاور تجاه ما تعرض الكرد من محن، كما في حال ” التهجير ” القسري للرد ” وتحت مظلة العنوان السالف ذكره( فعند البحث والخوض في المصادر التاريخية التي تحدثت عن التهجير الكردي نجدها قليلة جداً تُعد على أصابع اليد الواحدة ، يضاف إلى ذلك أن تلك المصادر بدورها مرَّت مروراً عابراً وسطحياً على التهجير الكردي في الحرب العالمية الأولى . ص 445).
كما في هذا المشهد المريع(سيفرق الكرد على شكل قوافل صغيرة، ويجردون من السلاح ، وترسل قوافلهم إلى مناطق متفرقة شرط أن لا يتجاوز عددهم ما نسبته( 5 بالمائة ) من عدد السكان في تلك المناطق..إلخ وسوف لا يرجع اللاجئون الكرد إلى أماكنهم القديمة..ص449).
هناك أمثلة كثيرة، وإيراد مثال واحد، يوجه النظر إلى البقية، وكيفية الربط فيما بينها في كلتا المجلتين، وسياسة التهجير التعسفية والتصفوية المعتمدة ضد الكرد.. أي حين يتم إفراغ المكان من أصحابه. وما يعزز هذا التصور، ما أفصح عنه الباحث في الخاتمة، وفي الاستنتاج الأول مثلاً ، جهة الدور الذي قامتا به ( إن هاتين المجلتين تعدان المصدرين الأساسيين عن التهجير الكردي الذي وقع للكرد في ولايات أرضروم، ووان، وبدليس، ذلك لأن الجيش الروسي كان قد احتل الولايات الثلاث خلال تلك الحرب..ص 467 ) .
ومن السهل القول هنا أن أي شعب يخفَّض اسماً ومقاماً تحت وطأة سياسة الدولة القائمة على تمييع مفهومها السياسي السلطوي، والتمثيل الأحادي لمجتمعها، لا بد أن يكون الضحية المنذورة دائماً لما هو تصفوي: اجتماعياً، ثقافياً، وسياسياً، والتهجير الذي يبقي المكان أبعد ما يكون عن الثبات، إنما حلبة صراعات مشغولة بألاعيب السلطة الطاغية، هو من ضمن علاماته الفارقة، حال الكرد في تاريخه الطويل، وكما هو الممكن التعرض له في نطاق حدودي، وتقلبات الحدود المجزأة كردستانياً ” 17 “
اللافت أن الباحث يمارس دورين مركَّبين، من خلال قراءته التاريخية هذه، الأول، هو تسليط الضوء على هذه المجلة أو الجريدة الكردية، وفي أزمنة مختلفة، وهي حديثة طبعاً، واعتماد نماذج قرائية تشكّل رصيداً تاريخياً له وزنه الاعتباري لكي تؤكد الصحيفة أو المجلة: مصدر البحث مكانتها، كمرجع تاريخي، والثاني، هو العائد إلى الباحث نفسه، حين يصل ما بين البدايات المرسومة، والنتائج المستخلَصة التي تعطي فكرة عنه هو بالذات، وطريقته في إبراز المختلف.
ولعل البحث الذي كتِب بالكردية وفي نهاية الكتاب ، والسالف ذكره يعمّق مأثرة الدور التاريخي والنضالي للصحافة الكردية، وهذا ما يسجّل اعتباراً كفاحياً وكردستانياً لهكاري عبر مجلتي : زين وكردستان 1918-1920، وإظهار سمة الغيرة القومية لديه وهو باحث وشاعر في آ حيث إنه ( في مقالاته وأشعاره والتي بلغ عددها 34 موضوعاً، يتحدث عن تاريخ الكرد ومآسيهم في تلك الفترة، وكيف يمكن حل هذه القضايا..ص 475) وذلك الإصرار لديه بوجوب التلاحم في وحدة الكرد وتسخير قواهم في خدمة قضيتهم،وقوله ( علينا أن نعلم جيداً أننا هذه المرة، إذا لم نكن أهلاً لحقنا ، فإننا سندخل التيه إلى الأبد، ولن تعود هناك لا الكوردية ولا الكرمانجية، وأن أولادنا سوف يرتدّون عن الدين ( معاذالله )، وأنهم سيحفرون قبورنا، وسيخرجون عظامنا ويرمونها جانبا يصبّون علينا اللعنات . 480). تجسيداً لهذه الإرادة الواعية والإخلاص للقضية لأن الذي يفصّل فيه ليس من نسج الخيال وإنما من معايشة وجدانية مع الواقع .
وما في شعره من تمثيل لهذه المأساة في قصيدة ” أنين يتيم “:
أصبحت يتيماً بلا أم ولا أب
أحرَقوا بيتي وخرَّبوه
أريد رغيف خبز لأعيش
لا يرحمونني إنما يحقدون علي
انصِفوا يا بني آدم
أنا أيضاً إنسان أكثر منكم شأناً…إلخ ..ص 489.
ليخلص في النتيجة إلى إبراز دوره ومكانته، والاهتمام به، ذلك من حقه، واعتراف بجميل دوره التاريخي، حيث إن الذي توقّعه هكاري، ويدفع الكرد ضريبة ذلك، إنما يرتد إلى الفترة المحيطة بعامي1918-1920 ” ص508 ”
وهو ما يتطلب، ومن منطق البحث هذا، وجوب النظر في أدوار شخصيات كهذه، تمثل ذاكراتها الثقافية أرشيفات نابضة بحيوات شعب مطعون في صوته ولونه وهيئته سياسياً !
بالطريقة هذه، يكون الكتاب قد أتم ” مشواره ” إنما وقد تحرر من إطاره ككتاب، وقد أظهِر فيه ما يبقيه معرَّضاً لأكثر من قراءة، أو ما يحفّز القارىء على إقامة أكثر من علاقة معه، إن في وحدته ” من خلال العنوان المميّز له ” أو في تنوع موضوعاته، حيث يمكن الحوار مع أي منها دون غيرها، أو ربطها بسواها، أو تعميق أثرها، اعتماداً على الثراء الحاصل في بنية مفهوم التاريخ، والكتاب المنتمي إليه، واللامؤطَّر في علاقاته، حيث يتقابل العياني والذهاني، وتسمح القراءات الحديثة بطابعها الميكرسكوبي لمساءلة ما لا يخطر أحياناً على ذهن الكاتب نفسه، ولمصلحة الكتاب بالذات، ولهذا يكون هذا الكتاب مدرجاً في نطاق التاريخ الحديث .
والسؤال الطارح نفسه في ضوء ما تقدم: هل من إمكان لـ: وماذا بعد ؟
نعم، ليس من هامش، أو حد، أو تعهّد معين، يلزم بقول ما لا قول بعد في التعريف أو التوصيف أو المناقشة .
ثمة ما يترتب على القراءة هذه، وبالنسبة للباحث الكردي، زماناً ومكاناً واعتبار مكانة وثقافة وأفق رؤية تحديداً، حيث منطق العصبية الخلدوني المستحدث يتفعل انقسامياً:
ماالذي يجدر التنويه إليه ليكون بمثابة استشراف لما يمكن النظر فيه،وما من شأنه رؤيتنا لأنفسنا بسوية أكثر؟ ونحن متجهون إلى مئوية ما بعد لوزان 2023، وأشباحها القائمة !
لعل الذي تفوَّه به الباحث الكردي في التاريخ حميد بوزأرسلان، له طابع نبوئي (إن قدرة الأفراد أو المجتمعات على إدراك الحاضر والمستقبل كتعاقب واضح للفواصل الزمنية، يرتبط بالفعل ارتباطًا وثيقًا بالمعنى الذي يمكنهم تقديمه لماضيهم. وإذا كان هذا الأخير عنيفًا للغاية ومليئاً بالأحداث المهمة ، فلا يمكن للجهات الفاعلة المعنية تنظيم تاريخهم المباشر عقلياً لجعل تجارب مفهومة ، مفصولة بجداول زمنية واضحة. ومع تعاقب الهزات بالسرعة المذهلة التي تميز هذين العقدين ، أصبح الماضي كتلة مشوشة من الأحداث المأساوية التي تقاوم أي تصنيف عقلي. وكان من الواضح أن كل حدث من هذه الأحداث كان ذا أهمية في حد ذاته وكان له معنى في السياق الذي كان له في الوقت الذي حدث فيه ، ولو لأنه تسبب في مئات ، إن لم يكن الآلاف ، من الوفيات. ولكن لم يكن أي منها تقريبًا بمثابة حلقة تمثل بداية أو نهاية فترة في حياة فردية. ومنع انتشار الأحداث وعنفها المجتمعَ الكردي وحركاته ومقاتليه – وكذلك المجتمعات التركية والعراقية والإيرانية – من إعطاء معانيَ ذات مغزى لها وترتيبها في تسلسل هرمي ..) ” 18 “.
وهو ما يمكن تبيّنه بصورة أفضل في ضوء المقروء، وسؤال: ماالذي أحال دون ظهور الكرد في كيان سياسي يمثّلهم، وحتى جزئي، مشهود له بالاستقرار، ووضوح العلاقة دستورياً، كما في حال علاقة كرد إقليم كردستان بحكومة المركز، حيث قراءة الخريطة السياسية لبنية الدولة العراقية المتشكلة حديثاً قبل قر من الزمان، وموقع الكرد فيها، تقرّبنا من واقع الكرد المر ليس في العراق وحده، إنما في الجوار الممزّق لما هو كردستاني، حيث يكون اللوياثان الجديد ” 19 “
أن نقيم علاقات حوارية بين الأحداث التي ثمثل مفاصل حركية للتاريخ الكردي، وأن نكون على بيّنة من أنه مشهود لها بالطابع التراكمي، ليكون هناك نسيج حي يصلح لتركيب رؤية أكثر صلاحية لتفهم التاريخ، تاريخ منفصل عنا، له اعتباره الذي لا يستهان به، وحيث نكون مستقلين عنه، وعمّن يشكّلون أسلافاً لنا،دون أي ترسيم لهم، ولا بأي صورة، بوصفهم أوصياء علينا ، أو مرجعية قطعية لوعي ما حدث ويحدث تاريخياً، لنحسن تدبيره، وليُعترف بنا أحياء بالفعل !
إن قراءة الكتاب في ضوء المثار في مختتم هذا المبحث، ستعني شيئاً آخر، ومكاشفة أخرى وبحكْم القراءة المؤثّرة تحديداً، ومن قبل باحث مسكون بهاجس البحث المعرفي التاريخي، وحين يقدّم نفسه باسمه بعيداً عن رافعة التسمية الأكاديمية السائدة، أي بصفته دكتوراً، كما الحال طيَّ العنوان: هوكَر طاهر توفيق، وهو إجراء مغاير متَّبع من جهته، ربما لكل، أو للأغلبية الساحقة ممن يضفون علامة معرفية وعلمية فارقة على اسمهم، من خلال تحميله بهذا اللقب، يكون المردود المعرفي- العلمي شاهد عيانه! هنا وليس الـ ” د ” واقعاً..!؟
هوامش :
1-هوكَر طاهر توفيق: قومية بلا عنوان أو أسباب عدم تأسيس دولة كوردية 1880-1925، مؤسسة موكرياني، أربيل،2006 ، ص 5-6-7 .
2-هوكَر طاهر توفيق: الكُرد والمسألة الأرمنية 1877-1920، دار آراس، أربيل،ط1، 2012، ص 7 .
3- المستر ستيفن هميسلي لونكريك: أربعة قرون من تاريخ العراق ” كتاب يبحث عن تاريخ العراق في العصور المظلمة”، ترجمة: جعفر الخياط، ط4، ص 20 .
4-إبراهيم محمود: شجرة قابيل” العراق أم واحدة وأزواج كثيرون “، دار سطور، بغداد- ط1، 2019، ص 586 .
5- د. كاظم حبيب: لمحات من عراق القرن العشرين ” العراق الملكي: الجزء الأول بداية الاحتلال البريطاني للعراق ونهاية الانتداب 1914-1932 ” دار آراس- أربيل، ط1 2013 . الكتاب الثالث، ص 39 .
6- وديع جويده: الحركة القومية الكردية” نشأتها وتطورها “، قدم له: مارتن فان بروينس، ترجمة: مجموعة من المترجمين، إشراف وتدقيق: غازي برّو، دار آراس- الفارابي، أربيل- بيروت، ط1، 2013،ص96.
7- د. عثمان علي: الكورد في الوثائق البريطانية، مؤسسة موكرياني، أربيل، ط1، 2008 ، ص 344 .
ربما بهذا المعنى، يشير روبرت أولسن: تاريخ الكفاح القومي الكردي 1880-1925 ، ترجمة:أحمد محمود الخليل، دار الفارابي بيروت، دار آراس- أربيل، ط1، 2013، إلأى ما تقدَّم، قائلاً إلى أن سبب الاختلاف بين سيد عبدالقادر وأمين عالي بدرخان هو أنه يفضل حكماً ذاتياً على كردستان ممزقة..ص62.
8- سي. جي. ادموندز كوردٌ وتركٌ وعرب، ترجمة جرجيس فتح الله، دار آراس- أربيل، منشورات الجمل- بيروت- بغداد ، ط1 ، 2012 ص 127 .
9-روبرت أولسن: تاريخ الكفاح القومي الكردي 1880-1925 ، ترجمة:أحمد محمود الخليل، دار الفارابي بيروت، دار آراس- أربيل، ط1، 2013 وقد وردت أرقام الصفحات في المتن تجنباً للتكرار .
10-المصدر فسه ص 205 .
11- د. وائل عزت البكري: تطور النظام الصحفي في العراق 1958-1980 ” دراسة تحليلية “، وزارة الإعلام والثقافة، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1984، ص 5 .
12-حسبي أن أشير إلى بعض العناوين التي تشدد على مثل هذا الإجراء :
فيصل حسون: صحافة العراق ما بين 1945-1970، د.ت. ومكان النشر.
د. فائق بطي: الموسوعة الصحفية العراقية، دار المدى، دمشق، ط1، 2010.
أول عنوان فرعي للكتاب : الزوراء ميلاد الصحافة العراقية 1869 ، ص 9 .
فائق بطي: صحافة الأحزاب: تاريخ الحركة الوطنية، مطبعة الأديب، بغداد، 1969.
أ.د. خالد حبيب الراوي: تاريخ الصحافة والإعلام في العراق منذ العهد العثماني وحتى حرب الخليج الثانية ” 1810- 1991 “،منشورات صفحات، دمشق، 2010.
…إلخ.
وللتوسع في ذلك، ينظَر، كتابي، اليد والقفّاز ” التنوير البحثي والوثائقي في كتابات الأستاذ الدكتور عبدالفتاح علي البوتاني “دراسة، أربيل، 2016، مبحث: مؤرخ الصحيفة، صحيفة المؤرخ ، صص 101-113.
13- أكرم جميل باشا: مذكراتي،الترجمة من التركية إلى العربية:د. قدري الدياربكري، المراجعة اللغوية والتقديم: فدان آدم، بير، ديار بكر، ط3/ 2007 ، ص 27 .
14- ماريا أوشي في مقالها الكاشف: التصورات والتصورات الخاطئة عن التاريخ الكردي المبكر ، ضمن كتاب ” محرَّر” من قبل فالح عبدالجبار- هشام داود: الاثنية والدولة :الأكراد في العراق وإيران وتركيا، ترجمة: عبدالإله النعيمي، معهد الدراسات الاستراتيجية، بيروت، ط1/2006. ، ص 180 .
15- مبحث حميد بوزأرسلان: العصبية والسياسة الكردية من منظور اجتماعي تاريخي، في المصدر المذكور، ص 217 ، في المصدر نفسه.
16- وديع جويده: الحركة القومية الكردية” نشأتها وتطورها “، قدم له: مارتن فان بروينس، ترجمة: مجموعة من المترجمين، إشراف وتدقيق: غازي برّو، دار آراس- الفارابي، أربيل- بيروت، ط1، 2013، ص 96.
17-لعل الذي تعرض له السوسيولوجي التركي اسماعيل بيشكجي، في كتابه: التوطين القسري للكورد، ترجمه عن الكوردية وقدَّم له وعلق عليه إبراهيم محمود، إصدارات جامعة دهوك، مركز بيشكجي للدراسات الإنسانية، وبشكل خاص، بدءاً من : التوطين القسري للكورد: كيف واجهوا ظاهرة التوطين القسري، صص 120-178، يشكل إضاءة مهمة وموجعة لوضع الكرد، من جهة، وكيف أديرَ هذا الموضوع كردستانياً ، من جهة ثانية.
18-Hamit Bozarslan:Le nationalisme kurde, de la violence politique au suicide sacrificial,
Dans Critique internationale 2003/4 (no 21)
حميد بوزارسلان:القومية الكردية ، من العنف السياسي إلى الانتحار
19-عنوان كتاب السوسيولوجي العراقي المعروف فالح عبدالجبار: كتاب الدولة” اللويانان الجديد ” نقله إلى العربية: فريق ترجمة، منشورات الجمل، بغداد- بيروت، 2017،إنه الرمز الدال على التسلط والعنف المستشري في المجتمع العراقي، وفي لحظة انعطافية تاريخية مخيفة، كما ورد في التعريف بمحتوى الكتاب في التقديم: هذا الكتاب هو دراسة للدولة العراقية لجهة قيامها بخلق ما يمكن تسميته الأمة الحديثة في إطار نظام ليبرالي اقتصادي وسياسي ( 1921-1963)، ثم نزوع الدولة، لاحقاً، في مجرى تحولها من دولة تسلطية- عسكرية إلى دولة توتاليتارية- قرابية،ثم تمزيق نسيج الأمة ( 1963-2003).ص 12 ).ولا بد أن التصور الذي قدّم به هذا ” العراق ” منذ قرن، في كتاب المؤرخ العراقي عبدالرزاق الحسني: تاريخ العراق السياسي الحديث، دار الرافدين،بيروت، ط7، 2008 .ج1، حيث تردُ كلمة الطبعة الأولى: كان ” تكون الدولة العراقية الحديثة ” من أهم الأحداث التي تمخضت عنها الحرب العالمية في الشرق الإسلامي.ص5، وإيراد مقدمة الملك فيصل الأول، تلخيص خطبته:1-إن البلاد العراقية هي من جملة البلدان التي ينقصها أهم عنصر من عناصر الحياة الاجتماعية، ذلك هو الوحدة الفكرية والملية والدينية.2-في العراق أفكار ومنازع متباينة جداً، بأقسام: الشبان المتجددون، والمتعصبون، والسنة، والشيعة، والأكراد، والإقليات غير المسلمة، والعشائر، والشيوخ، والسواد الأعظم الجاهل..3-العراق مملكة تحكمها حكومة عربية سنية، مؤسسة على أنقاض الحكم العثماني، وهذه الحكومة تحكم قسماً كردياً أكثريته جاهلة، وأكثرية شيعية جاهلة،.. ثم: أخشى أن أتهم بالمبالغة، ولكنه من واجبي أن لا أدع شيئاً يخامرني، خاصة لعلمي بأنه سوف لا يقرأ هذا إلا نفر قليل ممن يعلمون وجائبهم ومسئولياتهم..ص11- أقول وقلبي ملآن أسىً: إنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد كتلات بشرية خيالية، خالية من أي فكرة وطنية، متشعبة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سماعون للسوء، ميالون للفوضى، مستعدون للانتقاض على أي حكومة كانت..ص12…إحالة تاريخية تستشرف بنا الواقع المتشظي عراقياً، والكارثي كردياً داخلاً وخارجاً.
ملاحظة : جرى ترقيم الهامش في البداية سهواً، وهو ما جرى ضبطه لاحقاً، أي بدءاً من المسجل في لائحة الهوامش. ووردت عبارة ” كاد جمع ” وهي تكاد تجمع ” في البداية، والواردة في الصفحة ” 23 ” من الكتاب.فاقتضى التنويه.