كونى ره ش
يعد الشاعر الكوردي المعروف قدري جان واحداً من أشهر الشعراء الكورد المعاصرين، ممن يحتلون مكانة مرموقة في (ديوان) الشعر الكوردي الحديث، ومن الذين تلهج الألسنة بذكرهم منذ نصف قرن وحتى الآن، إنه عبد القادر عزيز جان) قدري جان) من مواليد ديرك – جبل مازي عام 1911 التابعة حاليا لولاية ماردين في كوردستان الشما لية.
درس الابتدائية و المتوسطة في البلدة المذكورة و سافر بعدها إلى قونية للدراسة في دار المعلمين مع رفيق دربه اللغوي الكوردي لاحقا رشيد كورد، ولكنه فصل عن المدرسة لمواقفه المناهضة لسياسة التتريك فاتجه هربا من بطش الأتراك مع عائلته الى مدينة عامودا في جنوب الخط – بنى ختي – عام 1928 وكان عمره سبعة عشر ربيعا. وبعد مكوثه في منطقة الجزيرة السورية حوالي عامين أبعدته الحكومة الفرنسية المنتدبة على سوريا إلى دمشق، كي يكون بعيدا عن الحدود التركية، أسوة بالوطنيين الكورد من أعضاء جمعية خويبون، أولئك الذين ابعدوا إلى دمشق ووضعوا تحت الإقامة الجبرية في آب 1930.
في دمشق انضم إلى أعضاء جمعية خويبون وشاركهم في المؤتمر الأخير للجمعية عام 1931، وتعرف عن قرب على أغلبية نشطاء الكورد من أكراد دمشق والمنفيين إليها وبشكل خاص البدرخانيين وآل جميل باشا دياربكرلي وممدوح سليم بك وانلي وحمزه بك مكسي واوصمان صبري و حتى خالد بكداش..الخ. يبدو انه مذاك تأثر بآراء خالد بكداش الأممية، خاصة بعد إجهاض ثورة جبل آكري بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا، وليدة جمعية خويبون في عام 1927/1931، والانشقاق الواضح الذي بان من خلال المؤتمر الأخير للجمعية في دمشق بين أعضاء الجمعية من آل الأمير بدرخان من جهة وبين آل جميل باشا دياربكرلي من جهة أخرى.
حينها تبين لآل بدرخان وعلى رأسهم الأمير جلادت بدرخان؛ إن القيام بعمل سياسي وعسكري لأجل تحرير كوردستان عمل في غير وقته ومغامرة فاشلة. وبالرغم من المشاكل التي كانت تخيم على كوردستان كان الأمير على قناعة تامة بأنه ما زال بامكانهم أن يقوموا بمساع جادة وسريعة على الخصوص في سبيل تحكيم وتعزيز الأحاسيس القومية للمجتمع الكوردي من خلال إحياء اللغة، ونشر وتوسيع التعليم باللغة الكوردية وبعث التراث والفولكلور الشعبي الكوردي…وكان قدري جان من المشجعين الأوائل للأمير جلادت بدرخان في مشروعه الثقافي…وبالرغم من حداثة سنه، إلا انه شارك الأمير جلادت بدرخان في الكتابة لمجلتيه (هاوار: 1932-1943) و (روناهي: 1942-1945)، ولصحف شقيقه الأمير الدكتور كاميران بدرخان (روزا نو و ستير) في بيروت. فنشر أشعاراً وأقاصيص وحكايات تراثية ومقالات وترجمات ولقبه الأمير جلادت بالابن البكر لمجلة هاوار..
خلال فترة استقراره في دمشق تعلم العربية و تقدم للامتحان فحصل على شهادة تخوله التعليم في المدارس السورية ومنذ تخرجه عمل في سلك التعليم، ولاحقا عين مديراً لمدرسة الغزالي في مدينة عامودا بين عام 1941/1942.
سافر قدري جان إلى موسكو عام 1957 و كانت بداية تحول عميق في فكره السياسي ونقطة انطلاق للاقتراب أكثر نحو التيار القومي اليساري وذلك بعد أن أوصله العالم اللغوي الكوردي -قناتي كوردو – إلى البارزاني الخالد الذي كان يقيم آنذاك في موسكو وقدمه إليه كشاعر كوردي من سوريا حيث ألقى على مسامعه قصيدة – ذاهب أنا إلى موسكو..
بعد عودة البارزاني الخالد إلى العراق في عام 1958، توجه إليه قدري جان ثانية حاملا له هدية وهي عبارة عن قصيدة بعنوان: شير هات ولات – عاد الأسد إلى الوطن – وكذلك قصيدة : بارزاني قائد الكورد…
دخل قدري جان سجن المزة بين 1959 و1961 بتهمة الانتساب إلى الحزب الشيوعي السوري وليس من أجل المسألة الكوردية.
تأثر قدري جان في فكره السياسي من مصدرين وتيارين: قومي من البدرخانيين وقدري بك وأكرم بك جميل باشا وممدوح بك سليم وانلي وحمزة بك مكسي، وماركسي من أعضاء الحزب الشيوعي السوري وخاصة الكورد منهم وعلى رأسهم خالد بكداش وكان يساريا قوميا مختلفا عن التيار القومي اليساري الذي كان يمثله آنذاك: جكرخوين وعثمان صبري والفرق بين التيارين هو أن الأول كان ينطلق في مشاعره القومية الكوردية ومن المبادىء الأممية التي يوليها الأولوية معتبرا كورديته جزءا من الكل وأمرا ثانويا أما الثاني فكان يتعامل مع المحيط من منطلق قومي كوردي مقدما مصلحة شعبه الكوردي فوق المصالح الأخرى.
معظم أشعار وكتابات قدري جان كان ذا طابع أممي فقد نظم الشعر وكتب عن ثورة أكتوبر وموسكو ومؤتمر الشبيبة العالمي والنازية والنضال الطبقي والاشتراكية وثورات الفقراء وكان رقيقا ذا تعبير إنساني حول تلك القضايا التي آمن بها، إلى جانب ذلك لم يخل من العاطفة القومية الجياشة تجاه البارزاني الخالد والشهيد قاضي محمد ونضال الكورد في كوردستان تركيا.
يتبين لنا من كل ذلك أن (قدري جان) لم يكن شاعراً مغموراً في المجتمع الكوردي ، هيّـناً على ساحة الأدب، بل كان من شعراء الدرجة الأولى بين شعبه حيث تميز شعره بالتجديد والواقعية والأفق الواسع والمضمون الفكري الثري وبالعواطف الصادقة تجاه شعبه الكوردي وقضايا الحرية والسلام في العالم فضلا عن الشكل الفني القريب من القلب والمشاعر الإنسانية بلغة كوردية فصحى.
وهو الذي نظم هذه الأبيات على شاهدة قبر الأمير جلادت بدرخان:
أمير الكورد
ابن كوردستان البار
حفيد بدرخان
جلادت
يا صاحب التضحيات
ان كان جسمك قد
أودع الثرى
فأن روحك سرمدية
تعلو باريها
وتحمل في ثناياها
التضحية
في سبيل الوطن
ومن اجل العهد والميثاق
كانت روحك قرباناً وفداءً
ولتبق في وجداننا
خالداً ابداً
وبعد وفاته يوم 9/8/1972في دمشق، كتب رفيق دربه الشاعر عثمان صبري هذه الأبيات على شاهدة قبره:
يرقد في هذا القبر جسد
فتى لطيف وناعم
من ديريكا-جبل مازي-
يدعى قدري جان
وألف رحمة على روحه
كان شاعراً كوردياً
ومحباً وطنياً
لم يمهله قابض الأرواح
ضمت الأرض جسده
فأصبح هو الأخر ضحية
فارقنا نحن الكورد
في دمشق انضم إلى أعضاء جمعية خويبون وشاركهم في المؤتمر الأخير للجمعية عام 1931، وتعرف عن قرب على أغلبية نشطاء الكورد من أكراد دمشق والمنفيين إليها وبشكل خاص البدرخانيين وآل جميل باشا دياربكرلي وممدوح سليم بك وانلي وحمزه بك مكسي واوصمان صبري و حتى خالد بكداش..الخ. يبدو انه مذاك تأثر بآراء خالد بكداش الأممية، خاصة بعد إجهاض ثورة جبل آكري بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا، وليدة جمعية خويبون في عام 1927/1931، والانشقاق الواضح الذي بان من خلال المؤتمر الأخير للجمعية في دمشق بين أعضاء الجمعية من آل الأمير بدرخان من جهة وبين آل جميل باشا دياربكرلي من جهة أخرى.
حينها تبين لآل بدرخان وعلى رأسهم الأمير جلادت بدرخان؛ إن القيام بعمل سياسي وعسكري لأجل تحرير كوردستان عمل في غير وقته ومغامرة فاشلة. وبالرغم من المشاكل التي كانت تخيم على كوردستان كان الأمير على قناعة تامة بأنه ما زال بامكانهم أن يقوموا بمساع جادة وسريعة على الخصوص في سبيل تحكيم وتعزيز الأحاسيس القومية للمجتمع الكوردي من خلال إحياء اللغة، ونشر وتوسيع التعليم باللغة الكوردية وبعث التراث والفولكلور الشعبي الكوردي…وكان قدري جان من المشجعين الأوائل للأمير جلادت بدرخان في مشروعه الثقافي…وبالرغم من حداثة سنه، إلا انه شارك الأمير جلادت بدرخان في الكتابة لمجلتيه (هاوار: 1932-1943) و (روناهي: 1942-1945)، ولصحف شقيقه الأمير الدكتور كاميران بدرخان (روزا نو و ستير) في بيروت. فنشر أشعاراً وأقاصيص وحكايات تراثية ومقالات وترجمات ولقبه الأمير جلادت بالابن البكر لمجلة هاوار..
خلال فترة استقراره في دمشق تعلم العربية و تقدم للامتحان فحصل على شهادة تخوله التعليم في المدارس السورية ومنذ تخرجه عمل في سلك التعليم، ولاحقا عين مديراً لمدرسة الغزالي في مدينة عامودا بين عام 1941/1942.
سافر قدري جان إلى موسكو عام 1957 و كانت بداية تحول عميق في فكره السياسي ونقطة انطلاق للاقتراب أكثر نحو التيار القومي اليساري وذلك بعد أن أوصله العالم اللغوي الكوردي -قناتي كوردو – إلى البارزاني الخالد الذي كان يقيم آنذاك في موسكو وقدمه إليه كشاعر كوردي من سوريا حيث ألقى على مسامعه قصيدة – ذاهب أنا إلى موسكو..
بعد عودة البارزاني الخالد إلى العراق في عام 1958، توجه إليه قدري جان ثانية حاملا له هدية وهي عبارة عن قصيدة بعنوان: شير هات ولات – عاد الأسد إلى الوطن – وكذلك قصيدة : بارزاني قائد الكورد…
دخل قدري جان سجن المزة بين 1959 و1961 بتهمة الانتساب إلى الحزب الشيوعي السوري وليس من أجل المسألة الكوردية.
تأثر قدري جان في فكره السياسي من مصدرين وتيارين: قومي من البدرخانيين وقدري بك وأكرم بك جميل باشا وممدوح بك سليم وانلي وحمزة بك مكسي، وماركسي من أعضاء الحزب الشيوعي السوري وخاصة الكورد منهم وعلى رأسهم خالد بكداش وكان يساريا قوميا مختلفا عن التيار القومي اليساري الذي كان يمثله آنذاك: جكرخوين وعثمان صبري والفرق بين التيارين هو أن الأول كان ينطلق في مشاعره القومية الكوردية ومن المبادىء الأممية التي يوليها الأولوية معتبرا كورديته جزءا من الكل وأمرا ثانويا أما الثاني فكان يتعامل مع المحيط من منطلق قومي كوردي مقدما مصلحة شعبه الكوردي فوق المصالح الأخرى.
معظم أشعار وكتابات قدري جان كان ذا طابع أممي فقد نظم الشعر وكتب عن ثورة أكتوبر وموسكو ومؤتمر الشبيبة العالمي والنازية والنضال الطبقي والاشتراكية وثورات الفقراء وكان رقيقا ذا تعبير إنساني حول تلك القضايا التي آمن بها، إلى جانب ذلك لم يخل من العاطفة القومية الجياشة تجاه البارزاني الخالد والشهيد قاضي محمد ونضال الكورد في كوردستان تركيا.
يتبين لنا من كل ذلك أن (قدري جان) لم يكن شاعراً مغموراً في المجتمع الكوردي ، هيّـناً على ساحة الأدب، بل كان من شعراء الدرجة الأولى بين شعبه حيث تميز شعره بالتجديد والواقعية والأفق الواسع والمضمون الفكري الثري وبالعواطف الصادقة تجاه شعبه الكوردي وقضايا الحرية والسلام في العالم فضلا عن الشكل الفني القريب من القلب والمشاعر الإنسانية بلغة كوردية فصحى.
وهو الذي نظم هذه الأبيات على شاهدة قبر الأمير جلادت بدرخان:
أمير الكورد
ابن كوردستان البار
حفيد بدرخان
جلادت
يا صاحب التضحيات
ان كان جسمك قد
أودع الثرى
فأن روحك سرمدية
تعلو باريها
وتحمل في ثناياها
التضحية
في سبيل الوطن
ومن اجل العهد والميثاق
كانت روحك قرباناً وفداءً
ولتبق في وجداننا
خالداً ابداً
وبعد وفاته يوم 9/8/1972في دمشق، كتب رفيق دربه الشاعر عثمان صبري هذه الأبيات على شاهدة قبره:
يرقد في هذا القبر جسد
فتى لطيف وناعم
من ديريكا-جبل مازي-
يدعى قدري جان
وألف رحمة على روحه
كان شاعراً كوردياً
ومحباً وطنياً
لم يمهله قابض الأرواح
ضمت الأرض جسده
فأصبح هو الأخر ضحية
فارقنا نحن الكورد
ذلك المثقف المقدام