قصيدة المرأة

 إبراهيم محمود

” في عيدها الذي ليومها الحياة الكاملة وأبعد “
باسمك أكتب
منك تكون الكتابة
وإليك تكون الكتابة
الاسم الأكبر من اسمه
أفقك السموات
عمقك العالمين
الوجه الذي يكون به الوجود
العينان اللتان تصلان بالأسحار 
الفم الذي يُطرب اللغة
الروح التي تُعرَف بها الطبيعة
القلب الذي يروّض الغابات 
الجسد الذي يأتي إليه النهر
الصدر الذي يستوطنه أفق العافية
البطن التي توقّع على الحياة
الحضن الذي يتدفق سكَينة
الذراعان اللتان تشعان طرقاً آمنة
القدمان المغروستان في الجلَد والمدد
معك زهو التوازن أختاً
بك ابتهاج الحياة ابنة
عبْرك إمتاع كان يا كان جدة
منك العناق المترامي الأطراف تجدد الحياة أمَّاً
منك القبلة نشوة الاكتشاف عشقاً يا الحبيبة
منك انفجار الروائع ملهمةً
الكلمة التي تضيء اسمَها بها
القوة التي تهذَّب بها القوة
النعومة التي تنبع عبْر الأنامل
الموسيقى التي تتناسل في ظلها
العطاء الذي يفيض على الحساب
اليقظة التي تطوي أربعاً وعشرين ساعة كاملة قياماً
السهر الذي يتفتح إشراقات
الفكرة التي تلهم الفيلسوف
الخيال الذي يطرب الشاعر
اللون الذي يؤمّه الفنان
الريشة التي تخفق في حضرتها
التعب الذي يتلاشى في خطوها
الفتنة التي تهدي إلى الصواب
الغريزة التي تلطّف العقل
الظلام الذي يعلّم النور
النور الذي يقود إلى السموّ
النهار الذي لا يفارقها
الليل الذي يتهادى داخلها 
الساعة التي تنتظم بأنفاسها
الأماني التي تنتعش بلمسها
الطفولة التي تسترشد بها
الصبا الذي يعانق الآتي بدفئها
الشباب الذي يسمّي طموحه باسمها
الرجولة المكتسبة بوجودها
الشجاعة التي تعظَم بها
الشيخوخة المطمئنة بين يديها 
الحب الذي يُعلَم في كلّيتها
العالم الذي يصلها
معنى الخليقة الذي يسجَّل باسمها
البراري التي تأتيك بأسرارها
البحر الذي يليك مشرقاً
النجم الذي يليك مغرباً
البوصلة التي تتهجاك أماماً
الطريق السالك الذي يتغناك خلفاً
الجبال التي تنحني أمام شموخ روحك بامتياز
الضواري التي تنشد الملاذ الآمن بجوارك
صلاحياتك في تطعيم الحياة بالحياة لا تنفد
بين يديك تمارس النفحات هوايتها
تهبط إليك النجوم سابحة في رؤاك
التربة تستنير تحت قدميك
الماء ينام قرير العين بين يديك
الهواء تلطّفه عذوبة أنفاسك
لمعلومك ما يشد إلى المجهول
ولمجهولك ما يمد في المعلوم
أنت يا صنيعة الجمال المتنامي
الجمال الذي لا ينتسب إلا إليك
يا صحوة الغياب
ونشوة الحضور
وأنت تهبين الجهات الأربع ما يبقيها حيّة شهية
لا سمو إلا اعترافاً بك
لا متعة تكون إلا حضوراً بك
لا ديمومة معنى إلا لقاء معك
تلك هي المرأة
سلام عليك، 
لك،
 بك،
 إليك،
يوم انبثقت جنيناً 
يوم اأشرقت ظهوراً
يوم ولدت ِ
ويوم تخلدين في روح كل رجل
لا يكون رجلاً إلا بك
ولا يعرف جهة
إلا على إيقاع روحك
وأنت في عيدك النبيل
وأنت باسمك النبيل
وأنت بمآثرك التي تسمو إلى سدرة المنتهى
اسلمي لي
وأنت السلْم
اسلمي لي
وأنت انتفاء الحرب
اسلمي لي
وأنت مبتدأ التكوين
ومختتمه
وأنا…
أنا المعظَّم والمعلَّم والمسلَّم بك .
في يومك المعلوم
الذي يستغرق كل ما في الوجود
فجر 8 آذار 2023
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن حديثاً المجموعة القصصية “تبغ الفجر” الشاعر السوري الكردي علي جازو، في كتاب يضم اثنتين وعشرين قصة قصيرة تتنوع بين النصوص اليومية المكثفة والمقاطع التأملية ذات الطابع الشعري والفلسفي.

تتّسم قصص المجموعة بأسلوب سرديّ دقيق، يبتعد عن الزخرفة اللغوية ويميل إلى الكتابة من الداخل. الشخصيات تتحدّث من دواخلها لا من مواقفها، وتُركّز…

خوشناف سليمان ديبو

 

يُعد الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي من أبرز وأعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي. فقد أدرِجت معظم أعماله ضمن قوائم أفضل وأهم الإبداعات الأدبية وأكثرها عبقرية. وتكمن أعظم ميزات أدبه في قدرته الفذة على سبر أغوار النفس البشرية، وتحليل خفاياها ودوافعها العميقة. قراءة رواياته ليست مجرد متعة سردية، بل رحلة فكرية وروحية تُلهم…

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…