مزمور المرأة الكردية

 إبراهيم محمود

( اذهبي إليه يا بنت إنه أخوك – اطيعي أمره إنه سيدك منذ الآن- اذهبي إليه يا فتاة إنه خطيبك- إنه ولي أمرك المباشر- اذهبي إليه يا امرأة إنه زوجك- إنه آمرك وناهيك- اذهبي إليه يا امرأة- إنه الرجل وأنت امرأة- إنه رقيبك نيابة عن جميع الرجال – لتموتي وكلهم رضى عنك…وقد..بوركت ِ به ):
تمضي المرأة الكردية إلى ولادتها
تقبِل محمّلة بحجاب يستر عورة جمالها 
وتعمّد بطاعة أولياء أمرها كباراً وصغاراً
ويُختَم على كامل جسمها:
صالحة للعمل
***
تمضي المرأة الكردية إلى طفولتها
يلقّنها الطفل الذكوري درساً في وجوب ركوع روحها أمامه
يعلّمها الهواء المحيط كيف تتنفس محْكمة الفم
والسرعة المسجلة للكلمات ونوعيتها
وطريقة القيام الجلوس والنظر
لئلا توقظ مسامات المتربصين بها 
لئلا تستنفر عشيرة الذكور ضد هذا التجاوز
وتوضِع عورتها تحت مراقبة صارمة
حفاظاً على عورة الذكر الطليقة أمام في الهواء الطلق 
***
تمضي المرأة الكردية إلى يفاعتها
سوار شائك من العيون يحيطون بنبض صبابتها
احذري من القلبة
تخوفاً من إثارة بغنى عنها كل ذي شارب
احذري من النطنطة
تجنباً لرؤية ما يقلق متعهدي الذكوري
التزمي ضبط الحركة
فثمة صمت يسجل عليك كل حركاتك
***
تمضي المرأة الكردية إلى شبابها
عيون شباب الكرد يضاعفون حدة أنظارهم
إنه واجب قومي عتيد يتوارثونه منذ عهود طويلة
لا شيء يعايَن أكثر من شبابها حرصاً على شرف الكردي المتباهى به جداً
الجهات كلها مكلّفة بالوصاية عليها
ضبط شبابها مهمة مقدّسة لضمان استمرارية الكردي مرفوع الرأس
لبدء زواج حلال تطمئن إليه ذكورة الكردي المرفَّه بمتَع الحداثة
***
تمضي المرأة الكردية إلى امرأتها
ولادة أبناء الذكر
حمّالة ظلال الذكر
منجبة آمال الذكر
ملهمة رغبات الذكر
مقطورة ملذاته حسب توقيتاته الذكورية
معلومة بنسبه الذكوري
وفي حفظه وصونه المعلومين
***
تمضي المرأة الكردية إلى شيخوختها
مجوفة الروح كما أرادها حرّاس أنثويتها المعصومين من الخطأ
معدومة القلب الخاص بها تبعاً لقانون القلب الذكوري الذي لا ” شريك أنثوياً ” له
منهوبة الجسد، كما تشهد طعنات رغبات المكللين بذكورة مؤممة مجتمعياً
***
تمضي المرأة الكردية إلى قبرها
مصحّرة الروح 
معقّمة بلاءات القيّمين لها
مقبورة قبل أن تقبَر
لا شيء يشفع لها سوى مدى طواعيتها لسلسلة أولياء أمورها: الأموات والأحياء “
الأجداد، الآباء والأبناء بحكم الذكورة المؤبدة
***
تمضي المرأة الكردية إلى حيث لا تمضي
حيث يُمضى بها
وهي مثقلة بكل الزخارف التي تمجدها
وهي مسجّاة طي أهواء المعنيين بها دون حساب
يا للثبات الذي يعدِم كل حركة
يا لليل المعتم الذي يتلبسها على مدى أربع وعشرين ساعة فقط !

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

فراس حج محمد| فلسطين

تتعرّض أفكار الكتّاب أحياناً إلى سوء الفهم، وهذه مشكلة ذات صلة بمقدرة الشخص على إدراك المعاني وتوجيهها. تُعرف وتدرّس وتُلاحظ تحت مفهوم “مهارات فهم المقروء”، وهذه الظاهرة سلبيّة وإيجابيّة؛ لأنّ النصوص الأدبيّة تُبنى على قاعدة من تعدّد الأفهام، لا إغلاق النصّ على فهم أحادي، لكنّ ما هو سلبيّ منها يُدرج…

عمران علي

 

كمن يمشي رفقة ظلّه وإذ به يتفاجئ بنور يبصره الطريق، فيضحك هازئاً من قلة الحيلة وعلى أثرها يتبرم من إيعاقات المبادرة، ويمضي غير مبال إلى ضفاف الكلمات، ليكون الدفق عبر صور مشتهاة ووفق منهج النهر وليس بانتهاء تَدُّرج الجرار إلى مرافق الماء .

 

“لتسكن امرأةً راقيةً ودؤوبةً

تأنَسُ أنتَ بواقعها وتنامُ هي في متخيلك

تأخذُ بعض بداوتكَ…

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…