بين كلّ هذا وذاك

نارين عمر
narin.omer@nefel.com

بين غفوةٍ وغفوة
أراني تمثالاً من ضباب
أتسكعُ طرقات الفراغ
أضللُ مسير الشّمس نحو البزوغ
أحتكرُ زغردة الفجر إثر طرحها للدّاكن
ومن النّهر أعومُ في العُباب

بين صحوةٍ وصحوة
أتقلدُ جلبابَ النّسيم
أتقمّصُ في عبق زهرة
من نَفَس بلبلٍ أتجرّعُ وتراً
أهنأ في حضن عود
أستعيرُ نهلة الثّغر البسيم

 

بين هفوةٍ وهفوة
أفكّ اللجامَ عن ثغر الكلام
أقتحمُ وكرَ الببغاء
أهتكُ حرمات النّفوس
أندمُ…أتوبُ ألف مرّة وأندم
ثمّ أعلنُ مناسكَ الحجّ والصّيام

بين نشوةٍ ونشوة
أتسللُ إلى تداعيات قديس
أتسلقُ برجَ الغفران
ألاعبُ ذرّات العفّة
أتخبّأ في عبّ راهب
وأكون للأنسِ خيرَ أنيس

بين جفوةٍ وجفوة
أمتطي تيّارَ الجنون
أصاحبُ ثرثرات اللسان
أعاندُ صخبَ الزّمن
من داءِ الجفاء أرتشف
وأتوّجُ بنار الظّنون

بين كبوةٍ وكبوة
ألمّ أشلاء الرّياح
أروّضُ غرورَ السّراب
أحققُ توازنَ الجنسين بأنّ
الكون…ذكرٌ وأنثى
وأطلقُ عنان الصّياح

بين صفوةٍ وصفوة
أتربّعُ عرشَ الأبجديات
أتوشّحُ رداء الحكمة
أتخطى أحلامَ العالم الثّالث
أسكنُ أصداء الأثير
وأنطقُ صمتَ الكلمات

وبين كلّ هذا وذاك
أحيي صحوةَ الغفوة
أهدهدُ ثرثرات الهفوة
أغوصُ في تراتيل النّشوة
ألملمُ هوّة الجفوة
أردمُ ضجرَ الكبوة
و…أتوَّجُ نخباً للصّفوة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

 

رجع “أبو شفان” إلى البيت في ساعةٍ متأخرة، يجرّ خطواته كما لو كانت أثقل من جسده المنهك. وجهه مكفهر، ملامحه كانت كمن ذاق مرارة أعوام دفعةً واحدة. ما إن فتح باب الدار، حتى لمح ابنه البكر “مصطفى” جالسًا في العتمة، ينتظره كأنه ينتظر مصيرًا لم يأتِ بعد.

– “أهلاً أبي… تأخرتَ الليلة”.

– “كنتُ في مشوار…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

مَدرسةُ فرانكفورت ( 1923 _ 1970 ) هِيَ مَدرسة للنظرية الاجتماعية والفلسفةِ النَّقْدية ، مُرتبطة بمعهدِ الأبحاثِ الاجتماعية في جامعة غوتة في مَدينة فرانكفورت الألمانية ، ضَمَّتْ المُفكِّرين والأكاديميين والمُنشقين السِّياسيين غَير المُتَّفقين معَ الأنظمة الاقتصادية الاجتماعية المُعَاصِرَة ( الرأسماليَّة ، الفاشيَّة ، الشُّيوعيَّة ) في ثلاثينيات القرن…

عبدالاله اليوسف

 

لكن الهواءَ يحفظُ صوتكَ في الشقوق

بين تنهيدةٍ

ونَفَسٍ لم يُكمِلِ الطريق

 

قلبُكَ

ساعةٌ لا تُعيرُ الوقتَ اهتمامًا

تمرُّ عليها الأزمنةُ

ولا تشيخ

 

تخجلُ

من مرايا الوجوه

فتعيدُ تشكيلنا

كما تشاء

كأنك تصنعُنا من بُعدٍ

بحركةِ عينيك فقط

 

نلتفت

حولنا

أضيافك

نرتدي ظلالًا

ولا ندري

غريب ملا زلال

ليست سوى الحرب
تأكل أضواءنا
و رجالها
في دهاليز المملكة
يكيلون دماءنا
مُذ عرفت
أن الرب
في عليائه يستريح
كمحارب قديم
أتى تواً
من الجبل
و أحلامنا ..
آمالنا
تذهب في الريح
بحثاً عن أشلائنا
هل كانت الأمور
في السموات العشرة
على ما يرام
حين خلت المدينة
من أبنائها
إلا من بقي نائماً
تحت الركام
و زخات المطر
بعد القصف
هل كانت
دموع الرب في عليائه
على عباده
أم كانت
رذاذات صرخة
لطفل يبحث عن أمه
كل المعابد
لا تصلح لإطفاء الحريق
فالرب متعب
والكهان متعبون …