مكرمة العيسى
بعد أيام عدة من مقتل أولاد صدام حسين الطاغية.. ذهبت إلى مديرية التربية في الحسكة، وذلك بعد صدور المرسوم الجمهوري من دمشق، بأن الذين تخرجوا من المعاهد على أساس البكالوريا العلمية بمعدل ١٣٣ وما فوق بعد طي علامة التربية الدينية، تحق لهم الدراسة الجامعية أيضا، فعندما وصلت إلى المديرية رأيت الناس مكتظين، وحضور كثيف للعناصر الأمنية والشرطة العسكرية. عندها سألت إحدى الزميلات من عرب البو الخطابة، و كانت واقفة بين الجموع.
– ماذا يجري هنا؟
ردت علي
– حدث قبل أيام شجار بين الموظفين في التربية على خلفية مقتل أولاد صدام حسين
قلت وما علاقة المديرية والموظفين بذلك؟
أجابت :
إسالي الزملاء في المديرية
عندها أكملت الطريق إلى الدور الثالث، حيث تؤدي إليه مدرجات عدة، لكبر المديرية ولضخامة البناء، إذ إن في كل طابق أكثر من ١٠٠ غرفة.
يا لهول مارأيت طاولات وكراس مكسورة، و أضابير”متلتلة” متراكمة فوق بعضها، و أخرى مبعثرة، وأوراق مرمية، فقلت في نفسي:
حتما، إن إضبارتي أيضا ستكون مرمية ومبعثرة، وتابعت الطريق إلى قسم الريف،
إذ بدأت بالسلام على الموظفين ورئيس القسم “الكاباري” فور وصولي .
– السلام عليكم
ردوا
– وعليكم السلام
وهم منهكون بلملمة الأضابير، وعلى وجهوهم وايدهم آثار الضرب والكدمات ورؤوسهم محلقة للصفر كانوا ثلاثة واحد كاباري كوردي واثنان عرب بني السبع .
فقلت
– مالذي حدث هنا ؟
– الكاباري :
إضبارتك في أمان. زميلي لملمها، وها هي في الخزانة .
رددت:
– شكرا زميل، ولكنني سألت:
ماذا حدث هنا، ومن الذين ضربكوم كل هذا الضرب؟
رد للكاباري قائلا:
وهل ستكبين عنا قصة ؟
نعم يوما ما سأكتب عنكم.
و أريد الحقيقة التي سببت كل هذه المشكلة “الخربطة” في المديرية .
– قال الكاباري : انتظري إلى وقت الاستراحة.
– “طيب” هل في إمكاني مساعدتكم ؟
– البني السبعي: اكتبي الاسم الموجود على الأضابير على ورقة هناك على الطاولة.
قلت: ليكن.
وبعد أقل من ساعة حان وقت الاستراحة.
فقلت : أرغب في أن أسجل في الجامعة، بعد صدور المرسوم الجديد واحتاج إلى ورقة أثبات الخدمة في السلك التربوي، وتاريخ التثبيت في الوزارة، وتصوير شهادة البكالوريا.
رد علي الكاباري: انتظري، كلها موجودة.
أما ما حصل معنا هنا، فإن زميلي البني سبعي سيقول لم الحقيقة، وإن نسي شيئا ما، فسأذكره .
قال البني سبعي:
كنا في أمان الله في هذه الغرفة، وكنا نشرب الشاي، إلى أن اقبل زميلنا المسجون الآن، وبدأ باستفزازنا نحن الثلاثة ويقول:
المجرمون الخونة.
وراح يرفس الباب والطاولات، ونحن نسأله ما بك؟
فرد:
قتلوا أولاد البطل صدام حسين، فقلنا، مراعاة لشعوره:
الله يرحمهم ولكنه، تمادى في غضبه واستفزازه، واتجه نحو الكاباري، وركل الطاولة فانسكب، الشاي على الأوراق الموجودة أمام الكاباري .
حينها قام الكباري وضربه ضربا شديدا، وقال له:
الله يلعنك ويلعن صدامك.
فصرخ الزميل بأعلى صوته، واتجه إلى الخارج ونادى: يا عرب يا عرب هذا الكاباري يشتم العرب. وهنا كل الكورد فرحون بمقتل أولاد البطل صدام حسين، فركضنا خلفه، وقلنا للموظفين:
إنه يكذب، ولكن للأسف، هناك من كان يريد أن يصدقه لتعم الفتنة كافة المديرية، وحدث تضارب شرس بيننا، وانقسمنا قسمين وهناك من تقصد بتخريب ورمي الأضابير، وتدخلت عناصر الشرطة، و أخذونا جميعا للتحقيق، بعدما حلقوا رؤوسنا على الصفر و و، كما يقال .
وفي التحقيق أقسمت بالقرآن الكريم أن الكاباري لم يشتم العرب ابدا، وإلا لكنت أنا البني سبعي أول من يقف لصد الكاباري.
المتسبب في الفتنة كلها هو الذي جاء يستفزنا ويكذب عليكم سيادة القاضي.
وكما ترين لم نقل إلا الحقيقة. فخرجنا من السجن، وظل الكذاب هناك ينال جزاءه.
قال الكاباري:
نعم الحادث تماما كما قال زميلي البني سبعي.
وأضيف عليه كلما جرت مشكلة في العراق، فإنها ستنعكس علينا ككرد في سوريا، تلقائيا. لأن هناك من لا يريد لهذا الشعب المتآلف أن يرتاح، ويعيش، في أمان ..
*مكرمة العيسى إقليم كوردستان – دهوك
ملاحظة الكاباري نسبة إلى عشيرته الكابارا الكوردية الشامخة .
والسؤال: هل يا ترى “الكاباري” والبني سبعي سيقرآن هذا النص الاستذكاري…….