كارت بلانش: مضيفات مبتسمات مع قطعة سكر

فتح الله حسيني

صديقنا الراصد كتب عن المخابرات ، وكتب عن معلبات الماجي ، ولكنه تناسى أن يكتب عن جمهورية مومارت ، ولمن لا يعرف جمهورية مومارت عليه أولاً أن يكون عبثياً ويذهب بلا جواز سفر الى باريس ، فهي قريبة مثل حي بختياري في السليمانية ، ولمن لا يعرف باريس فأقول له هي عاصمة فرنسا ، ولمن لا يعرف فرنسا ، فهو بكل تأكيد يعرف جاك شيراك ، وإذا لم يكن يتابع الأخبار ولا يعرف شيراك، فإنه بكل تأكيد قد سمع بالسيدة دانيال ميتران زوجة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران ، السيدة  التي تصادق الكرد ، وإذا لم يعرف كل ذلك ، فبكل تأكيد لا يعرف ، أين الله قد وضع رأسه ورجله ، وربما عاش في المطبخ ولم يعش في الأحواش وفضاءات الله.
هذه ديباجة عن راصدنا الذي دوماً يتناسى قصداً الكتابة عن المشاكل الحساسة ، واذا كتب عنها ، تجاهل ما هو  أهم ، على كل حال ، أنا لست رقيباً وحسيباً على ما يكتب ، ولكني من مؤيدي جمهورية مومارات ، حيث في هذه الجمهورية التي تقع على مدخل باريس ، يعيش فنانون ومبدعون وكتاب وشعراء من الدرجة العاشرة ، ولكنهم يتباهون بأنفسهم ، وكأنهم من الدرجة الأولى ، سوبر ، أو من الدرجة الممتازة حسب قطارات حلب – دمشق ، ففي جمهورية مومارت لا يقدم  أحد لك  جريدة أوفنجان قهوة ، بينما في قطاراتنا – حرسها الله – من أعين الحاسدين  ، قولوا أمين ، والحسود لا يسود، تأتيك مضيفة جميلة وقد تخرجت جديداً من المعهد الفندقي في أي مدينة تعبانة ، وتقدم  لك بكل تهذيب  نسخة من جريدة الثورة أو جريدة البعث ، مع قطعة سكر ، ثم أغنية لأصالة نصري ، وتقول أهلاً بك على خطوطنا الحديدية لا الجوية ، فيا  مرحبا .وما أن تغازلها حتى تكون قد أرتكبت جناية ، وهي أنك تود أن تقتطع هذا الكنز الأنثوي من أراضي الدولة وتلحقها مع بدلتها وسكاكرها وأغاني أصالة بدولة أجنبية . ثم تُتَهم ، فيرموك في قفص حديدي ، وتقول “يلعن أبو المضيفات”.
بين جمهورية مومارت ومكعبات الماجي ومضيفات القطارات والطائرات ، وبنات الليل ، شعرة واحدة ، هي شعرة ان تكون ثملاً لتستطيع ان تلج الى مومارات بلا جواز سفر ، وتأكل الماجي بلا ملح ، وتبتسم مع ابتسامة المضيفات بلا منغصات ، وتعاشر بنات الليل دون أن يسرقن ما في جيبك من موالح وسكاكر أحتفظت بها من يدي المضيفة.

والله على ما أقوله شهيد غير مستشهد الا به.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…