شوكيات

إبراهيم محمود
تقع الوردة في غرام الشوك
فم الشوك إبرة
إبرة الشوك ضالة عن القبلة
ثمة ألف ” لايك ولايك ” للوردة 
تتبلّه إبرة الشوك
***
الحوت يبتلع القمر
يقاومه الناس بالطرْق على الصفائح ليلاً
يأخذ القمر ” قيلولته ” الدورية
الليل ضاج بمثيري الشغب
أين أنا والقمر ؟ يتساءل الحوت !
***
الليل يرتدي النهار داخله
النهار يقدّر لطفه الأسود
النجوم تعدِل بينهما:
تبتسم واسعاً في الليل البهيم
النهار يسرد ضوءه في أعطافها
***
تُرى هل ينام النوم؟
أليس للصحو فيه نصيب؟
تُرى هل يصحو الصحو على مدار الساعة
أليس للنوم فيه مقام ؟
ما هي هذه المسافة بين” صحو ونوم ” ؟
***
ماذا لو كان البشر نباتاً
أي نار كانت ستتنفس لهبها داخلهم
أي فحم يتشكل منهم
أي دخان قابض يبلبل الكون؟
الغابة تنذرني قائلة: امسح ما كتبته قبل فوات الأوان !
***
نحن باسم الشوك نسمّي وردتنا
هم باسم الورد يعرّون شوكنا
حرب ضروس تخلط الورد بالشوك
الفراشات تستفظع ما نصنعه بإرادتنا
لقد ابتليتُ بهؤلاء، يقولها القدَر !
***
المرأة التي تتوسد شوكاً وقلبها ورد ينفجر عبقاً
يرجمها المحيطون بها سادّين أنوفهم
المرأة التي تحتضنهم برائحة وردها المتماوجة
ترميهم ببعض شوك ليهتدوا إلى قلبها
الشوك ذاهل عمّا يجري
***
النهر عبَرات النبع 
النبع أنفاس الأعماق المائية
أنفاس الأعماق موصولة بآفاق لامرئية تمطر زلالها
من يسبحون في النهر
يحصرون نظرهم في مجراه حصراً
***
ماذا لو أن الشوك فارق جيرة الورد
أي نفَس كان سيُخصَّص للورد؟
ماذا لو أن الورد استقال من جيرة الشوك
أي قصيدة كانت ستشكّل سماءها العالية
ماذا لو أن ” ماذا ” مضت إلى اللامفكَّر فيه ؟
***
طفل يشير بإصبعه القمر
القمر عالياً يغمره بابتسامة
أبوه يقول: ماهذا القمر المجنون؟
أمَّه تحتضن القمر
يبحث أبوه عن حجاب على وجه السرعة!
***
كل الطرق تؤدي إلى الطاحونة
ثمة طاحونة رؤى وأفكار
من يودعها روحه
للحصول على دقيق حياة
هناك أيد ٍ مضرجة بالدماء تسدُّ الشمس 
***
يضحك الناس كثيراً
إنه الشوك الذي يوخزهم في الداخل
بزعْم التفاخر يحجّبون شوكهم
الجروح المتوالية لا تداري أحداً
التاريخ مؤتمر باسم الشوك
***
يا آدم أنت مَدين لي بقضم تفاحتي ” تقولها حواء “
يا حوّاء أنت مدينة لي بأنني جعلتك أرضية
تقول التفاحة: هلا تقاسمتماني، على وفاق
أي تفاحة أنا: تقولها الأرض
لقد ارتحت من سلالتهما. تقولها السماء !
***
اللغة شوك إذ تنبّه
اللسان كلام ينزف دماء
كيف لا تُرى كل هذه الدماء المسفوكة ؟
كيف يهمَل الورد في الجوار؟
يشمّونني ويقطرون دماءهم علي كعادتهم. يقولها الورد!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…