أصالة وأولوية الجهل البنيوي

ابراهيم البليهي 

يتوهم الكثيرون بأن العلوم الحديثة قد قضت على الجهل البنيوي المتوارث أو أزاحته لكن الحقيقة الفاجعة هي استمرار سطوة الجهل البنيوي: فحين نستقصي حول الكثير من الأنساق الثقافية المتوارثة نجد أنها مليئة بالخرافات والأساطير والأوهام وبركام مما يتعارض مع حقائق العلم ومنطق العقل. ومع كل ما تم إحرازه في مجال العلوم فإن الجهل البنيوي المتوارث ما يزال يهيمن على العقل البشري في الغرب والشرق فالعقل يحتله الأسبق إليه ثم يبقى هذا الأسبق مهيمنًا دون أن يخضع للتمحيص. ورغم انتشار التعليم وتوافر المعارف فإن الزيف يمكن أن يهيمن دون أن يُكْتشَف حتى من المؤسسات التي تشتغل بالمجالات المعرفية كالصحافة ومؤسسات النشر الرسمية. 
وعلى سبيل المثال كان أحمد الشنواني يعمل مسؤولاً عن مكتبة دار الهلال بالقاهرة وجرب أن يسطو على مقالات قديمة فيمهرها باسمه ويرسلها للنشر في الصحف والمجلات فتُنشَر دون أن تلفت النظر فاستطاب عملية السطو حين رأى أنه نجح في تمرير سرقاته فرأى أن يخطو خطوات أكبر فسطا على (موسوعة تراث الإنسانية) بأجزائها التسعة فأصدر أول كتاب بنسْخٍ حرفيٍّ لكنه غيَّر العنوان فجعل الكتاب بعنوان (كُتُبٌ غيَّرت الفكر الإنساني) ومر الكتاب الأول دون أن يكتشَف فصمم على أن يسرق كل محتوى الموسوعة بسلسلة كتبٍ تحمل ابتداء من الجرء الثاني نفس العنوان ومضى حتى أصدر سبعة أجزاء دون أن يُكتشَف فاستطاب العملية فهو مسؤول عن مكتبة وبذلك فإن إنتاج الآخرين أمامه بوفرة فبعد سلسلة (كُتُبٌ غيَّرت الفكر الإنساني) سطا على كتاب من جزئين يحمل عنوان (الخالدون من أعلام الفكر) ثم سطا على كتاب آخر فأصدره بعنوان (فاتنات وأفاعي) وهو عن نساء شهيرات. هكذا هي الحياة فيها القليل الممحص وفيها الكثير الزائف فمن النادر أن ينكشف الزائف فهذا الشخص استمر عقودًا وهو يسطو على إنجازات الآخرين فينسبها لنفسه دون أن يجد من يكشفه ويوقفه إن هذا السطو المتكرر على أعمال جماعية ضخمة يُفترَض أنها محل عناية الكل يدل على سهولة تمرير الزيف بتواتر ….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

م: محمد حاج سعيد رشو

في الماضي كان الإنسان يقف طويلاً أمام الكتاب كما لو كان أمام مرآة يرى فيها نفسه ويعيد تشكيل وعيه. لم تكن القراءة مجرد وسيلة للترفيه بل كانت فعلًا يؤسس للمستقبل ويبني العقول التي صنعت التقدم والنجاح. فكل نهضة حقيقية تقف خلفها عقول قرأت كثيراً وتأملت أكثر.

أما اليوم فنحن نعيش في زمن…

نارين عمر

الشاعر الوفي أحمد شيخ صالح!

سنظل نتذكر لقاءاتنا الدافئة في منزلك الدافئ كقلبك، الهادئ كهدوء نفسك وفي حديقة منزلك العطرة بورود روحك وزهور عطائك الهانئة في كنف عين ديور وستظل ديرك تحتضنك في صدرها وفكرها بحبّ ووفاء، وقد كنت المخلص لها والمحب

حياته ونشأته:

ولد شاعرنا أحمد شيخ صالح عام 1935 في قرية عين…

مصطفى عبدالملك الصميدي

أعمى أهـيـمُ

ولـنْ يـرْتـدّ لِـي بَـصَـرُ

ما لمْ تكـوني بقُـربـي ضَـوْئِيَ النّظَرُ

 

فحدِّقِي

في جيوبِ الغَيـمِ

وانتظري

قـمَـراً يـطِـلُّ علـى الدُّنـيـا

وينتـظـرُ

 

عـينـاك فـي اللـيل

مِـرآةٌ يحـطّ بها

وطِـبُّ عـيْنـايَ فـي مِرآتك

الـقَـمـرُ

 

يا رُبَّ أعمى

غداً يصـحـو بَصِيرا إذا

ما عـاد يذكُـر إنْ قَـد مَـسَّـهُ

الـضّـرَرُ

 

حتى وإنْ جاءَهُ سُؤْلٌ:

شُفِيتَ متى؟

يقـول لا عِلْـمَ لـي

مـا شَـاءَهُ الـقَــدَرُ

 

=========

اليمن

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكتاب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو): نارين عمر سيف الدين، حاجم موسى، هشيار عمر لعلي، وبهجت حسن أحمد، في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو)