تقرير عن فعاليات مهرجان الفن والثقافة الكردية في برلين

نصر محمد / المانيا 
احتضن مركز ميتاني للثقافة والفن  ببرلين يوم الجمعة 26 / 5 / 2023 ولغاية الاثنين 29 / 5 / 2023  مهرجانه الفني والثقافي الثاني تحت عنوان “مهرجان الفن والثقافة الكردية في برلين” بمشاركة واسعة من أبرز وجوه الثقافة الكردية من كتاب وفنانين والمهتمين بالأدب وبالتزامن مع معارض فنية للفنان محمد سيدا القادم من مملكة السويد ( ابن مدينة عامودا ) والفنانة التشكيلية آريا عطي ابنة كوباني  والنحات صالح نمر ابن المالكية وايضا بازار للصناعات اليدوية التقليدية، وتم منح جائزة المهرجان مناصفة لكل من الفنان الراحل محمد علي شاكر والفنان القدير محمود عزيز شاكر وهي عبارة عن قيمة مادية.
 اليوم الأول للمهرجان:
بعد الكلمة الترحيبية من قبل مقدمة برنامج المهرجان كاهي محمود  والتي رحّبت فيها بضيوف مهرجان الفن والثقافة الكردية الثاني في برلين فرداَ فرداً وشكرتهم على حضورهم. 
بعدها استأنف المهرجان برنامجه حيث دعت مقدمة المهرجان كاهي محمود  الشعراء لقراءة قصائدهم.
وقد قدم الشاعر تنكزار ماريني بعضاً من قصائده باللغة الكردية, تلته الشاعرة والكاتبة هيفي قجو التي قرأت مجموعة من قصصها القصيرة باللغة العربية, تلتها  الكاتبة  نوجين قدو التي قدمت أيضا نصاً من روايتها باللغة الكردية ،
مقطع من رواية غصنٌ على متنِ السّراب بعنوان:
يومَ حرّفوا فيه صوتَ الله 
يومها انتحرت الصرخات وعمّ السكون العقيم الذي لا يُنجب، يوشي بحقدهِ أنها الساعة المنتظرة والوقت الأمثل للنصرِ بامتياز.
كانت حوافرُ أقدامهم كالوحوش تدقّ في الأرضِ متدحرجة نحو المركز تمامًا، في الوقتِ ذاته الذي كانت فيه القلوب لا تخشى على فنائها، بقدرِ ترقّبها لما ستخبرهم به الأبواب المغلقة بعد لحظات. 
ففي الحرب وفي الدقائق الحاسمة تحديدًا، تثبُ معجزةُ النطقِ على ظهرِ خيولِ الرعب، لتسقطَ نفسها في فاهِ الأبواب، التي تبدأ بدلًا من البشر بالكلام، تخبرهم عن الوقائع والأحداث، توسّع أحداقهم وتجعل شفاههم تتدلى دهشةً وذعرًا، يومها تعجزُ الألسنة عن الكلام. 
لقد فاتَ الأوان، ها قد اقتربوا، يصيحونَ باسم الله ويطلقونَ في صمت السماء رصاص الرذيلة.
 إنهم هنا!
 اقتحموا الأرض بالكامل!
 لتبدأ الأفئدة بالارتجاف والبصيرة بالزوال، الرجال بدفن رؤوسهم في قساوة الجدران والنساء بالعضّ على أصابع الوقت والتوسّل إليه بأن يعود بهنّ ساعةً وحيدةً نحو الوراء، لا يبصرن فيها الحقيقة والمصاب، والأطفال بالعمى في ظلام الملاجئ والأقبية والممرات.
أما الزيتون ففضّل أن يتركَ نفسه طليقًا في الهواء، شامخًا يواجه مصرعه، بل وراحَ متمردًا ينادي بطشهم أن يقصّوا أغصانه ويلعقوا الندى الذي يتغذّى عليه، لكنه إن لم يكن برحمةِ المطر، سينمو بدموع أحبائه، بمصلِ الحب سيثمر مهما أرهقه الزمان على أعتاب الانتظار. 
,  كما قدّمت الشاعرة مزكين حسكو مجموعة من القصائد باللغة الكردية. 
ليتحدّث بعدها الكاتب والروائي جان دوست لنا عن الشاعر الكردي ملايي جزيري من خلال روايته ( مجنون سلمى ) والتي صدرت حديثا. وكانت للشاعرة كلستان آواز كلمتها أيضا من خلال إلقاء بعض القصائد الكردية. 
بعدها تم منح جائزة المهرجان مناصفة للشاعر والملحّن الكردي الراحل محمد علي شاكر وشقيقه الفنان محمود شاكر الى كريمة الفنان محمد علي شاكر السيدة شيرين والقادمة من مملكة السويد. وقد كانت الجائزة عبارة عن شهادتيْ تقدير ومبلغ مادي لجهودهما المبذولة في الحفاظ على الفن الكردي وتطويره. 
اليوم الثاني للمهرجان: 
بدأت الافتتاحية بجلسة حوارية أدبية مع الشاعر والكاتب عبدالرحمن عفيف صاحب كتاب ( غريق نهر الخنزير ) والكاتب والروائي هيثم حسين صاحب رواية ( العنصري في غربته )  وكلاهما من عامودا بلد المليون شاعر وحاورهما ابن القامشلي د . يوسف كوريه. 
حيث رحب الدكتور يوسف كوريه بضيوف مهرجان الفن والثقافة الكردية وقال: كنّا نتشوّق لهكذا نشاط، يعيدنا الى ذاتنا ويلبسنا انسانيتنا, ونستعيد من خلاله مشاعرنا وعواطفنا. 
وأضاف كوريه: إن هذا المهرجان خطوة أولى لكسر الأطر والحواجز التي فرضتها علينا الأعوام العجاف التي عشنا ذروتها في السنوات الأخيرة، ولكن كلنا يعلم ان الجرح عميق والوجع لا يُحتمل وأول علامات التماثل للشفاء وبدء العلاج، هو الإحساس بالذات أو الانا وإعادة هذه الأنا الى واقعها الاجتماعي والجغرافي والثقافي. 
وقد قدم الضيفين الكاتبين في أعمالهما: 
– قدم عبدالرحمن عفيف في كتابه ( غريق نهر الخنزير ) شطحات أو ومضات وجودية استمرارها من استمرار تذكر الذكريات المكانية والاجتماعية والطبيعية، ليخرجنا بها من الواقع الاليم وينقلنا معه في رحلة غرق في نهر الخنزير الذي لم يعد موجودا في عامودا، ولا مفر من الموت والاستشهاد غرقا إلا بتذكر الذكريات التي كان يضج بها المكان والذي تغيرت ملامحه على مرّ العقود.
بعدها قرأ الشاعر عفيف بعضا من نصوصه من كتاب ( غريق نهر الخنزير ) 
وتابع بعدها الدكتور يوسف كوريه القول: عبدالرحمن عفيف يرى ان خلاص الأنا والمجتمع بخلاص المكان والإحساس بالآخرين وجودا متمثلاً بكل أطياف الحياة واستمرار حياة شهيد نهر الخنزير من استمرار الفكر السليم الذي يرصد الجمال في أدق التفاصيل.  
وأشار الدكتور يوسف كوريه بالقول: 
اما البُعد الآخر فقد أخذني في مخاض ولادة جديدة مع كتاب ( العنصري في غربته ) الكاتب هيثم حسين الذي شرح أناي في مبضعه الأدبي، ووضعني تحت مجهر الاعتراف لأكشف أمراض نفسي العنصرية، ويؤكد لي أن إنسانيتي سُرقت مني بسبب هذا العالم المتلاطم الذي يبحث عن هوية الانسان، إلا ان هذه الهوية تتشرذم بسبب الامراض الأنوية العنصرية التي تتغذى على جهل الآخر ( أي ان الآخر هو السبب ) وتبنّى تعريفاً جديداَ الا وهو انا موجود لأني لست مثل الأخر. 
ثم قرأ الكاتب هيثم نصا من روايته ( العنصري في غربته ) 
واختتم الدكتور يوسف حديثه بالقول: الكاتب هيثم يُخرج الأنا من الدهاليز 
والأقبية ليضعها أمام مرآة الواقع فتصدم لتعيد حساباتها العنصرية ويعلن عن غربة دفينة تتغذى وتقتات على المجهول الغريب الذي يتجسد في صورة عدو، انها صورة جاهزة للأنا ، الأنا العنصرية تنمو في اللاشعور دون رقيب ولكن الكاتب يخرجها بأسلوب فذ ويجبرها على البوح والاعتراف وكأنه العالم والشيخ والكاهن والسياسي . 
وبعد استراحة نصف ساعة استأنف المهرجان بجلسة حوارية حول الفن التشكيلي والنحت شارك فيها الفنان التشكيلي والكاريكاتيري محمد سيدا ، والنحات صالح نمر وحاورتهما النحاتة بشرى مصطفى ابنة مدينة دمشق . ودار الحوار حول التعريف بالضيفين وعن بداياتهما بالفن التشكيلي والنحت واسئلة أخرى حول هذين الفنين. 
واختتمت الأمسية الموسيقية مع الفنان جان عيسى وفرقته التي أبدعت في ادائها ونالت رضا الجمهور ..
اليوم الثالث للمهرجان: 
بعد الترحيب بالمشاركين والضيوف من قبل مقدمة المهرجان افتتح  الاستاذ محمد كلش مدرس اللغة الكردية النقاش حول اللغة الكردية وقواعدها وحاوره مدرس اللغة الكردية الاستاذ آجو أمين .. 
أما الجلسة الثانية فكانت عن الصحافة الكردية في روجافا سوريا والتعريف بها  قدّم لها الصحفي والإعلامي علي نمر والإعلامية ستير حكيم التي تحدثت  عن عملها مع قناة الجزيرة وأدارت الحوار الصحفية السورية السيدة ياسمين مرعي. 
أما ختام اليوم الثالث فكان مع فرقة آذار الموسيقية الكردية الالمانية بقيادة الفنان جوان تنكزار حيث تفاعل معها الجمهور جيدا. 
اليوم الرابع والاخير للمهرجان:  
الفقره الأولى: حوار سينمائي مع المخرجين الكرديين المخرجة يارا خليل والمخرج رولان جعدان وكلاهما من عفرين . وحاورهما الكاتب والمخرج أنيس حمدون  ..
الفقرة الثانية: عرض فلم وثائقي بعنوان ( نحن كرد ) للمخرج الالماني هانيو وزوجته الكرديه بانو  .. وبعد انتهاء العرض دار الحديث حول الصعوبات والمضايقات التي لاقاها المخرجين من الحكومة التركية حتى السجن والمنع من السفر إلى تركيا ومن ثم اسدل الستار على هذا المحفل
أخيرا لا يسعنا القول سوى أن المهرجان كان اكثر من رائع، بدون مجاملة، وكانت هناك ملاحظات تقنية يمكن تداركها في المهرجات القادمة. 
شكرا مكسيم على الجهد المبذول وعلى الاستقبال الجميل لكافة الضيوف. 
شكرا لأفراد لجنة المهرجان هذا العام، نظافة الفكرة ، التكريم من دون واسطة  تلغي كل الانتقادات والملاحظات.
وفي الختام قدم الفنان القدير زبير صالح اجمل ماعنده من الأغاني حيث غنى اغاني عديدة من قصائد ملا احمد جزيري ومن ضمنها اغنية ( صباح الخير خانامن ) حيث تفاعل معه الحضور بالتصفيق الحار



شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…