قراءة في ديوان ( ميزوبوتاميا ) للشاعرة الدكتورة ميديا شيخة

نصر محمد / المانيا 
صدرت المجموعة الثانية للشاعرة الدكتورة ميديا شيخة بعنوان( ميزوبوتاميا ) عام 2020 تتكون من اثنتين وثمانين صفحة من القطع الكبير .
ميزوبوتاميا الأسم التاريخي بمنطقة مابين النهرين دجلة والفرات
والتي تشكل قلب الحضارة الكردية ، 
تقع في جنوب غرب اسيا تعد اولى المراكز الحضارية في العالم ، 
واشهر حضاراتها ، حضارة ،سومر واكاد وبابل وميديا وميتان وهوريين واشور وكلدان 
من بلاد مابين النهرين 
يعلو صراخي والمي 
ياوجع التاريخ الدامي ، وقبلتي في ساحات المشانق 
ياوجع شعب تباد لغته ، منها يفوح عبق التراب المعتق 
ابوه الجبل وامه دجلة الخير 
تبكي الحضارة على جسر مسلوب 
ويبكي الفرات قرابين ( الخليل ) ، 
ويبكي بدمع يفوق الدم 
ونهر دمائنا ، قالوا جاءها المخاض 
دم الابطال جسور في محرابه 
تراتيله من رذاذ آمد 
حروفه من طين امارات أميدا 
راسخة قامته عند هيروديت 
لا فاسي ، لا طوراني ، لا ساساني 
كان وطنا نهشه التاريخ المزيف
حين نقف أمام قصيدتها. يصيبنا
الذهول والدهشة لما فيها من مكنونات وخصوصيات. ويصل
بنا الذهول والاندهاش حد التساؤل.. كيف استطاعت هذه
الشاعرة الأنيقة بحروفها وحضورها ان تحول هذه البساطة
والعادي إلى مدهش والمألوف إلى مذهل. وكيف تنجح بكل
العفوية والشفافية والتلقائية والرقة ان تستنطق الظاهرة
وتتجاوزها إلى ماواءها. وتجعلنا نعيد قراءة نصها بكل الحلم
و الرؤيا.
ياحمامة نوح 
تعالي نتقاسم التفاح 
مع نبض عشقنا الأزلي 
نحلق فوق عراقة 
والدهر خلد اعلامها 
وماء دجلة ماجفت له عين 
رمادي اللون بات ، وقد احرقت المجلدات 
عبر اجيال واجيال 
فأشهدوا الغدر بيوسفنا وذويه 
على روابي كردستان 
شاعرة مفعمة بإحساس انثوي جياش عذب. لا تتصنع
في نصوصها ولا تتكلف. بل تكتب بكل مشاعرها وما تمليه
عليها روحها الإنسانية الباذخة. مايجعل نصها يعانق الوجدان
ويلامس شغاف القلوب ويتغلغل فيها دون جواز سفر او استئذان
من ادم وحواء،
ننثر رياحين الحب سلاماً 
ونطرز قمصان العشاق 
بحكايات الأجداد 
المقطوفة من نباهة اللوز وثقة السنديان 
تلك الحكايات التي نسجت من سماحة زردشتينا الأول 
وهو ينثر حقولاً ببذار الرحمة 
لتقطف ثمرات السلام من بيادرنا 
ويؤذن سلام على شعب السلام 
وعلى الأكوان 
ميديا شيخة شاعرة مرهفة الإحساس. تكتب قصيدة النثر
كأحد الألوان الأدبية المحببة عندها. تزخر نصوصها بموهبة
الشعر . 
كانت طفلة مدللة 
ترسم الأقلام وجهها 
عيونها الكحيلة 
بلوحة زيتية وقصة طويلة 
بألف الف آهة ووصلة جميلة 
كانت ندوة عنوانها قريب 
شجر السنديان 
الذي احترق من شاطئ ( وان ) 
نظرة الطفلة المتجهة الى شمس غائبة
خطوة الأمل الكسيح صارت رفاتاَ 
صارت رماداً 
تعب الورق من كثافة بياضها 
تعبت اغاني الصمت من همساتها 
تعب الجبين من اعوام الأرق 
الشاعرة ميديا شيخة تنطق سحرا وتكتب ذهبا وتقفز بين السماء والأرض. تداعب الأحرف لتكون صرخة على صرخة
الحياة لتواصل المسيرة بالصوت والقلم
سرير من الزهر 
حلم ينام فيه جيادنا 
للسماء ملائكة واناشيد الحرية 
تلهبان الشمس بحب كردستان 
ولنا الشعر ننثره 
للنور، للنصر والسلام
تقول الشاعرة ميديا في هذه القصيدة 
من تلك الأقاصي 
جاء،مم وزين يبحثان 
عن ارض يبسطان عليها عشقهما 
يرويانها 
وعن مطر يثير درب هيامهما 
زلزلت اصابع يدي بأسطورة حبهما 
ابكت اعاصيرها كل السماء،
الضمائر تصغي ، ولا الايادي تنحر الآذان
في مملكة الجن قيل : 
انها طهر 
يحمي البشر من مخاطر الفناء 
انها طهر 
من تلك الاقاصي 
كان كاوا الحداد 
يدفئ شتاء الشرق بشعلته 
يضيئ عتمة الطغاة 
سكينة تهدئ صدور النساء 
النار، ارارات ، دجلة ، سفينة نوح 
ميراث الكرد قادم 
يبسط يديه فاتحاَ أقفال المجد 
بشوق طفل لأمه الجليلة 
شاب ملاذه السيف وتعاليم كاوا 
من تلك الاقاصي 
غنت نوروز للحرية والسلام 
بربيع يغازل قداسة الجيل العتيد 
بشمس احرقت كل غدر 
رقص الأقحوان على انغام رعاتنا 
نساء ينسجن من زغاريد الينابيع 
قصائد جميلة في ديوان الألهة 
ياامتي تاريخك ناصع ، فأكتبي القصة 
هنا تسافر الشاعرة عبر التاريخ الكردي القديم والأسطورة الخالدة
لقصة مم وزين والتي ماتزال الجدات تسردها للأبناء ومازال الأباء 
يتذكرون ما عاناه العاشقان اللذين فرقتهما الحياة ليجتمعا في الحياة الإخرى في قبرين متجاورين تزينهما الأزهار
ميديا شيخة : شاعرة كردية سورية معاصرة من مواليد الحسكة 1988
ماجستير في بيولوجيا الأحياء الدقيقة دكتوراه في بيولوجيا الأحياء الدقيقة في جامعات روسيا الإتحادية .عضو في اتحاد الكتاب والصحفيين الكورد في ألمانياعضو في نادي الشباب القسم الأدبي صفة شاعرة في سورية (محافظة حلب) ،عملت في مجال التعليم العالي بوصفها (معيدة) في جامعة الفرات عملت( رئيس قسم) الفيال في شركة ألفا للأدوية في محافظة حلب
من أعمالهاالشعرية:
بابٌ مواربٌ للصدى /شعر/ فيه الكثير من الرموز الكوردية المعبرة لمعاناة الشعب الكوردي.
خسوف جزئي /هايكو عربي/ يتحدث على شكل ومضات هادفة عن هوية الكورد وعدم التجنيس .
ميزوبوتاميا/ شعر/ تاريخ الكورد قدماً
ومن أعمالها الأخرى:
كتاب بعنوان (ومضات عن دور المرأة الكوردية في الحضارة البشرية)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

 

مقدمة:

في لحظة من الوحدة المضيئة، حين يتعانق الشوق مع القمر،

تولد هذه النصوص الثلاثة، التي تسعى، كلٌّ بطريقتها،

لرسم ملامح الرحلة بين الحلم والحب…

بين الألم وفرح النبض من جديد.

 

النص الأول:

وجه الروح ( ( 1

 

في الليالي المقمرة،

حين تسكنني الوحدةُ،

تنسلُّ ذراعي وتلامسُ القمر…

أداعبُه بشغفِ العاشق،

ونحلّق معًا في فضائنا اللامحدود،

دون موانع،

دون سياج.

 

تغمرني بقبلةٍ

تبعدُ عن كياني

كلَّ ألمٍ، كلَّ غربة،

وتُبهجُ روحي،

فترسو…

عبدالجابر حبيب

 

يا امرأةَ العصور،

أشرعُ نوافذَ العمرِ

للرِّيحِ، للشَّمسِ،

أغوصُ في التكوينِ،

أُقلِّبُ جنونَ الحكمةِ

في دفترِ الذكرياتِ.

 

 

منذ همسَ العشرينُ باسمكِ،

وأنا ألاحقُ خطاكِ

على عشبِ البيدر،

أرصفةِ المدينة،

وأحجارِ ممرِّ المغامرة.

رأيتكِ

تتفتَّحين بوردةٍ يُغْرِقُها الندى،

تشقِّين أضلاعَ الفجرِ بعطرِ الحُبِّ

للحياة… لصلاةٍ أبدية…

لنهارٍ جديد.

تمزجين ألوانَ القوس

في بوتقةِ رسّامٍ مهووس،

وتُذيبين فتنةَ الكونِ

في كؤوسٍ لا تهدأ زوابعُها.

 

 

حين اقتربتِ من أبوابِ الثلاثين،

تحوَّلتِ إلى طفلةٍ شقيّةٍ

تُبهجُ دموعُها قلوبَ العاشقين،

تُوقدين النيرانَ…

جوان سلو

“الرهان متواصل والخسارات أيضاً، فكل حركةٍ باستثناء الركض خلف الكرة، كانت تحمل له شيئاً من الخسارة”

الإدمان على الرهانات الخاسرة هو حالة تصف الشخص الذي يجد نفسه متورطًا في عادة الرهان بشكل متكرر ومستمر على أشياء مثل القمار أو الألعاب الرياضية أو أي نوع آخر من الرهانات، مع تكرار فشله في تحقيق الفوز أو تحقيق…

ماهين شيخاني

 

“يوميات موظف” ستكون عبارة عن مجموعة قصص قصيرة متصلة بالمكان والزمان، لكنها لا تتبع حبكة واحدة، بل كل قصة ترصد موقفًا مختلفًا من الحياة اليومية لموظف بسيط يعمل بعيدًا عن مدينته، يتنقل بالحافلات، يعاني من تعب الطريق، يواجه مواقف اجتماعية متنوعة: (عنصرية، فقر، صداقة، غدر، بيروقراطية الوظائف، ذكريات حب قديم… الخ).

إهداء

إلى أولئك الذين حملوا…