مشاعل الفكر مغايرون للكل

ابراهيم البليهي

الاختلاف بين مشاعل الفكر وعموم الناس هو  اختلافٌ نوعي وليس مجرد سبْقٍ زمني …. لذلك يخطئ الكثيرون حين يصفون مشاعل الفكر بأنهم سابقون لعصورهم لأن صفة السَّبْق تُبقيهم في نفس المسار لكنهم فقط سابقون لغيرهم  وهذا يعني عدم اختلافهم عن الآخرين …. أما الحقيقة فهي أن مشاعل الفكر يختلفون نوعيا عن الجموع في طريقة تفكيرهم وفي اتجاه سيرهم … لذلك فهم خارقون لأنهم يفكرون بما هو مضاد للسائد ويتحركون عكس كل التيارات الجارية فهم غير قياسيين ….. 
      إن مشاعل الفكر يكسرون القواعد السارية ويخرجون على الناس بما يغاير ما هو سائد ويأتون بما هو  مناقض لما هو موروث …. لذلك تثور ضدهم مجتمعاتهم إن سقراط واجه اليونانيين بما يخالف السائد فأعدموه ويتكرر المشهد المأساوي مع كل مشاعل الفكر الاستثنائيين خلال كل مراحل التاريخ فلم تتقدم الحضارة إلا بكسر السائد وتهيئة الواقع إلى تجاوز ما هو متحقق والتحول إلى مستوى أرفع … 
فبدون ذلك يحصل ليس فقط التحجر وإنما يحصل التراجع طبقًا لقانون الانتروبيا فالتطور الحضاري هو نتاج التحولات التي قاد إليها مشاعل الفكر  وقادة الفعل فإذا كان قائد الفعل هو نفسه من مشاعل الفكر جاءت النتائج أسرع وأروع ….
الأفكار الخارقة ليست نتاج البيئة التي ظهرت فيها وإنما تأتي مضادة لهذه البيئة … والأفراد الخارقون لم تُنجبهم بيئاتهم وإنما هم بمثابة الطفرة خارج الثقافة السائدة فمثلما أن التطور في الأحياء يؤدي إلى اختلافات نوعية فكذلك الحضارة لا تتطور إلا بما هو مضاد للجاري حيث يحصل التحول ……

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مروان شيخي

المقدّمةُ:

في المشهدِ الشِّعريِّ الكُرديِّ المعاصرِ، يبرزُ الشاعرُ فرهادُ دِريعي بوصفِه صوتاً خاصّاً يتكلّمُ من عمقِ التجربةِ الإنسانيّةِ، لا بوصفِه شاهداً على الألمِ فحسبُ، بل فاعلاً في تحويلِه إلى جمالٍ لغويٍّ يتجاوزُ حدودَ المكانِ والهويّةِ.

ديوانُه «مؤامرةُ الحِبْرِ» ليسَ مجرّدَ مجموعةِ نصوصٍ، بل هو مساحةٌ روحيّةٌ وفكريّةٌ تشتبكُ…

غريب ملا زلال

سرمد يوسف قادر، أو سرمد الرسام كما هو معروف، عاش وترعرع في بيت فني، في دهوك، في كردستان العراق، فهو إبن الفنان الدهوكي المعروف يوسف زنكنة، فكان لا بد أن تكون حياته ممتلئة وزاخرة بتجربة والده، وأن يكتسب منها بعضاً من أهم الدروس التي أضاءت طريقه نحو الحياة التي يقتنص منها بعضاً من…

أحمد مرعان

في المساءِ تستطردُ الأفكارُ حين يهدأ ضجيجُ المدينة قليلًا، تتسللُ إلى الروحِ هواجسُ ثقيلة، ترمي بظلالِها في عتمةِ الليلِ وسكونِه، أفتحُ النافذة، أستنشقُ شيئًا من صفاءِ الأوكسجين مع هدوءِ حركةِ السيرِ قليلًا، فلا أرى في الأفقِ سوى أضواءٍ متعبةٍ مثلي، تلمعُ وكأنها تستنجد. أُغلقُ النافذةَ بتردد، أتابعُ على الشاشةِ البرامجَ علّني أقتلُ…

رضوان شيخو

 

ألا يا صاحِ لو تدري

بنار الشوق في صدري؟

تركتُ جُلَّ أحبابي

وحدَّ الشوق من صبري.

ونحن هكذا عشنا

ونختمها ب ( لا أدري).

وكنَّا (دمية) الدُّنيا

من المهد إلى القبر..

ونسعى نحو خابية

تجود بمشرب عكر..

أُخِذنا من نواصينا

وجرُّونا إلى الوكر..

نحيد عن مبادئنا

ونحيي ليلة القدر

ونبقى…