وداعاً، سامي العامري!

عبد الستار نورعلي

وهكذا ! في كلِّ يومٍ نُفجَعُ
بصاحبٍ وصادقٍ لا يَرجِعُ
زمانُنا، خسائرٌ، كم تُوجِعُ
وداعا !
أيُّها الصديقُ الصادقُ الطائرُ النقيّ، والشاعرُ الرقيقُ العَذْبُ البَهيّ، شاعرُ البجعِ والوجعِ، والقلبِ النديّ.
وداعاً، سامي العامريّ.
أهدي إليكَ ثانيةً قصيدتي التي كتبتُها فيكَ بتاريخ الخميس 26 آذار/مارس 2009:
شُغفْتُ بما تقولُ هوىً مُراقا
صبـابةَ عاشـقٍ ، غنّى  وتـاقـا
شُغِفتُ أنا القتيلَ بكلِّ حرفٍ
بجمرِ الشـعرِ  يأتلقُ  ائتلاقـا
فما  مثلُ القـوافي  غانياتٌ
نشدُّ  بدربـها  عيناً  وساقا
تبـارزُنا التـوهُّـجَ ، والمعـاني
تقاسمُنا المواجعَ أنْ تُطاقا
تفـكُّ أناملاً ، وتسـوقُ ريشـاً
يخطُّ صدى القلوبِ دماً مُراقا
تغـازلُنـا ، فننظمُهـا حُليّـاً
تُطوِّقُ جيدَ محبوبٍ عِناقا
تضمُّ مصارعَ العشاقِ تروي
مَلاعبَهـمْ  لهيبـاً مُستذاقـا
وهل مثـلُ  القوافي  أغنياتٌ
عزفْنَ شرائعَ الحبِّ اعتناقا؟
تُظللنـا  ، بظـلٍّ مـِن جناحٍ
رقيقِ الرَفِّ بالأرواحِ حاقا
فهـذا عبقـرٌ ، لـَمَّ الرفاقـا
بواديـهِ ، وأطلقـهم رِقاقـا
شياطينٌ تصبُّ لنا  كؤوساً
لتروي ظامئاً عشقاً زُهاقا
وتمـلأَ  سـمعَ  نادينـا  رَويـّاً
شجيّاً يعلقُ النفسَ اعتلاقا
             *   *
لذيذاً  كم نذوقُ لكَ المَذاقا
بنارِ الشعرِ تُشعلُنا احتراقا
فكلُّ قصيدة تُشـجيكَ  لحناً
وحباً شدَّ في الصدرِ الوثاقا
نزيفُكَ نزفُنا وصـداهُ صوتٌ
يدورُ بجَمعِنا كأساً دهاقا
هـوانا ، واحدٌ ، فردٌ  ، نزيلٌ
بلُبِّ القلبِ يعصرُنا اشتياقا 
وهلْ بعدَ العراقِ لنا خليلٌ
يضمُّ ضلوعَنا طوقـاً وطاقا؟
أبغـدادَ  المغانـي ، و المراثـي ،
لكِ الصَبَواتُ تُمتشَقُ امتشاقا
شربْتُ  بكفـكِ  الماءَ  الفراتا
عتقْتُ بروضـكِ الحُلُمَ انعتاقا
وإذْ ضاقتْ بـيَ الآفاقُ أهلاً
وشدّوا حـولَ وادينا الخِناقا
حملْتُ مواجعي ورميْتُ حُلْمي
فعـاشـرْتُ المهاجـرَ، والفِراقـا
ودُرْتُ مشارقاً وحللْتُ غرباً
بحاراً، أمْ سُهولاً ، أمْ زُقاقا
فلمْ أشـهدْ لحضنكِ منْ مثيـلٍ
يُخفِّـفُ لاعجاً ، ويُريـحُ سـاقـا
          *   *   
أياخمرَ القوافي أنْ تُسـاقَى،
لذيـذَ الشـدوِ تسكبُها غُداقا
طربْتُ، وقد سكرْتُ بفنِ قولٍ
نُعـِدُّ  لهُ  السَـوابقَ  والنياقـا
صريعَ النَظْمِ ماجاشَتْ بصدري
أحاسيسي ، رياءاً  ،  أو نفـاقـا
ولكنْ .. هزَّهـا قـولٌ بليـغٌ
جمالاً واصطياداً واختراقا
عبد الستار نورعلي
السبت 22 تموز/يوليو 2023 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن حديثاً المجموعة القصصية “تبغ الفجر” الشاعر السوري الكردي علي جازو، في كتاب يضم اثنتين وعشرين قصة قصيرة تتنوع بين النصوص اليومية المكثفة والمقاطع التأملية ذات الطابع الشعري والفلسفي.

تتّسم قصص المجموعة بأسلوب سرديّ دقيق، يبتعد عن الزخرفة اللغوية ويميل إلى الكتابة من الداخل. الشخصيات تتحدّث من دواخلها لا من مواقفها، وتُركّز…

خوشناف سليمان ديبو

 

يُعد الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي من أبرز وأعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي. فقد أدرِجت معظم أعماله ضمن قوائم أفضل وأهم الإبداعات الأدبية وأكثرها عبقرية. وتكمن أعظم ميزات أدبه في قدرته الفذة على سبر أغوار النفس البشرية، وتحليل خفاياها ودوافعها العميقة. قراءة رواياته ليست مجرد متعة سردية، بل رحلة فكرية وروحية تُلهم…

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…