طمْأنات

إبراهيم محمود

إذا شعرت ِ يوماً بالخوف من كلاب الحي
وأنت على حدود حيّك التليد
وهي تتعقبك
وتخشين عضَّتها المعهودة
اطمئنّي
أنا أعرفها كلباً كلباً
بأشكالها، ألوانها، طبيعة نواحها، وبصبصاتها
تذكَّري جيداً
داخل قلبي قطيع من الذئاب التي درَّبتها على يديّ
أهدهدها بجواري ليلاً 
وأطلقها نهاراً
تستطلع كل شبهة
تعرف مداخل الحي ومخارجه تماماً
إن ذئباً واحداً قادر على مواجهة كل الكلاب التي تعرفين أسماءها
***
إذا شعرت يوماً أن هناك ضبعاً ما يناور لنهشك على حين غرَّة
وأنت في طريقك الطويل
اهدئي يا قرّة عيني
وأنت بكامل أطلسك القيّوم
ثمة نمور أعددتُها لواقعة كهذه
نمر واحد قادر على مصارعة كل الضباع التي تعلمين بأمرها بامتداد الطريق الطريق
ضراوتها تسقط أمام خفة أي نمر من نموري
***
إذا شعرت يوماً أن ثمة حية تدور زاحفة حولك
وأنت تقرئين كتاب سمائك الفسيح
ويُخشى من لسعتها
دعي الخوف جانباً
القنافذ التي نشرتُها في المنطقة
لديها رائحة شم لكل الزواحف الموجودة
فالحة في الفتك بأي حية تفكّرين فيها
تابعي مسيرتك إلى سمائك الكريستالية
 وأنت في راحة بال
***
إذا تهيأ لك يوماً أن ثمة خنزيراً على مقربة منك
ولا يُطمأن إليه
وأنت تتوحَّمين ببرّيتك الوارفة المناقب
ثقي بمن يحرص عليك
كل خنازير البرّية الواسعة التي رأيتها وترينها
معروفة بأصولها وطبائعها
إن الفيلة التي ألَفَتْ يدي وصوتي ورائحتي
على مقربة منك
معنيَّة بسلامتك
فصُولي وجُولي 
والبسي هواء البرّية النقي دون تردد
***
إذا خشيت يوماً من انقضاض عقاب مجهول عليك
وأنت بجوار غابة تغذّي روحك بطلاقة الطبيعة
لا تهتمي
كل العقبان التي تشهدها السماء والأرض
معروفة بفصائلها ومواطنها
ثمة أوشاق كثيرة خرَّجتها في قلبي لساعة كهذه
لا عقاب يجرؤ على الاقتراب منك
وعيون الأوشاق ترصد الأعالي على مدار الساعة 
فاسبحي بخطى روحك الوثابة بين توأمي الأرض والسماء
***
إذا شعرت يوماً بالخوف وأنت تحاولين عبور نهرك ذي الحكمة الهادرة
تحسباً لهجوم تمساح مباغت
اقطعيه وعيناك على الضفة الأخرى
وخذي علماً
أن تماسيح النهر كافة
مسجَّلة بأسمائها وصورها وتحركاتها في أرشيفي العام
وزيدي سكَينة
أن أفراساً نهرية غير مسبوقة
ترعرعت في ظلال روحي النهرية الواسعة
فأي تمساح تخوّل له نفسه بالاقتراب منك
وهي تتقاسم مواقع النهر من أوله إلى آخر
النهر سيحملك على كفوف راحته
وهو ممتن لك
يا من كنت وتكونين وطناً لي 
وإلى أبد الآبدين

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…