إسماعيل كوسا يعانق النجم

عبداللطيف الحسينيّ. برلين 

أكتبُ لاسماعيل من منتبذي برلين،وكلٌّ منكم يكتبُ أوسيكتبُ عنه من منتبذاته: فرنسا وكندا وأمريكا والهند.
أرأيتَم كيفَ طوّحت بنا الدنيا.؟
كنّا خمسين ….. ثمّ تقدّم العمرُ بالزمن الذي شاخ بنا، فنقصَ العددُ إلى النصف ثم إلى الربع أو إلى الأقلّ ، بقينا:” إسماعيل كوسا وعدنان شيخموس وحليم يوسف وعبدالقادر موسى و وليد الحسيني ومروان شيخي و لقمان محمود وأنا” وتركْنا خلفَنا مئات الجلسات الأدبية داخلَ البيوت أو في المراكز الثقافية في المحافظة وعشرات المنابر الورقيّة التي تحتفظ بنتاجنا…ولم تزل : شعراً ورسماً ونقداً وقصّة، إلى أن فرّقتنا هذه الأرضُ ،ففيها منأى للكريم عن الاذى.
….
قبل أكثرَ من عقدين طلبتُ منه طباعةَ عملٍ شعريّ له ، فعندَه الكثيرُ ليجمعَه و يشذّبه ليُصار إلى كتاب مطبوع تبرّكاً بنا نحن الذين لنا كتبُنا المطبوعة” حليم ومروان و لقمان وأنا” ولنجتمع حولَ ديوانه الذي أسماه”حديقة واسعة للتعب” وبشرطٍ ، وهو شرطُ الحريّة،أن نسلخ الكتاب بملاحظاتنا ،وعليه أن يرضى ومن ثمّ عليه أن يطبع بعد الأخذ بالملاحظات،
فوافق ضاحكاً:”على الاٌقلّ سأنجو منكم بعد الطباعة” ، والتفَتَ إليّ”وخاصة أنت الذي تلاحق الضمة والفتحة والكسرة وهمزتي القطع والوصل”.
: أنت شاعري يا إسماعيل.
قبل عقد ذهبتُ إليه لأودّعه قبل خروجي من عامودا: باتت المدينةُ تضيقُ بي أو أضيقُ بها، ولم أعد أتحمّل العيش فيها ، وعلى غرار كفافيس:”سأذهبُ إلى بلاد أخرى، سأذهبُ إلى ضفة أخرى، سأجدُ مدينةً أفضلَ من هذه المدينة”.يا
إسماعيل؟.
فردّ عليّ على غرار كفافيس: لن تجدَ أرَضاً جديدةً ،ولا بحاراً أخرى، فالمدينةُ ستتبعُكَ، وستُطَوِّفُ في الطُّرُقاتِ ذاتِها ، وتَهرَمُ في الأحياءِ نفسِها، وتشيبُ ، أخيراً ، في البيوتِ نفسِها. ستؤدِّي بكَ السُّبُلُ ، دائماً ، إلى هذه المدينةِ.
فلا تأْمُلَنَّ في فرارٍ
إذْ ليس لك من سفينةٍ
و لا مِن طريقٍ .
وكما خرّبْتَ حياتَكَ هنا
في هذه الزاويةِ من العالَم
فهي خرابٌ أنّى ذهبْتَ”.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

 

صبحي دقوري

 

حكاية

 

كان “دارا” يمشي في شوارع المدينة الأوروبية كما يمشي غريبٌ يعرف أنه ليس غريباً تماماً. العالم لا يخيفه، لكنه لا يعترف به أيضاً. كان يشعر أنه ككلمة كورديّة ضائعة في كتاب لا يعرف لغتها. ومع ذلك، كان يمشي بثقة، كما لو أن خطواته تحمل وطأة أسلافه الذين عبروا الجبال بلا خرائط.

 

في تلك الليلة، حين…

عِصْمَت شَاهِين الدُّوسْكِي

 

دُرَّةُ البَحْرِ وَالنُّورِ وَالقَمَر

دُرَّةٌ فِيكِ الشَّوْقُ اعْتَمَر

كَيفَ أُدَارِي نَظَرَاتِي

وَأَنْتِ كُلُّ الجِهَاتِ وَالنَّظَر

***

أَنْتَظِرُ أَنْ تَكْتُبِي وَتَكْتُبِي

أَشْعُرُ بَيْنَنَا نَبْضَ قَلْب

بِحَارٌ وَمَسَافَاتٌ وَأَقْدَارٌ

وَحُلْمٌ بَيْنَ أَطْيَافِهِ صَخَب

***

دَعِينِي أَتَغَزَّلْ وَأَتَغَزَّل

فِي عَيْنَيْكِ سِحْرُ الأَمَل

مَهْمَا كَانَ النَّوَى بَعِيدًا

أُحِسُّ أَنَّكِ مَلِكَةٌ لَا تَتَرَجَّل

***

دُرَرٌ فِي بَحْرِي كَثِيرَةٌ

لَكِنَّكِ أَجْمَلُ الدُّرَرِ الغَزِيرَةِ

أَقِفُ أَمَامَ الشَّاطِئِ

لَعَلَّ مَقَامَكِ يَتَجَلَّى كَأَمِيرَةٍ

***

أَنْتِ مَلِكَةُ البَحْرِ وَالجَمَالِ

لَا يَصْعُبُ الهَوَى وَالدلالُ

لَوْ خَيَّرُوكِ…

فواز عبدي

حين وقعت بين يديّ المجموعة الشعرية “مؤامرة الحبر، جنازات قصائد مذبوحة”[1] للشاعر فرهاد دريعي، وأردت الكتابة عنها، استوقفني العنوان طويلاً، بدا لي كمصيدة، كمتاهة يصعب الخروج منها فترددت في الدخول، لكن مع الاستمرار في القراءة وجدت نفسي مشدوداً إلى القصيدة الأولى بما تحمله من غنى وتعدد في المستويات، فهي تكاد تكثف فلسفة…

فراس حج محمد| فلسطين

لا أقول صدفة، فأنا لا أحبّ موضوع الصدف، ولا أومن فيه، لكنّ شيئاً ما قادني إلى هذا الكتاب، وأنا أتصفّح أحد أعداد جريدة أخبار الأدب المصريّة (عدد الأحد، 26/10/2025)، ثمّة نصّ منشور على الصفحة الأخيرة لـ “نجوان درويش”، بعنوان “بطاقة هُوِيّة”، لوهلةٍ التبس عليّ الأمر فبطاقة هُوِيّة اسم قصيدة لمحمود درويش، وهي…