الغصن الحنون

د آلان كيكاني

ظن الناس أنها ماتت.
منذ أن هجرها ذووها ومضوا راكبين البحر وهي تذبل وتصارع اليباس.
لم يسقها أحد، ولم يقلم أحد أغصانها. وما تبقى عليها من ورق وثمر كان مرمىً لحجارة الأوغاد حتى تعرت وبدت مثل جنين سقط للتو من رحم أمه.
لكن ذات صباح استفاق الناس مستغربين.
ها هي تخضرّ من جديد.
ها هي أغصانها تتفتق عن أوراق ناعمة مثل أجنحة الفراشات.
ها هي براعمٌ غضةٌ تبشر بالخير…
لم يصدق أحد.
من سقاها؟
من اهتم بها؟
من كلمها أو غنى لها؟
من مسح على جذعها؟
أسئلة لم يجب عليها أحد.
قالوا أنّ الشجر يشمّ… وربما الريح الآتية من جهة الغرب حمل إليها أنفاس أهلها فانبعثت.
وقالوا بل أنه يسمع… فأتاها من ينقل إليها أخبارهم.
وقالوا بل أنه يحلم…. فرأتهم في نومها.
وقالوا بل إنه يبكي… فروت جذورها بدموعها.
وقالوا بل إن للشجرة ذاكرة تكمن في جذورها وأن الجذور هذه لا تموت أبداً أبداً.
وهكذا احتار الناس في أمر الشجرة الغريبة هذه.
لكن ما دفعهم إلى الدهشة هو ذلك الغصن الجامح الذي سلك جهة الغرب وراح ينمو بسرعة مذهلة. فقد برز مثل يد غريق تمتد من فوق الجبال والوديان والسهول دون توقف.
ما كان بوسع أحد أن يوقف هذا الغصن.
جاؤوا بنجار لكن منشاره تحطم.
بنوا جداراً اسمنتياً في طريقه فاخترقه كما تخترق الابرة نسيج الصوف.
وظل الغصن يمتد ويمتد.
تجاوز اليابسة وعبر من فوق البحار.
ثم من جديد صار فوق اليابسة في الجهة الثانية من البحر.
وقف قباطنة البحر والجو يراقبونه مذهولين وعاجزين عن فعل شيء.
وحتى علماء الطبيعة والفلك وقفوا عاقدين أيديهم فوق صدورهم والفضول يتملكهم، ترى أين سينتهي هذا الغصن؟
ذات فجر أحست زينب النائمة على سريرها الوثير أن شيئاً ما يعانقها.
سامحيني يا صغيرتي. يبدو أنني نسيت عشاءك. سامحيني يا حنونتي. سأقوم حالاً. هل تشتهين التونا يا بسبوستي أم الدجاج؟…. آه يبدو أن أظافرك استطالت ويلزمها قص…..
ومدت يدها لتلامس مخالب قطتها…
لكن أناملها اصطدمت بحبتي زيتون.
=================
موجز عن الأصل
من مجموعة قصصية طور الكتابة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…