يدك التي تجهلها ! أتجلها ؟ «منها- إليه»

إبراهيم محمود 
يا الرجل المفتون بذكورته
يدك التي تشعل بها حروباً 
في تاريخك الطويل الطويل
تريد إقناعي أنها صديقة للشجر
للورد
للنجوم
حين تعدها معتمداً على أصابعك
أتريد أنها تؤمن سلماً
وأنت مثقَل بكل هذه الدماء؟
يا الرجل المفتون بذكورته
يدك التي لا تكف عن تفجير الصراعات
لا تكف عن حبْك الدسائس والمؤامرات
تريد خداعي أنها تنافس العشب في نعومته
تمسّد ريش الحمام مسالمةً
تمسح وجه القمر ليزداد جمالاً
أتريد إيهامي أنها تؤمّن لي طمأنينة
وأنت مرفَق بكل هذه القلاقل؟
يا الرجل المفتون بذكورته
يدك التي تقدّم إلي باقة ورد تطرب عبقاً
وفي داخلها ينبض عرق ذكورتك
النظر إلي طريدة ذكورته
فخاً ينصب لقلبي المأخوذ بإنسانيتك المعرَّفة كثيراً بيدها
أتريد استدراجي إلى حضنك الشائك
وأنت تخفي ما لا يتمناه نبت ولا دابة ولا حجر؟
يا الرجل المفتون بذكورته
يده المفتونة بحمل العصا
يده المفتونة بالخيزرانة بالغة الإيلام
يده المفتونة بهز الكرباج
ترجمة حية لذكورته الفارطة
أتريد تنويري بأنها ترسم محمية
وفيها وعليها يخيّم ظلك الممطر رعباً؟
يا الرجل المفتون بذكورته
كيف ليدي أن تطمئن إلى يدك
وأنا في حسابك الجاري مجرد يد حين تطلبني من أهلي
وأنت مجر حين تمسك بيدي 
وتشدني إليك بيدك وملؤك نشوة ذكورة
يدك وأنت تكشف عن وجهي 
كأنما تزيح ستاراً عن تمثال صنعته بهواك
وملؤك تفاخر ذكورة
يدك التي تضغط على كامل جسدي
لتتأكد أنني ناعمة طرية
استجابة لخشونة ذكورتك
يا الرجل المفتون بذكورته
يدك التي تترجمك من أعلاك إلى أسفلك
صفعاً
لكماً
شداً لشعري
ضرباً بالعصا
بالخيزران
بالكرباج
يدك التي تهددني بك: كسراً ليدي لحظة تحب
شداً لشعري ساعة ترغب
كتماً لأنفاسي حين تريد
تصفية لحياتي:
قتلاً
طعناً
ذبحاً
حرقاً
قرباناً
تضحية
استحكاماً عائلياً
أهلياً
عرفياً
قانونياً
دون تردد
وملؤك انتصار ذكورة تتباهى بها
في تاريخك الطويل الطويل
لستَ سوى ” يدك ” التي تفجر حروباً
وتثير صراعات
فأي عبق وردة ينبعث بعد ملامستها؟
أي هواء نقي يعرّف بنفسه وقد مازجته أصابع يدك؟
أي نجم يصفو مزاجه وقد سمَّته يدك
أي قمر يمضي ليله آمناً إثر إشارة يدك إليها
أي جسد إنساني، وأنت تنزِل فيّ كل هذه الأهواء:
حروبك الذكورية
صراعاتك الذكورية
خلافاتك الذكورية
غطرساتك الذكورية
تمثيلياتك وأنت مؤلفها ومخرجها وجمهورها
وكأنك كورسك المعلوم بك
وأن تكون ” رب ” بيت أكون محكومته
أن تكون تاج رأسي
الذي يجردني من كوني امرأة أكبر من حجم يدك
يا الرجل المفتون بذكورته
لستُ يداً كما تعرَف بها
أنا جسد بكامله
جسد بريء من الحروب
الصراعات
الخلافات
التي تسمّيك غالباً
هلّا ساءلت عن يدك الضاربة وتاريخها الفظيع؟
عندما تصبح جسدَك الحي بكامله
ستراني متوحدة معك ما بقيت الحياة
حينها سأصافحك في روحك
سأتنفسك عبر رائحة باقة وردك المصفاة
وأفتقدك بكاملك إن ابتعدت عني 
ولو لثانية واحدة..
ولو لجزء من الثانية الواحدة…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…