عالية ميرزا في عرس فينكس

كيفهات أسعد 

 
حين تقرأ كتاب ” عرس فينكس” وهو عبارة عن نص مفتوح،  للكاتبة العراقية الكردية عالية ميرزا فإنك تقرأ القصيدة في أبهى توصيفاتها، حيث قدمت نفسها بأنها عرابة الحداثة في الطرح والمزج بين النص السردي والشعر والومضة الشعرية في توليفة  على شكل نص مفتوح، قدمتها في كتابها عرس فينكس،
إنه في الحقيقة نص بديع وطويل مليء بالبعد الاجتماعي والسياسي، بعد أن تعرضت   كردستان بشكل عام ومدينة كركوك خاصةً للعصف نتيجة ظروف معينة.
نص باذخ الجمال وبلغة مبهرة وجميلة، أرادت الكاتبة  من خلال لغتها الشعرية إبراز نقاط الضعف والقوة في مجتمع نشأت فيه، لتسلط الضوء على نواحٍ كثيرة في حياة المرأة عبر عملية الإسقاط  على الذات، جاعلة من تجربتها  نموذجا عن الكثيرات من اليافعات والشابات والنسوة في ذلك المدى الجغرافي، وفي تلك الفترة الزمنية.
هناك تشابه كبير بين أجواء الكتاب وأجواء الفنان التشكيلي الكردي السوري خليل عبد القادر الذي يستثمر المجازفة في البلاغة الفارهة والرعوية والعشق والمرأة، في لوحة واحدة تنبض بالحنين والعشق الأنثوي الخالص، والحزن المليء بالوحدة.
تأخذنا عالية في صفحات كتابها نحو فضاءات رحبة مليئة بالنداءات الشجية والشجن الجميل،
وعالية إضافة  إلى إنها كاتبة وشاعرة فإن لديها تجربة رياضية و مسرحية،  حيث كانت ممثلة مسرحية في كركوك
وبطلة جمهورية العراق في ألعاب القوى، لذلك فهي تعرف كيف تصور أبطالها وشخوصها، وكيف تتأهل بهم إلى أولمبياد الجمال والابداع والفجأة.
وأخير
سيثير هذا الكتاب  أسئلة كثيرة بين المهتمين بالثقافة والشعر لزمن طويل،  لأن الكتابة الإبداعية الحقيقية أقوى سلاح في التغيير
أجل إن كتاب ” عرس فينكس ” هو بمثابة محراث في جهنم  عكس الكثير من كتب النساء التي كانت  تنطلق وترمز في أبعد حد إلى الوجع وبخجل
أما هنا  فإن القارئ أمام الوضوح في الطرح والرؤيا، دون تزويقات مجتمعية  أو قوالب جاهزة
وتعد عالية من الأصوات الجديدة في الساحة الشعرية العراقية.
كما إنها ناشطة في الحركة الثقافية العراقية منذ السبعينات من القرن الماضي، إلا إن ظروف الهجرة والغربة في السويد  أبعدتها لفترة طويلة.
اما عرس فينكس. الكتاب الأول لميرزا فقد نشر عن دار” هن” في جمهورية مصر
وقدم للكتاب الروائي والشاعر الكردي السوري ابراهيم اليوسف، من خلال لغة عالية منصفة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…