عدت يا يوم مولدي..

محمد إدريس

   هل كانت أمي تعرف أنها ستلدني في نهاية شهر ديسمبر يا ترى ! وهل استعدت لهذا الشهر البارد بالألبسة والأغطية الصوفية الثقيلة ، أم أنها اعتمدت على الحظ والصدفة ، وعلى ما يتوفر عندها من ألبسة آنذاك !
      يقولون بأني قد ولدت في الثلجة الكبيرة ، حيث تساقطت الثلوج في تلك السنة بغزارة لم تشهدها البلاد من قبل ، وغطى اللون الأبيض السماء والأرض عن بكرة أبيهما .
طبعا أنا لا أذكر تلك الثلجة ، ولا تلك الأجواء الشديدة البرودة ، إلا أنني أحس بالبرد في أطرافي كلما تخيلت ذلك المشهد الرهيب .
لقد اقترن يوم مولدي مع مولد سيدنا المسيح ( أواخر شهر ديسمبر ) في نفس الوقت تقريباً ، وفي نفس الأجواء الباردة والثلجية !
هل كان التوقيت مجرد صدفة يا ترى ، أم أن للموضوع علاقة بالنجوم والطوالع .
لا أدري ماذا أقول بهذا الخصوص ، إلا أنني أحس بأنني أنتمي إلى نفس المجموعة الروحانية التي تحتفي بالأخلاق ، وتتمسك بالمبادئ والمثل، التي جاء بها سيدنا المسيح- عليه السلام – حيث السلام والمحبة والتسامح علامات فارقة في فلسفتي ومبادئي وأفكاري .
ما زلت أتذكر تلك الأجواء الثلجية الباردة التي كانت تمر علينا في الضفة الغربية في فلسطين ، حيث الطقس البارد والثلوج البيضاء التي تغطي السماء والأرض لأيام عديدة . 
كنت احس بمتعة كبيرة وانا أتابع منظر الثلوج الرائعة وهي تتساقط على الأرض ، وكأنها قطع صغيرة من القطن الأبيض ، التي تتجمع فوق البيوت ، وتتراكم فوق الأشجار ، فتشكل بذلك صورأ بانورامية ساحرة .
ما تزال صورة شجرة الميلاد بأضوائها الملونة تثير في ذاكرتي الكثير من الأخيلة ، والكثير من التداعيات ، التي تذكرني بأعياد الميلاد عند إخواننا المسيحيين في رام الله ، وفي بيت لحم ، حيث الأجواء الروحانية المعتقة ، والاحتفالات الرومانسية الحالمة. 
     لشهر ديسمبر عندي معزة خاصة ، حيث أقيم فيه حفلاً خاصاً بمناسبة عيد ميلادي ، ادعو إليه الأهل والأصدقاء ، وأعيش فيه وإياهم اوقاتا سعيدة ورائعة .
” إن أجمل الأوقات هو ذلك الوقت لم نعشه بعد ، وأن أجمل البحار هو ذلك البحر الذي لم ترتده أشرعتنا بعد ” !
      كل عام وانتم بخير ، كل عام والعالم كله بخير وأمن وأمان .
محمد إدريس
شاعر وكاتب فلسطيني .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

نارين عمر

 

” التّاريخ يعيد نفسه” مقولة لم تُطلق من عبث أو من فراغ، إنّما هي ملخّص ما يحمله البشر من مفاهيم وأفكار عبر الأزمان والعهود، ويطبّقونها بأساليب وطرق متباينة وإن كانت كلّها تلتقي في نقطة ارتكاز واحدة، فها نحن نعيش القرن الحالي الذي يفتخر البشر فيه بوصولهم إلى القمر ومحاولة معانقة نجوم وكواكب أخرى…

محمد إدريس*

 

في زمنٍ كانت فيه البنادق نادرة، والحناجر مشروخة بالغربة، وُلد غسان كنفاني ليمنح القضية الفلسطينية صوتًا لا يخبو، وقلمًا لا يُكسر. لم يكن مجرد كاتبٍ بارع، بل كان حاملَ راية، ومهندسَ وعي، ومفجّر أسئلةٍ ما زالت تتردد حتى اليوم:

“لماذا لم يدقّوا جدران الخزان؟”

المنفى الأول: من عكا إلى بيروت

وُلد غسان كنفاني في مدينة عكا عام…

د. سرمد فوزي التايه

 

عندما تُبصر عنوان “فقراء الحُبّ” للكاتبة المقدسية رائدة سرندح، والصادرة عن دار فهرنهايت للنشر والتوزيع عام 2023، تُدرك أنَّ هناك أُناساً فقراء يفتقرون إلى الحد الأدنى من مُتطلبات الحُبّ كوسيلة من وسائل العيش الرغيد على وجه البسيطة، فتراهم يقتاتون ذلك الفتات على أملٍ منشود بأن يغنوا يوماً ما من ذلك المعين حتى…

نجاح هيفو

 

عندما نتحدث عن الذكورية، فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان هو السلوكيات الفردية التي يمارسها بعض الرجال تجاه النساء: تحكم، تمييز، عنف، وتهميش. لكن الأخطر من كل ذلك هو ما يسمى بـ ذكورية المؤسسات، وهي الذكورية المتجذرة في أنظمة وهيكليات المجتمع، بدءًا من القانون والتعليم وصولاً إلى الأحزاب السياسية والسلطات الحاكمة.

ذكورية الرجال قد تتغير…