عبدالكريم مراد
أيُّها الحضنُ الدافئ ……
وطني
منذ غادرتُك
تباهى الحزنُ
بأنَّه من الأحلام أكبرُ
فامتدَّ الخوف إلى الأعماق
آيةُ الوجود انعكسَتْ
وبدأَت في الشرايين
تسري رياحٌ عاتية
هبَّتْ
وتفتَّح الزهرُ رغمَ تناثرِ الطلع
إنَّه الأمل بغدٍ أفضل
فالأملُ يدفعني
لأجلك أكثرَ وأكثرَ
أحنُّ إلى كلِّ شيءٍ تركتُه فيك
أحنُّ إلى داري ومدرستي
أحن إلى المعهد الملون
بألوان الزهر
لتسطع الحياة
وتنبثق براعمُ الشوق
إلى أهلي وطلابي وأقراني
ولن تستطيعَ أيةُ أرض ٍ
مهما كانتْ
مهما اخضرَّت وازدانت
أن تروي عطشي إلى وجهك
ولا أن تمسحَ غبارَ التعب
ولا شبحَ الأسى عن جبهتي
عن قلبي المُنهَك
والتاريخُ يشهد
فالخالة لا تُغني عن الأُمِّ
******
يقولون:
وشاحُ الحرب
وسُحُب دخان الحراقات
تحجب زرقةَ سمائِك
وأرضُك تستسْقي أرواحَنا كل لحظة
فتُذبَحُ كلَّ يوم ٍ ألفَ مرة
لكنَّ عهدي بك
كالشجرةِ العاتيةِ في وجه الريح …..
فارسٌ مُعلَم
كأنّك وسطَ الوغى
تُنادي
أنا وريثُ الفراتِ ودجلة
أصالتي نبعُ الفيجةِ وبردى
ألحاني أنينُ نواعير العاصي
زوَّادتي تفاحُ الخابور
قيلولتي تحت ظلالِ الحُور
على ضفتَي جَقْجَقْ
وبين صخورِ الجرَّاح
أجدادي سكنوا
ليلانَ وگري موزا
ودير معلولا
وشيَّدوا جسرَ عين ديوار
وقلعةَ الرصافة ومدرجَ بصرى
وأقواسَ الحميدية وجامعَها
ومكتبتَها التي هي باسمك
وقصرَ زنُّوبيا في تدمر
وعمريتَ وأوغاريتَ وماري…
ومع زيتون عفرينَ الجريحة
غرسوا جذور السلام
وأمامَ قلعة حلب
وعلى نهر قويق
شيّدوا الرجولة
وعلى كل أبواب دمشق
زرعوا الياسمين
ليتدلّى على نوافذها
وعزقوا غوطتها …
فتمثال صلاح الدين الذي يتنكَّرون له
وتماثيل هنانو ويوسف العظمة
وسلطان الأطرش وصالح العلي
كلُّها تبثُّ العزمَ
وتُعمِّقُ الأصالة
وتشدُّ في صدري رباط التفاؤل
بأوتاد الحياة
يابلد الشمس
لقد كنتَ سفير السلام والمحبة
واليومَ رغم الأسى
تشمخُ
تقول للعالم أجمع :
إنَّ أبنائي موجودون …
سوريُّون
فُسيفساء
نسيجٌ ملوَّن بفئاتهم وطوائفهم
يَحيُون
يفكِّرون
ويبدعون
فمِن الألم
يصنعون الأملَ
سيطوون جراحهم
ليبتسموا للمستقبل ……
رغمَ القدر
ويصرخون مَلءَ الحناجر
لقد خُلِقنا لنكونَ أبناءَ الحياة …
أجلّ …. “نحنُ الحياة” !!.