محاولات لمطاردة المجاز الأعمى

مصطفى إسماعيل

أنا ذلكَ العجوزُ الكاسد
المستندُ إلى ندمه
في مقهى مهجور
وليس أمامه غير
أحلامه المشبوهة
إذ يتفقد على الطاولة
ذكرياته الميتة
مع كل رميةِ نردٍ ناقصة
ويُجبر كما غالباً
على مغادرة حياته المرهقة

إلى قبره الأرمل.
أنا ذلك العاشقُ
الذي لا تؤدي نصوص العشق إليه
يعصرُ ثيابه
ليستولي على ثرثرات موعدٍ
مدفونٍ في أقرب حديقة مهجورة..
إلا من بقايا السجائر..
التي يؤبنها مطرٌ عابرٌ
في صفقته الباهظة مع غير المعلن
أنا هو
إذ يلاحق أنثاه رائحةً.. رائحةْ كما دائماً
في دليل الهاتف.

أنا ذلك الشاعرُ
الذي يروّض الغيومَ
ويحاصرُ خزائنَ الرؤيا
بأصابعه التي نسيها في اعتذارٍ
لامرأة تمَّتُ له بصلة حبرٍ.
يرزم فوضاه
ليرمم مطره الغامض
في حدائق الغبار.
أنا هو
إذ يتأخر نسياناً .. نسياناً
عن شهوة ناقصة
ورصيفٍ عاطلٍ عن الحنين
لا يُعوّل عليه.

أنا ذلك الحبرُ
الذي يضلُُّ الدربَ دائماً
إلى ملكوت المجاز الأعمى.
ذلك المجازُ العماءُ أريده
لينهبَ يقيني
ويصلبَ أرقي على غابات الورقِ.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…