اكتبيني

إبراهيم محمود
اكتبيني إن أردت ِ
شجراً
لأسدد لك دَيناً تاريخياً مذ كان آدم:
أودِعُ يدَك ِ ملمس الرغبة حتى آخر الجذور اعترافاً قانونياً بفضيلتها
أمنح نظرتك التليدة ثمراً شهياً استردادَ حق لك
أظلل خطاك إلى نهاية المنشود إشعاراً بمسئولية تقصير
أجعل طريقك مسلكاً لتجليات سالفة دَيناً آخر لمسافات عليَّ
أسمع شهادة فمك بلغة تتوقف عليك حصراً لتغمريني بأمان مفقود
ربما لأسمع صوت سلفي البعيد البعيد آدم: أحسنت يا ولدي
***
اكتبيني إن رغبت 
قمراً
حينها
أناغيك على مدار ليلي على عتبة بيتك المتوهج بك
حينها ستلقين عليَّ معطف قلبك جرعة دفء افتقده من زمان
حينها سأتمسح ببابك  متبركاً منتظراً إطلالتك ذات السماء الأخرى
أتقافز على أفنان شجرتك التي تتسامر ونافذتك ذات العروة الروحية
أنحّي جفني الكروي جانباً لئلا أغفل عنك ولو جزءاً من الثانية
وإن استسلمت ِ لنومك المعتبَر سأرجع إلى مداري هانئاً
لأنام بدوري حالماً بليلة قادمة يا نجمتي في صعود
***
اكتبيني إن اشتهيت
نهراً
ليزعل البحر
ليزعل المحيط
لابأس
لابأس يا أيقونة عمري العصية على التلف
سوف يندمان على فعلتهما سريعاً
في الحال:
سأترنم بمياهي المديدة كحكايات التكوين لأرتوي من تربتك
لن تبعدني عنك ضفة أو مسافة نائية أو زمهرير جليدي
سأحلّق حولك زناراً من طلَب قرب ما حييت
سأتوسل الهواء الحكيم كي يذكّرك بي إخلاصك لاسمك
سأعلِم الطيور كي تبثك نجواي بشهادة مجراي
سأخبِر الضواري أن مجاورتك أبدية استثنائية
سأنبّه اللغات كافة أن اسمك لن أتهجاه إشعاراً بتعظيمي لك
***
أكتبيني إن صعدت عالياً عالياً
جبلاً
سيثير ذلك حفيظة كل من السهل، التل، الوادي، النهر نفسه
سيندفع إليك الجبل كل صباح ليهديك باقة غير مسبوقة من الضوء والطّيب
سيحيل الجبل صورة لك عنواناً لا ينطفئ يهتدي إليك متسلّقوه
سيهذّب الشعراء العشاق قصائدهم بصورة أجمل من ذي قبل
سيعدّل الفنانون لوحاتهم ببهاء تطرب له ريشاتهم
سيندفع المؤرخون إلى تنقيح مدوناتهم بمستجدات لا تفوَّت كهذه
ولأول مرة ستحتفي كلٌّ من يدي وذاكرتي على منجز استقصائي كهذا
***
اكتبيني إن تخيلت
سماءً
وقتها
سأفيض عليك بكل ما لدي من نجوم
سأحفّز المجرات كي تعترف بروعة تكوينك
سأدفع بأصوات غابرة أن تمنحك مكانة معتبرة
ستمطرك السماء رسائل ” لايكات ” من كائنات مجهولة
سألهِم ” غراندايزر ” نفسه كي يبوح لك بحبه في أكثر من حلقة
سأهاتف عوالم غاية في الصغر كي تحتفي بك
وستتساءل الأرض بروحها: كيف لم آخذ بك علماً حتى الآن ؟
***
اكتبيني إن فكرت 
لغة
لحظتها
سأنثر حروفك اللامتناهية على حقول الرغبة دائمة الخصوبة
سأنسج منها ملحمتي وجودي التي أنتظرها منذ طويل زمان
سألبِسها روحي التي سترتحل بها إلى الجهات كافة
إذا رحلت كلياً في غفلة عن وجودي 
سأطمئن نفسي أنني السعيد الذي استأثر بلفتتك الميمونة
ولن تظل رغبة أخرى وقد استجاب لي المستحيل 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شيرين خليل خطيب

في أيِّ مجال إبداعي، أو أي حرفة تعتمد على الحس والموهبة، يظهر أشخاص يظنون أن بإمكانهم اقتحام هذا العالم لمجرد أنه يعجبهم أو أنهم يحلمون بالانتماء إليه. لكن الحقيقة المُرَّة التي مهما حاولنا تجميلها، هي أن بعض الطرق لا تُفتح لكل عابر، وأن بعض الفنون تحتاج إلى موهبة أصلية أو حد…

خالد بهلوي

اختُتمت الدورة الإلكترونية لتعليم كتابة سيناريو السينما الكردية، التي أُنجِزت بإشراف الدكتور جاسمي وزير سَرهَدي، البروفيسور في المسرح والسيناريو (الدراما الهوليوودية)، والمدرّس السابق في جامعة صلاح الدين في هولير، والحاصل على عدة جوائز دولية في كتابة السيناريو السينمائي.

قدّم الدكتور الدورة على مدى عشرة أسابيع، تناول فيها موضوع الدراماتورج وبنية القصة الدرامية، إضافة إلى محاور…

ا. د. قاسم المندلاوي

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن فنانين آخرين، احدهم من غرب كوردستان، الفنان الشهيد يوسف جلبي، الذي تعرض الى ابشع اساليب الاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات السورية الظالمة، وخاصة بعد سيطرة نظام البعث سدة الحكم عام 1966. فقد تعرض الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الكورد في سوريا…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…