قصيدة ليست لي

ترجمة نصوص عن الكردية مع التقديم: إبراهيم محمود
تقديم: هي تجربة ليست إلا، تقوم على خيارات بعيدة عن التفاضلية، أي من ناحية القيمة الإبداعية، أو التذوق الشعري، أو نسبة تمثيل المعنى، أو على صعيد القيمة المكانية والوطنية أو القومية…إلخ. تجربة اختيار مقاطع من نصوص شعرية كردية مأخوذة من موقع ” Welatê me”، من الأحدث إلى الأقدم قليلاً، ثمة عشرة نصوص ” قصائد ” وفي الغالب، اكتفيت بالمقطع الأول في كل منها، وقد أشيرَ إلى عنوان القصيدة وشاعرها بالعربية والكردية في ذيل الترجمة. وشعراء هذه النصوص يتباينون عمراً، كما يختلفون في طريقة تناولهم لحدث نصهم الشعري، وتعابيرهم، وأفق الرؤية لديهم، وحتى جهة اختيار الكلمات وكيفية نسجها في إهاب الصورة المعتبَرة شعرية. لتشكّل قصيدة واحدة، ولها مستوياتها جهة التنوع، جهة الاختلاف في المنشود، والاختلاف في خاصية السمة الجمالية لإيقاع العلاقة بين الجمل المنتقاة. قصيدة واحدة، كما أسمّيها، وهي ليست لي طبعاً، إنما ما يخصني كتجربة، تقوم على كيفية قراءة مختارات طي عنوان واحد، واعتماداً على مقطع واحد من كل منها.
وما يمكن أن يكون عليه قارئها حين يقرأ النص كاملاً، وحين يتضافر مع سواه، أو يقارَن بسواه في عملية القراءة في لغة أخرى: الترجمة. الترجمة لا تتكفل بنقل ما يريده الشاعر مما يريد.. ذلك عائد إليه، وليس في مستطاع أي كان تحميل القراءة من جانب آخر ما كان يرمي إليه، لأن ليس لدينا تعامل حسابي. إنما ما يتفاجأ به الشاعر، حتى بعد قراءته لنصه إثر نشره، مما أودعه معنىً، ومما أغفل عنه بناء، ومما أوقع فيه نفسه، بعد فوات الأوان أحياناً، ومما سرَّ له مع قراءة نقدية، أو تعليق، أو في ترجمة ما بذاته أو مع غيره .. وما يمكن أن يثير تصور كهذا، في مجموعة لا يلتحم معاً، أنما في تقابلات وتناظرات ومكاشفات، تثير خيالات من نوع آخر، وربما متعة مغايرة بتخيل ما يمكن أن يكون عليه موقف الآخرين، وهكذا..
الترجمة تشير إلى سر ما، بوح مسمّى، بطريقة ما، انتقال من مجهول معين إلى معلوم معين دون استنفاده، وإيصال معنى ربما لا وجود له في النص الأصلي ” الكردي” وفي هذه خاصية أكثر من كونها ضيافية، ودعوة إلى الإصغاء بالمفرد دون تسمية، ودخول في حوار نفسي دون حضور فعلي لآخرين ومواجهة للذات الفعلية بالذات الشاعرة والفارق بينهما.
استوقفتني نصوصٌ مما ذكرت ببنية كلمات فيها، وطريقها نسجها مفردة وجملة، وحاولت قدْر المستطاع ترجمتها كما تبيّن لها فهمها، دون التأكد من خاصية تركيبها.. وهي عائدة إلي طبعاً.
وهذه التجربة مسعىً لأن يتكلم النص بلغتين: لغته الأم، واللغة المترجَم إليها، وما يمكن أن يكون دافعاً أو محفزاً لترجمات أخرى، إلى اللغة نفسها أو سواها، أي فتْح آفاق ينتظر النص الحلول فيها أو ارتيادها، والحضور بهيئة أخرى، وصدى نفسي آخر، وبصمة كاتبه.
حياتنا..
غداً يكون العيد..
سرْب حياة في الجهات الأربع
أحيا حياة
أحيا حياة وبالزينة والرقة
أقبِل على رقص نوروز
البنفسج والنرجس
تبرعما على قوام الأرض
نعم..
أفي جرَيان..؟
وفي كل ليلة كل لحظة وفي اليوم نفسه..!
من قصيدة” بلوط وأخضرُّ” للشاعرة مزكين حسكو
Mizgîn Hesko: Darberûyek û heşîn têm…!
***
سأكتب جهراً
لا أباع بالذهب والنقد
لا أختبئ وراء عشرين ستارة
مثل السياسي والدليل
لا أخجل من نفسي وأستحي
إنهما لا يهتمان بنا أبداً
من قصيدة” رسالة مفتوحة” للشاعر أحمد طاهر
Ehmed Tahir :NAMA VEKIRÎ
***
قلْها أخي قلْها..
عاشق وطن دوار الشمس قلها..
لامس بيدك يد الوعد وقلها:
غدر الزمان وسخ جداً..
حلّ لغتك أكثر وتخلَّصْ من حسرتنا حيث نكون دون أصحاب
الحقد والضغينة
هي تلك الصفحة احرقْها
لا ترم بنفسك خارج حلقة الأخوَّة
قلها يا أخا القلب قلها
من قصيدة” مرض الاتفاق ” للشاعر عزيز غمجفين
Ezîz Xemcivîn :Nexşeya lihevkirinê!
***
أنا جهة الهواء
يمارس الرقص في صمتي
العيون الناعسة
الغيوم الهشة
هناك
لحن أُسقط في يده
أسحب نفَساً
من قصيدة ” في عين السماء ” للشاعر تنكزار ماريني
Tengezar Marînî :Di Çavê Azmên de
***
اسخري مني، أنا
لن أتضايق منك، غداً ثمة
من سيهزأون بك كذلك، حَبْوك
تذكرينه، عندما كنت تنجوين
الخرس الثمل كان ينسكب بك
كانت القهقهة تعلو البيت
من قصيدة ” ليال ٍ عدّيها ” للشاعر عرب عرب هورى
Ereb Ereb Horê :ŞEVAN JÎ BIHIJMÊRE
***
بانتظار..
مواطن آثار المكحلة
كانت أميال المكحلة تيبس
من صدر  النوادي…؟
من تسمّط
الشفاه اللطيفة
تنبثق المعاني
مثل
حلْم الطل والندى
من القهر المضاعف
من قصيدة ” عقْد زمن ” للشاعر شكري شيخ نبي
Şukrî Şêx Nebî :RISTEHEYAM
***
سأعمل من شجر الزيتون باقة
أزين به قبر الشهيد
أجعل من نهابي الوطن وقطاع الطرق قرابين له
وسأبني ثانية من التراب الأحمر بيتاً
من قصيدة ” عفرين الحسناء ” للشاعر أكرم حسّو
Ekrem Heso :Efrîna bedew
***
حصاني الرهوان
يركض
صوب شرارات أمل الآتي
إزاء  عتمة ظل الليالي الناعسة
يلمع
نور قنديل القلب الغاضب
أراض بعلية ويابسة
نبتت
بسنابل قمح الحقل الأخضر
من قصيدة ”  ريح الانبعاث ” للشاعر خزان شيلان
Xizan Şîlan :BAYÊ VEJÎNÊ
***
نهب في كل مكان
موت وقتل
أو سجن وزنزانة
واعتقال
لم يعد هناك من جهة
نستقر فيها
من قصيدة” الجار الهمجي “
Mahîn Şêxanî: Cîranê hov
***
من الموطن قلعة الروح
من البحيرة من المصيف
من خرابة قلب خاني
من دمعت أقبلت، ابنة وان
من قصيدة ” ربيع جديد ” للشاعر كَوركَان الحاج
Gurgan Elhac :Beharek nû

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

“إن لم تجدني بداخلك، فإنك لن تجدني أبداً”
قول قاله جلال الدين الرومي، تذكرته وأنا أطوف بين أعمال التشكيلي رشيد حسو، بل أحسست أن أعماله تلك تخاطبني بهذه الجملة، وكأنها تقول لي: التفت إلى دواخلك فأنا هناك، وإذا أردت أن تقرأني جيداً اقرأ ما في…

فراس حج محمد| فلسطين

تعالَيْ
متّعي كُلّي بأعضائكْ
من أسفل الرأس حتّى رَفعة القدمينْ
تعالَيْ
واكتبي سطرينِ في جسدي
لأقرأ في كتابكِ روعة الفنَّيْنْ
تعالَيْ
واشعلي حطبي على شمع تلألأ
في أعالي “الوهدتين”
تعالَيْ
يا ملاكاً صافياً صُبّ في كأس امتلاء “الرعشتينْ”
تعالَيْ
كي أؤلّف أغنياتي منهجاً لكلّ مَنْ عزف الهدايةَ

في نضوج “الزهرتينْ”
تعالَيْ

كيْ أقول لكلّ خلق اللهْ:
“هذا ابتداع الخلقِ ما أحلاهْ!
في انتشائك شهوة في موجتينْ”
تعالَيْ
مُهْرة مجنونة الإيقاعِ
هادئة عند…

“في الطريق إلى نفسي” هو عنوان الديوان الثالث عشر للشاعر الكردي السوري لقمان محمود، وقد صدر حديثًا عن دار 49 بوكس في السويد. في هذا الديوان يكتب الشاعر قصائده بخبرة شعرية واضحة المعالم، بما تملكه من حساسية الرؤية وخصوصية الالتقاط والتصوير والتعبير. فالشاعر شغوف منذ ديوانه الأول “أفراح حزينة” عام 1990، بشدة التكثيف اللغوي وحِدَّة…

خالد جميل محمد

في وظيفة اللغة والكلام

لا تخلو أيُّ لغةٍ إنسانيةٍ من خاصّيةِ المرونةِ التي تجعلها قابلةً للاستخدام ضمن جماعةٍ لغوية كبيرة أو صغيرة، وهي خاصيّة تعكِس طواعيةَ اللغةِ، وقدرتَها على التفاعل مع المستجدات، بصورة تؤهّلها لأن تُستخدم في عملية إنتاج الكلام بيسر وسهولة، متوسِّلةً عدداً من الطرائق التي تَـزيدُ اللغة غِنىً وثراءً، ويمكن أن تتمثل…