أردت كتابة قصيدة

إبراهيم محمود

دفعتني رغبة لأن أكتب قصيدة
ثمة شعور داخلي لم أتبيَّنه جديداً كان يحفّزني على ذلك
القصيدة لم تكن واضحة المعالم 
لا أريد أن أزعل القصيدة فأجرَّها جرّاً
ولا أريد الضغط على نفسي لأخسر الاثنتين
انتظرت ما يلزم لأشهد ولادتها
كما لو أنني امرؤ آخر
جاءتني طيور وقالت لي:
سنهديك فضاء رحباً آهلاً بالهواء لتتنفس قصيدتك قدْر كفايتها وتحلّق دون عوائق
شكرتها محركاً ذراعي على هيئة جناحيّ طائر
أقبلت إلي ينابيع وهمست في أذني:
سنهديك مياهاً زلالاً، لتتنشط قصيدتك في أرض تضمن لها اخضراراً أنّى كانت
انحنيت أمامها بطريقة تعبّر عن امتناني لدورها الكبير
جاءتني قمم جبال وأسمعتني صوتها النقي:
سنهديك سماء عالية، تسمح لقصيدتك في أن ترى ما وراء الأفق وتثبت نفسها قدْر استطاعتها
عبَّرت لها عن غاية تقديري منحنياً لها بحركة رأسية كفاية
وفدت إلي طرق من الجهات الأربع وأوحت لي بالتالي:
سنهديك معابر ومسالك تعزز قدرة قصيدتك على السير في كل اتجاه وكلك ثقة فيها
بحركة مرسومة في الهواء هززت يدي وأسمعتها الكلمة الدالة على عرفاني لها بصنيع جميلها
جاءتني ضوار ٍ أراها لأول مرة وعن قرب، وهي تسمعني رغبتها على طريقتها:
وسنهديك مساحات واسعة من الأرض، لتعلم قصيدتك أنني نقيم فيها وتأخذ بنا علماً وتكون الأرض أجمل
بإشارات معينة ترجمت تقديري لها هي الأخرى، ولم أصدق أنني أمام حدث غير مسبوق
لم يبق لي إلا أن أنتظر لأشهد ولادة قصيدتي التي أردتها
شعرتُني ممتلئاً بالقوى التي تشهد على ولادة القصيدة التي أترقبها
وجاءت على غير ميعاد
كان فضاؤها مشهوداً لها بالرحابة والهواء اللازمين للطيور
وكانت داخلها خزيناً من مياه زلال تضمن لها امتلاء بالأخضر ووعوده المنعشة
وكان عاليها سماء لم تخف نجومها والأفق يشد إلى الأبعد منه
وكانت لها امتدادات موصولة بخطوط هي طرقها التي تؤمّن لها التحرك في الاتجاهات كافة
ودون نسيان مساحات أرضية واسعة تسكنها ضوار تمارس حقها في الحياة وتوازناً فيها
خرجت القصيدة كما لو أنها تشكرني لأنني تجاوبت معها بالصيغة التي تمنحها اسمها ومسمّاها
وأنا أرى فيها فضاء وينابيع وقمم جبال وطرقاً وأراض واسعة، ونفسي التي تفاعلت معها …
كنت وثقاً، هنا، أن قصيدتي ستبث سلامي إلى كل هذه الشقيقات ساميات الروح عزيزتَها..!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خوشناف سليمان

في زقاقٍ منسيٍّ على هامش أطراف عامودا. كانت خالة زريفة تسند ظهرها إلى الحائط الطيني. ترقّب الغروب كمن يترقّب رحمة السماء. ليس في البيت إلا كأس من الأرز. و بعض الخضرة. ووجوه ثلاثة صغار أرهقهم الجوع. و لم يجرؤ أحدهم على النحيب.
ذلك اليوم. دخل الضيف.
لم يكن متطفلًا. بل قادمًا ليسأل عن…

ا. د. قاسم المندلاوي

الفنان “ايوب علي”
وهو مغني وموسيقي، ولد عام 1973 في ناحية “سنكاوي” منطقة كرميان – السليمانية. درس علوم الهندسة الميكانيكية في كلية الهندسة – جامعة صلاح الدين – اربيل، وحصل على شهادة بكلوريوس عام 1998.

بدا مشواره الفني اثناء دراسته الجامعية، وسجل عددا…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

علي الوَرْدِي ( 1913 _ 1995 ) عَالِم اجتماع عِرَاقي ومُؤرِّخ . اهتمَّ بِتَحليلِ شَخصيةِ الإنسانِ انطلاقًا مِنْ حَقيقةٍ بسيطة ، وَهِيَ أنَّ الإنسانَ لَيْسَ كائنًا نقيًّا ، ولا شِرِّيرًا خالصًا . إنَّه يعيشُ مُمَزَّقًا بَيْنَ مَا يُمْليه المِثَالُ ، ومَا يَفرِضه الواقعُ . وهَذا التَّمَزُّقُ…

صبحي دقوري

يُعد جاك دريدا من أبرز الشخصيات التي أحدثت ثورة فكرية عميقة في مسارات الفلسفة المعاصرة، خاصة فيما يتعلق بفهم النصوص، وبنية المعنى، وحدود وجود الإنسان في إطار اللغة. لقد قدم مشروعه التفكيكي ليس كطريقة منهجية ثابتة، بل كحساسية فكرية تعبر عن التشكيك في كل ما يُعتبر بديهياً، أو مكتملًا، أو نهائيًا. وبالتالي،…