شعر

عبدالجابر حبيب

 

“إلى تلك التي أوقدت نارَ كاوا من جديد، لا لتذيب الحديد، بل لتحرقه وتعلن عهداً بلا قيود.”

 

هي التي رأيت صورتها

ليست صبية مقاتلة من قنديل،

بل قبسٌ من شعلةِ كاوا،

نهضت من بين الأنقاض

صرخت في وجه الليل:

“لن يكونَ السلاحُ قدري،

بل سلامٌ تُزهر به الجبال.”

 

في قلبها خريطةُ وطنٍ

مقسومٍ بين خرائط العابرين،

في صوتها

همسُ جدّاتٍ حملنَ نوروز

سرّاً مقدّسٍاً في منديل…

خوشناف سليمان

لا تلتفت إلى قامتي حين أنحني…
أنا من زرع ظلالي فوق ظلك
وسقاك من دفء القلب حين لفّك البردُ
أنا من لفّك. لا الغطاء.
من علّم قدميك أن تخطو لا تَطأ
من خبّأ عنك الدمع. و واجه الريبة بابتسامة
كي تمشي مرفوع…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسكي

 

خَبَّرُونِي فِي رُدْهَةِ الْحَيَاةِ مُسْتَلْقِيًا

تَغْفُو عَينَاكَ وَعِيونُنَا بِصَمْتٍ بَاكِيًةٌ

 

أَضَاقَ الْأَسَى تَدَفُّقَاً بَيْنَ جَنْبَيْكَ

وَأُهْدَرَ الْحُلُمُ مَا فِيهِ وَأَصَابَ أَمَّانيا ؟

 

أَمْ هَاجَتِ الذِّكْرَيَاتُ الْمَاضِيَاتُ

وَأَصَرَّتْ تَغْدُو طُيُورَاً شَوَّادِيا ؟

 

لَا تَحْسَبْ أَذْرُفُ الدُّمُوعَ عَادَةً

وَلَا أُنْشُدُ الشِّعْرَ فِيك لَاهِياً

 

لَكِنَّهَا نَفْسِيَّ الْمُقَيَّدَةِ، أَكْثَرَ قَيْدَا

فَاضَ عَلَيْهَا حُزْنٌ بَعْدَكَ قَوَافِيَا

 

لَمْ أَشْعُرُ الْيُتْمَ الْعَمِيقَ إلَّا الْآنَ

وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَانُ تَمْلَأُ الرَّوَابِيّا

 

أَحَنُّ إلَيْكَ دَوْمَاً …

ياسر بادلي

أسافر… لا بحثًا عن مكان،
بل عن روحٍ تشبهني في غربتها.
أمشي في طرقات لا أعرف أسماءها،
أصافح وجوهًا لا تُشبهني،
لكنها تتركني مألوفًا أكثر لنفسي.أزور بلادًا بعيدة،
فلا تأسرني المعالم، بل العيون،
ولا يشدّني التاريخ، بل الحكايات التي لا تُروى.أقف أمام متاجر صغيرة،
كأنها أبواب لعوالم سريّة،
أستنشق من رفوفها عبق الذاكرة،
وأجمع من تفاصيلها ما لا يُشترى.

كل لقاء… بذرة،
كل اختلاف… مرآة،
وكل…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…

عبدالمقصد الحسيني

 

خلف الأبواب كلمات غامضة

بيضاء

سوداء

تسللت من حدائق عينيك دموع

ربما

امرأة تنجد البكاء

والقصيدة

وهسهسة دعوات في قعر فنجان القهوة

لديهن غيمات

أحلام

خلف الأبواب شاخت نجوم

حسرات

ظننت

تضور البكاء

والوطن

سأرتدي المعطف

يقيني من الوجع والصقيع

بقاياعطرك

والوقت

وأحتاج مملكة من التأمل

ووصايا البجعات المتناثرة في أرض الله

ربما

سيغمر الضباب نافذتي

الجهات

الليلة

خلف الأبواب الموصودة حزن وديع

خفايا

أثار خطواتك

ويؤسفني

فوق المخدة كلمات عارية

من الوجد

يؤسفني

تركت رغبات البحر

ربما

أكتشفت أخيراً

في الوطن بذور فاسدة

والقيامة الكبرى

 

غريب ملا زلال

 

لم يرق له

حين وجده محلقاً ..

مغرداً

وضع يده على الزناد

أرماه قتيلاً

و بسرعة الضوء

كان

في مقدمة المشيعين

يلقي كلمة

يبين فيها

محاسن القتيل

و فوائد التحليق

و التغريد .

 

 

العمل الفني ليوسف عبدلكي

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

 

وجع، قيح و دخان

موسيقا، همس و كتمان

سهر، ارق، قدح ونسيان

قدر بائس وألوان.

هناك في ذاك الركن حيث لا يراه أحد سواه

يطل من شباكه إلى الخارج او ما تسمى ربما الحياة!!

ظل رجل أو شبه رجل متكئ على كرسي قديم

يرسم بغصن شجرة مكسور خط أعداد عمره

يتأمل ناقصه البائس…

وصفره الحزين وزائده المجهول ..المخيف.

أجواء هادئة تماما، سكون موحش…

عبدالاله اليوسف

 

على حافة دعائنا

ينبض اسمكم

كالوتر الأخير قبل الفجر

كقطرة ضوء

تشق ظلال المسافة

 

يا ابن الضوء

يا من سكنتَم في بياض القلوب

ضمّتكم الملائكة

كما يضم الحنينُ

قلب غريبٍ

في ليلٍ بلا جهة

 

نحن…

من خلف الجهات

من خلف الوقت

ننثر قلوبنا

كصدقة جارية

في هواء الله

 

نسلّمكم للسماء

بكل ما في أسمائنا من رجاء

ونفتح كفوفنا

كأنها نوافذٌ

على جهة الشفاء

عبد الجابر حبيب

 

في المذبحِ،

يُغسلُ خطايا الأرضِ

بحنوّ الكهنةِ،

وبرجاءِ الأراملِ،

لكن، لم يتوقّعْ أن يأتي

من خبّأ جحيمه تحتَ قميصٍ مستعار،

ففجّرَ التوبةَ،

وذرّى جسدَ الغفرانِ في الهواء!

حتى جعلَ من الركوعِ موتاً،

ومن “آمين” طلقةً.

 

***

 

في كنيسةِ مار إلياس،

ارتجفتِ الأيقوناتُ،

تشقّقتْ ملامحُ القدّيسين،

مزّقتْ مريمُ عباءتَها،

وصاحت من خلف الخشبِ:

“يا بنَ الإنسان،

مَن سلّمكَ أمرَ الحياةِ والموتِ؟”

 

***

 

انحدرَ الضوءُ من قلبِ الناقوس،

مثل خيطٍ من ذهبٍ قديم،

احترقَ في…