اخلاص فرنسيس
بخورُها من أنفاسِ الفراشاتِ
تتصاعدُ إلى أنوف العشّاقِ
تستجيبُ لها الرّوح الحرّةُ
المحلّقة في سماءِ الشّغفِ
صخبُ الوجعِ تحتَ الأنيابِ التي تنشبُ في الجسدِ
تختلجُ الأفئدةُ، تنتفضُ من تحتِ رمادِ الطغيانِ.
حرفٌ ثائرٌ، وأغنيةُ عندليبٍ اتّخذَ من غصنِ النعناعِ ملجًأ، طربَتْ لغنائهِ النّجومِ ونزفتْ من صدرِه. أمّا القمرُ فراحَ يعاتبُ السّحبَ أن تخفيهِ عن عيونِ المتطفلينَ الذين لم يفهموا انثيالاته،…
إبراهيم محمود
-1-
ارسمه أفقاً
أي دمك المراق
أطلقه روحاً
واصعد إلى الأعماق
-2-
انزعْه قلبك
ثم ارمه في النار
سمّه نخبك
فتختفي الأسوار
-3-
اجهر بموتك
والتحف الغياب
واحيَ بموتك
ينشدك الكتاب
-4-
حلّق بصوتك
صيَّره أصل غابةْ
يسقيك مدّ
وترتدي الرحابة
-5-
ابذرْ جراحك
في حقل مأساتك
وشد صباحك
في سعدك الفاتك
-6-
أدرْ مراياكْ
والتقط السماء
يرعاك رعد
ويشتهيك الماء
-7-
أطلق ضواريك
واخترق المحال
يأتيك آتيك
فاعتنق الجمال
-8-
ارفع صواريك
وامسك به البحرا
تشدوك نجمة
فاصبحْ لها مجرى
-9-
أنبيك أنبيك
أن المدى رهْن
ماضيك حاديك
قد احتفى الذهن
-10-
يا ليت ظلك
يدشّن القصائد
في كلّ كلّك
تسقي بها…
ابراهيم محمود
-1-
امض ِ إلى نهرك امض وافرغ كامل نهارك في ليلك ذي الحبر موفور الصحة ترحّب بك الينابيع دفعة واحدة وتخرج الكلمات من قلاعها وتطلق سراح أحلامها على مدى واسع ستصعد الضفاف بعجينة أفكارها القاعية وهي تستدعي كائناتها المائية والبرمائية لتتوافد إلى خيالك الذي لا يخفي سعادة الطيران ومهارة التحدث بلغات شتى وحتى الدوامات النهرية…
إبراهيم محمود
-1-
للنساء اللواتي كنَّ
للنساء اللواتي يكوننَّ
للنساء اللواتي سيكوننَّ
للنساء اللواتي كنّ في الأمس البعيد البعيد يعشن ماصيهن
للنساء اللواتي يعشن الآن حاضرهن
للنساء اللواتي يعدْن أنفسهن لآت قريب أو أبعد منه حيث يكون مستقبلهن
للنساء اللواتي في مجموعهن أو في جمعهن:
يدّخرن الغابات جماعات لا وحداناً في شعورهن
يحررن قمماً من أعال ٍ وانتعاش الضوء في امتداد جباههن
يفلترن السموات السابحات صفاء…
إبراهيم محمود
آشاوا
مجرد اسم إنما تدفُّق أسماء يتلقاها المصطافون
تستحم أرواحهم في أخضره المتصاعد إلى أعلى الأعالي
وقد انزاح زمانهم جانباً
أعني بها: حلول لزمان سعيد
زمان آشاوا قائم بذاته
تعبُره أزمنة وهو كما لو أنه مولود للتو
ينحّي اللغة جانباً
مستبقياً القليل من الكلام
تاركاً لمواهب آشاوا أن تمزج المرئي باللامرئي
والمصطافون الداخلون في زمانها تنعشهم سعادة غير مسبوقة
هبَة آشاوا عينها
تأخذك آشاوا من يديك…
إبراهيم محمود
أوقفت الريحُ خيالي
مهددة إياه بالفناء الكلّي
إن لم تأخذ كلماتي بها علماً
وتمنحها صورة ترتعب لها المرايا مجتمعة
وتحتجز النجوم في أقفاصها الخانقة
حسنٌ، أومأتْ إليها كلماتي مشيرة إلى أنها ستعمل ما في وسعها
لتستطيع التنفس كما تريد
وعليها أن تسترسل في أحلام يقظتها
وهي تؤمّ الجهات التي تشتهيها
بسرعاتها المقررة ذاتياً
وكلماتي همست في أذني:
لا عليك دع ظلك ينبسط مرتاح البال
سأتولى المهمة…
إبراهيم محمود
موتانا الذين لا يشبهون حتى أنفسهم
تعجز المرايا مجتمعة في إظهار ولو مجرد صورة تقريبية لهم
موتانا الذين لا ينامون أبداً
باذلين قصارى جهدهم في حجزنا لحسابهم الخاص دون نوم يستحق الذكْر
كيف أجيزَ لموتهم أن يطلق سراحهم موتى دون موت هكذا؟
حين ماتوا أعلنّا الحِدَاد حسب الأصول
منحنا عيونَنا فترات متقطعة لسكْب الدموع المقررة عليهم
منحنا قلوبنا اجتراع الحزن المناسب…
عبد المقصد الحسيني
سنمضي…
بأقدارنا المنكوبة
ويرافقنا وجهاء الموت وعربة الحوذي محملة بكومة الأحاديث
وفقه الرغبات
والبيان الشيوعي
لا وطن يحمينا من العواصف والحداد
نحن أمة..
كنعيق الغربان في الوثائق المشفره
أعرفك…
تحشرين الملل في ظرف
وساعي البريد مات في الحرب بطلقة صديق
وتذرفين الدموع كندف الثلج
حين تغادر العتمة الستائر برفقة العسكر
وترغبين…
في تدشين عائلة بعدد أحجار النرد
في الخريف
أعلم…
يشيخ الحرب مثل العوسج
كمخلب دوري ميت
من الأنين
سنمضي…
ونطرق أبواب الغيهب
أعلم
قسوة الظهيرة…
إبراهيم محمود
القبعة ابتداع الذين يضيفون إلى رأسهم رأساً آخر
يخفي تحته حقيقة الرأس الأول المسمى مجازاً
لكنها ليست ساذجة بحيث تكون الأصل
تغزل خيالات وهمية لمن يهربون من رؤوسهم الفعلية
ماالذي يتحرك في فراغ القبعة غير وهْم حاملها؟
أي سوء حظ قادها لتكون محمية رؤوس عارية؟
لا شطآن لها كي توحي بأجساد أفكار تستحق المتابعة
لا فضاء يرتجى كي يمهد لمصافحة نجوم…
إبراهيم محمود
ينتحر الضحك عند أول إطلاقة له
على عتبة الفم المنقبضة
أخبار الطقس مصابة بمغص دوريّ
ثمة حمامة ترقب وجه طفل وخطه شيب صارخ
فراشة أقلعت عن النوم في طيرانها الحر
ماذا سأفعل في صمتي ، قالت النار
الحديقة تهجّر أشجارها بعيداً عنها
لم تعد قادرة على الوقوف
وابتسامتها تسند قامتها بالكاد
البلبل يخذله صوته عند أول شجرة تملكتها نوبة
في غفلة عن الأوكسجين العالق…