إبراهيم محمود
كعادتي، حين أقرأ أو أكتب، أستغرق في الحالة المرافقة، أنسى أنني في غرفة، رغم أنها بائسة، أنسى أنني في منطقة مشهود لها بالصخب والضجيج، كما لو أن أهلها يعرّفون بأنفسهم، ويؤكدون وجودهم بالطريقة هذه، أنسى أنني أنا، ويا بؤس أناي حيث أعيش، أتنفس قراءة وكتابة، خلاصاً ما، من هذه المدينة ” مدينتنا ” المبتلي…
إبراهيم محمود
قرأت في أكثر من مكان، وعلى لسان المختص بطب الأعصاب، أن أحدهم قد تنتابه حالة مرَضية: جسمية ونفسية، داخلة في نطاق ” الطب السيكوسوماتي “، وهي تسمية يونانية تعني ” الطب الجسمي- النفسي “، فيصاب الجسم بوهن معين، وفي إثره تصاب النفْس بوهْم معين، حيث لا يعود الواقع منظوراً إليه بأشيائه، كما هو، وهذا…
إبراهيم محمود
كان صاحبي قريباً منّي جداً، وصاحبي وأنا إزاء مرآة ضخمة مسمَّرة على الحائط، مرآة نبيهة حساسة في إبراز الصورة الماثلة أمامها. بانت صورتي، بالكاد بانت صورة صاحبي. قلت له:-أرأيت ما يجري في المرآة ؟كان طبيعيَّ الملامح:-أنا لا أرى شيئاً كما يجب. هذا غريب ؟سألته باستغراب:-ألا توجد الفارق بين صورتك وصورتي ؟هز رأسه، ليجيب بعدها:
-هنا…
فرهاد دريعي
لم يجد نفسهُ ضحلاً وباهتاً كما هو عليهِ اليوم ، فالرجولةُ سُحِلت فيهِ تحت وطأةِ الصراعِ في داخله .كان يريدُ أن يقولَ شيئاً ، أو يفعلَ شيئاً ما، لكن لم يكن أمامهُ سوى أن يفركَ يديهِ في دلالةِ أنَّ لا حولَ لهُ .لم يكن يستحضره قول أو فعل معين ، لذا فقد كان يحاصرُ…
إبراهيم محمود
لا أحد يستطيع أن يعطي وصْف موز مدينتنا حقَّه، نظراً لنوعيَّته وكثرته، وهو ضمن مساحة أرضية واسعة، والذي ضرِب فيه المثل لهذا السبب في هذا المدى المفتوح، إلى درجة غلبة الأصفر ” لون الموز طبعاً ” على اللون الأخضر للشجر ورؤيته من مسافات بعيدة، كما لو أنها مصابيح مخروطية تشع وسط بحيرة من الظلال…
هيثم هورو
-1-توفي رجل برفقة زوجته إثر حادث أليم ، تركا خلفهما فريدة الزهرة، ربيعية يانعة ، تبلغ من العمر سبع سنوات ، عاشت بريفان برعاية عمها في منزله الى أن غدت في سن الزواج. طلب ابن عمها الآخر يدها للزواج ، وافقت الفتاة عليه دون تردد، وسرعان ما تألقت نجمة الخطبة في جو ساده الغبطة والسرور…
إبراهيم محمود
لطالما تنكّرتْ مدينتنا لوجود فقراء فيها، حتى لا يُساء إلى سمعتها في الخارج، كما اعتادت على قول ذلك مراراً، والتصريح به في مناسبات شتى، وتكذيب لا بل ومعاقبة من يقول خلاف ذلك، غير أن موت شاعر عاش في فقر مدقَع معظم حياته، غيّر وجهة نظرها بزاوية كاملة رغْم القيّمين عليها، فحين مات لم يؤتَ…
إبراهيم محمود
في مقهى صغير ببرلين، تعرّفنا على بعضنا بعضاً، والوسيط بيننا أحد الأصدقاء، وكان ذلك أثناء زيارتي إلى برلين في ربيع 2006، كان طاعناً في السن، لكنه كان ممتلئاً صحةً وحيوية .تطرقنا إلى أحاديث شتى، طالت همومنا الموزعة في الجهات الأربع في العالم، وحيث نقيم، وأحوالنا. ليتركز الحديث عن الجانب الثقافي، ويبدو أن الرجل رأى…
إبراهيم محمود
هذه المدينة، كما يبدو، اختلط فيها النوم بالصحو، الكابوس بالواقع، وأنا كنتُ بلا نوم فعلي، بلا صحو فعلي، كنت بين الاثنين. وما أنا متأكد منه أنني كنت نائماً، لا، ربما شبه نائم، لأنه تناهى إلي أن هناك طرْقات على باب بيتي، طرقات خفيفة ومتقطعة، كما لو أن الطارق لا يريد إزعاجي وعائلتي، أو لحرْصه…
إبراهيم محمود
التقيتُ صديقي في ممشى حديقة مدينتنا. فوجئتُ بلون سحنته الليموني.كان شاحب الوجه للغاية، كما لو أن دمه مسحوب منه كلياً. دون أن أسلّم إليه ، هرعت إليه معاتباً إياه بشده:-كيف لم أعلَم بمرضك هذا؟ كان عليك الاتصال بي يا رجل !ابتسم. جاءت ابتسامته شاهدة على مدى تأثره بالمرض، كما تبيَّن لي، ليقول:-إنه ليس مرضاً…