من دون مقدمات

إبراهيم محمود

 

 

لا شيء يمنعني يا آذار

أن أعضك عضة الذئب  النافذة في حنجرتك

وأشدك بكل وجعي  الكردي العتيد

في مساحات واسعة من العمر المصدوم بك

أن أركلك بكامل يأسي من رصيد أيامك السافرة

وأدفع بك مرايا تردد نزيف تاريخي المستدام

أن أجرك من شعري على خلفية صريحة من صفاقة المحيط بك

أن أصرخ في وجهك المعرّى من كل عشي مأمول:

ماالذي استهواك في جهاتي

وأنت تستبيح نبض ينابيعي أمام سمعي وبصري

وأنت تستبيح أحلام أشجاري

تستيح تطلعات طيوري الأليفة

تستبيح براءة ورودي التي تناغي شرفات الآتي

تستبيح الحمام الذي أدمن الهديل في ظلك

تستبيح النسيم العليل الذي أودعته شغاف أحفادي

تستبيح صخوري نفسها لأنها تغري الينابيع بالتدفق

تستبيح قمم جبالي لأنها تقف باستعداد كل صباح لاحتضان الصباحات المنداة

تستبيح مروجي التي واءمت فيها بين الليل والنهار

تستبيح حتى القمر الذي يبتسم لخيالي الشاعري

 

 

لا شيء يحُول بيني وبين أن

أفجّر في وجهك كل مكبوتي ذي العمر ألف وألف وألف وألف وألف وزيادة

أطوق عنقك المطاطي بقبضة احتقاني الذي تزيد في جرعته عاماً إثر عاماً

أطعنك طعنة مباغتة في خاصرتك منبهّاً إياك إلى مدى تبلّيك لي

أشعل ناراً مسعورة لا تبقي لأخضرك على أثر وقد استنزفتَ كل نبت داخلي

أطاردك أنّى توجهت لتكف عن شحني بأوزارك فجيعة تستقطر أخرى

أوقظك من غفلتك وطريقك الذي ترمّحه مخاوف كلما دنا موعدك السنوي لتبقيني نهب طغيانك

كما لو أنني باسمك المعلوم محفوظ عن ظهر قلبك وليس من أحد سواي تجرؤ ولو على لمسه

أحررك من عمَاك لتنظر في جهة أخرى ولا تصدمني بالمزيد من كوابيسك

أقصيك عن تحامقك وأنت تحاول الإيقاع بي بزعم أني مفضَّل لديك

 

أنا يا الدعي بكونك رمزاً مهيباً لسجلّي الشخصي

موزّع ظلي في انتشارات نظرائك الشهور

لا شهر سادّ سماءه في وجهي

لا فصول سنتك قاطعة عني الطريق إلي

لا أنت نفسه وصيّ ميلاد ما لي لتبثني استثناءاتك المخادعة

لو أمكنك النظر ولو سريعاً لترى كما هو صوتي مديد فوق ما تتصور

هلّا سألت تاريخاً عما كنت وما كنت عليه خارج حساباتك الآذارية زعماً

لا تمنّن علي يا المخاتل بما أودعتني من ترّهات تحيلني عليك وحدك

تعبرك حدود يدي، خطاي، مداي، صداي، كما هو دمي المقدام في كامل عصورك

أوتريدني أن أقدّم- بعد- مستمسكات وجودي، وأنت طعنة سنوية مبتلىً بها منذ زمان زمان

فأرحني منك قليلاً لأجدني قليلاً وأبصر الكثير الذي أهدرتَه وجعلته وقْفاً عليك

بالله عليك..

 

 

دعني ولو سنة واحدة أقودني إلى رشدي لأحصي أوبئتك فيّ

دعني ولو لبعض سنة أفتح عيني فلا أراك مثقَلاً بطعان جديدة تراكم القديمة

دعني ولو لبعض أقل أقل من سنة أركّز روحي لأتعرف على لاتناهي جراحاتي باسمك

دعني ولو لأقل من شهر يجاورك لأنظر مرآتي مطالعاً جبالي احدودبت بسيول أهوالك

دعني في بعض منك لأعلَم أنني لست الوحيد في تعريضك الهمجي بي

دعني أتثاءب بسكَينة فأراك ماثلاً أمامي وأنت  حامل نوروز دون حِدَاد

علّي أصالح فصلاً بكامله يجمعني بك وأغمض قلباً على حلم أنت ملحه المشتهى ..

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…

عبدالجابر حبيب

 

يا صديقي

بتفصيلٍ ثقيلٍ

شرحتُ لكَ معنى الأزقّةِ،

وكيفَ سرقتْ منّي الرِّياحُ وجهَ بيتِنا الصغيرِ،

لم يكنْ عليَّ أن أُبرِّرَ للسّماءِ

كيفَ ضاعتْ خطواتي بينَ شوارعَ غريبةٍ،

ولم يكنْ عليَّ أن أُبرِّرَ للظِّلالِ

كيفَ تاهتْ ألوانُ المساءِ في عينيَّ،

كان يكفي أن أتركَ للرِّيحِ

منفذاً خفيّاً بينَ ضلوعي،

أو نافذةً مفتوحةً في قلبي،

فهي وحدَها تعرفُ

من أينَ يأتي نسيمُ الحنينِ.

كلُّ ضوءٍ يُذكِّرُني ببيتِنا…

غريب ملا زلال

يتميز عدنان عبدالقادر الرسام بغزارة انتاجه، ويركز في اعماله على الانسان البسيط المحب للحياة. يغرق في الواقعية، يقرأ تعويذة الطريق، ويلون لحظاتها، وهذا ما يجعل الخصوصية تتدافع في عالمه المفتوح.

عدنان عبدالقادر: امازون الانتاج

للوهلة الاولى قد نعتقد بان عدنان عبدالقادر (1971) هو ابن الفنان عبدالقادر الرسام…