الأديب أنيس ميرو بين قلم الصوت وصرخة الصمت قصصه تحفز القارئ على التفكير.

عصمت شاهين الدوسكي

كانت صدفة على هامش الطريق حين التقيته للمرة الأولى. نادى باسمي، رغم أنني لم أعرفه من قبل، كان عام 2017م. كنت قد رحلتُ من الموصل، بعد أن ابتلع الدمار بيتي وسيارتي وأرشيفي الأدبي، إلى دهوك، حيث وُلدتُ، لكنني شعرتُ فيها بالغربة رغم كثرة الأقارب من حولي. كنت أشعر وكأنني مغتربٌ في أرضي.

في دهوك، تضيق بعض الأعين حين ترى كاتبًا كورديًا يبدع بالعربية. هناك من يرفض انتماءنا إلى اتحاد أدباء دهوك، وكأنّ اللغة جريمة، والانتماء الأدبي قيدٌ، والاختلاف كوكبٌ آخر.

قال أنيس ميرو، وهو في سيارته، بينما أمشي أنا على رصيف الحياة:
“سنلتقي إن شاء الله.”
مرت الأيام، والتقينا على فضاء الفيسبوك، نتبادل الحديث عن القصة القصيرة، والشعر، والمقالة الأدبية. كانت لقاءاتنا متباعدة بحكم المسافة، هو في زاخو ملتزم بعمله، وأنا في دهوك.

كانت كتاباته الأولى صادقة ومؤثرة، ومع الوقت، وبتوجيه ونقاش وقراءة مستمرة، تطور قلمه. وبعد سنوات، أصدر كتابه الأول “خطاب الإنسانية” عام 2023، وهو مجموعة مقالات نقدية تناول فيها عوالم الشاعر عصمت شاهين الدوسكي. كانت تلك الباكورة تمهيدًا لمجموعة قصصه الواقعية التي وثّقت أحداثًا عاشها بنفسه، وكتب عنها بصوت عميق في زمنٍ يحتفي بالسطح ويتجاهل العمق. زمنٌ تتقدّم فيه مكانة الفاسد، وتتأخر فيه مكانة الكاتب. زمنٌ يصفق للعراة على مسارح المصالح، ويصمت عن المبدعين الحقيقيين.

بجهود ذاتية، ودعم من مدير الثقافة والفنون في زاخو الأستاذ دلخواز موسى محمد، صدر له كتاب “مأساة قرية فقباليا”، وهو شهادة نادرة على أحداث مؤلمة. جاءت قصصه كصرخات بوجه الجهل والفساد والانحلال. نثمن كل يدٍ امتدت لتدعم هذا الإصدار، وكل فكرٍ لا ينتظر مقابلًا، بل يؤمن بسمو الأدب والفكر، في زمن الصمت الكبير.

الكتاب من الحجم المتوسط (93 صفحة)، ويضم مجموعة قصصية:

  • مأساة قرية فقباليا (ص7)

  • أشخاص يمتهنون الكذب (1) (ص17)

  • أشخاص يمتهنون الكذب (2) (ص19)

  • عن ذكريات الحرب العراقية الإيرانية (ص21)

  • رب صدفة تغير من أمور كثيرة (ص25)

  • خدرو (ص32)

  • جميل جلو (ص35)

  • جبرائيل بن ليلى (ص37)

  • الحمار وكناية وصف الآخرين بقلة العقل (ص40)

  • حدث في السبعينات (ص43)

  • نجم كوجر (ص48)

  • في لهيب الحرب (ص50)

  • موت رجل بخيل (ص55)

  • في بيتنا ديك (ص57)

  • جشع طبيب (ص60)

  • الحب العذري (ص65)

  • رحلة سفر لتركيا (ص73)

  • حمامك اليهودية (ص79)

  • عبدي مراري (1) (ص82)

  • عبدي مراري (2) (ص87)

  • الأديب أنيس ميرو (ص92)

تصميم الغلاف: الفنان الكبير نزار البزاز.

القاص يصور الواقع بطريقة مؤثرة ومشوقة، وبعبارات ومشاعر وتجارب أشخاص معينة، فهو ينقل رسائل من الحياة، من القيم، والألم، والتحديات التي تواجهها شخصيات قصصه. تحفز القارئ على التفكير في القضايا المطروحة في عوالم أحداث قصصه الممتعة والمفيدة، وتثري التجارب الإنسانية. ويملي قلم صوته بالأحداث رغم صرخة الصمت بين تجليات ومضامين قصصه الواقعية.

عنوان الكتاب: مأساة قرية فقباليا
المؤلف: أنيس ميرو
تصميم الغلاف: نزار البزاز
عدد النسخ: 500
المطبعة: كازى بوك
رقم الإيداع في المديرية العامة للمكتبات في محافظة دهوك: (25 / 2526 / D)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي

 

إذا ما وقفتَ على إحدى ذرى جبال طوروس ونظرتَ إلى الأسفل حيث “بريا ماردين”، ستجد قرية صغيرة مرمية هناك كعش طائر القطا، تطل عليها الشمس أوان شروقها لتوقظها متسللة عبر الستائر السميكة المتدلية على نوافذها. إنها قرية كَسَر.

هناك، يعيش “آپـێ ره شو – Apê Reşo”، رجل خمسيني ذو شارب كث، لا يفرّق بين الثقة…

فراس حج محمد| فلسطين

 

لماذا نحن لم نصرخ بوجه الطائرات؟

لماذا نحن لم نرجم بوارجهم بفوح البارجات؟

لماذا نحن لم نمسح عن الفتيان هذا اليومِ

شرّ الصاعقاتْ

لماذا نحن لم نتقن سوى اجترار الأحجياتْ؟

لماذا نحن ننتظر السؤال نصوغه بمجازه؟

والعجز كلّ العجز في هذا السباتْ

***

لماذا كلّ ما فينا فوات واندثار ومواتْ؟

لماذا يدخلون البيتْ

يأكلون من قصعاتنا

ويلبسون جلودنا

ويشربون دماءنا

ويبصقون في عوراتنا

ونحن هنالك قابعونْ

على…

سعيد يوسف

 

ها هم قادمون… في رتل مهيب. الجميع حضوراً ومتابعين، في حال من الترقب والذهول، والدهشة والخشوع والتوجّس والحذر. الصمت وحده سيد الموقف، لا أحد يستطيع استكناه المشاعر، وحدهم يستطيعون فهم انفسهم وربما لا…

في المقدمة إحدى ربّات السلام والحرية والجمال

في مشهدٍ رمزي مؤلم وتراجيدي محزن… قل ما شئت فلن تكون مخطئاً.

يتقدمون بخطى وئيدة متثاقلة… جاءوا…

إبراهيم أمين مؤمن

(1) حديثُ الميزانِ المقلوبِ

مِنْ نَعيمٍ يُزهِرُ الحياةَ إِلى عَذابٍ مُقيمٍ،

أَهكذا حَكَمْتِ؟

أمْ هيَ لُعبةُ الأقدارِ العَمياءِ؟

تُصارِعينَ في جَلسةٍ خاطِفَةٍ،

صَرخَةٌ تُمَزِّقُ نَسيجَ الأيّامِ،

وضَربَةٌ بِعَصاكِ الثَّقيلةِ،

تَهدِمُ حُلمًا قد وُلِدَ في رَحِمِ اللَّيلِ الطَّويلِ.

كَيْفَ تَقضينَ؟

أَم تَستقينَ دُستورَكِ مِن شَريعةِ إبليسَ؟

كَيْفَ تُحوّلينَ الكَمالَ نَقصًا،

وتَخلُقينَ القُبحَ مِنَ الجَمالِ؟

يا مَن أَحلَلتِ المَلَاكَ شيطانًا،

وسَكَبتِ كَمالَ الرّوحِ في كأسِ النُّقصانِ.

أَسلَمتِني إِلى أَحضانِ…