الفنان محمود عزيز شاكر في بيروت

سيامند إبراهيم*
في السبعينيات من القرن الماضي, كانت بيروت تتألق بجمالها الأخاذ كإحدى عرائس البحر الخيالية, بالفعل لقد حباها الله بهذه الطبيعة الساحرة, حيث الجبال الشامخة تزداد تألقاً كلما صعدت إلى قممها, وازداد شموخ إنسانها الرائع الذي زرع الحب والحضارة في جبالها منذ آلاف السنين, وصدّر أخشابها إلى العالم بأسره
نعم بنى اللبناني وطنه بعرق جبينه, وأخذ من روح جبال الأرز العنفوان والتألق, والتمايز المتباين عن الأقطار العربية الأخرى المتخلفة في كل شيء, لبنان الذي لا يفارق السحاب الحالم, قممه تقبل عيونها ويسهر مع صوت فيروز الملائكي والقمر, و من دير القمر إلى بعلبك, تصدح بأروع السيمفونيات الخالدة, لبنان الذي شرب روح الحياة المدنية من لدن أوروبا وأبدع شعبها حضارة عظيمة تجذب كل عاشق لسهلها وجبلها, وبحرها, قمم جبال الأرز تزغرد لكل زائر يحنو على نسغها, ويجلس تحت ظلها السرمدي يستقبل تلك النسمات المنعشة التي تهب على قلوب عشاقها,
ساحة البرج الخضراء لا تتوقف فيها الحركة نهاراً,وفي الليل تتألق بيروت بسهرها وغنجها ودلالها وتضفي على الكون أحلى أنغام الحياة أجل إنها درّة الشرق, تشع ليلاً بأماسيها الموسيقية الرائعة, أضواء شوارعها وخاصة ساحتها المشهورة(ساحة البرج), تتألق لياليها بنور المصابيح المميزة كـ (لاس فيغاس), فيبعث فيك شعوراً جميلاً متغلغلاً في النفس, فيجعلك غير مدرك للزمن و السهر حتى ساعات الفجر الأولى, حيث كانت ساحة البرج مشهورة باستقطابها للساهرين والزوار من مختلف بقاع الدنيا, لكن أجمل ما فيها هي الحفلات الكردية, التي كان يقوم بها الفنانون:( سعيد يوسف, محمد طيب طاهر, محمد شيخو, و الفنان محمود عزيز شاكر الذي تألق وسطع نجمه في حفلته المميزة في سينما (ريفولي), والذي عاش في لبنان في السبعينات من القرن الماضي يعرف هذه السينما الفخمة, والتي يعجز اللسان عن وصفها, أجل كل عشاق الطرب الكردي العريق يتذكرون تلك الحفلة الرائعة للفنان محمود عزيز, وهو يتألق على المسرح أمام رئيس الوزراء اللبناني صائب سلام والتي كانت الحفلة تحت رعايته, وهو يشدو بأجمل كلمات وألحان الفنان القدير( محمد علي شاكر), وقد رقص الجمهور الكردي لغنائه وحنان حنجرته الرائعة, وعقدت حلقات الرقص الكردي الصغيرة, وابتسم المرحوم صائب سلام متعجباً ومسروراً لغناء هذا الفنان المبدع, وللوصلات الغنائية الجميلة التي كان يؤديها الفنان وفرقته الموسيقية (سركوتن) (Serkewtin), وبالفعل لقد كانت ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة في العمر حيث ظلت سيرة هذه الحفلة تتناقلها الألسن لفترة طويلة, نعم لقد كانت فترة الستينيات والسبعينيات فترة ذهبية للفن والغناء الكردي في بيروت, وقد كتبت كبريات الصحف اللبنانية عن هذه الحفلات, ونقلت عدد من المحطات التلفزيونية أخبار هذه النشاطات الفنية, و أجرت لقاءات مع عدد من الفنانين الأكراد, ولبنان بطبيعة الحال ملاذ كل الأحرار والكتاب اللذين نفوا من ديارهم وكان بمثابة أم حنون على أبنائها, والذين وجدوا أبواب أوطانهم موصدة في وجوههم ففتحت بيروت لهم باب قلبها .
———-

 

· رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية في سوريا
· عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق
· siyamend02@yahoo.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

 

رجع “أبو شفان” إلى البيت في ساعةٍ متأخرة، يجرّ خطواته كما لو كانت أثقل من جسده المنهك. وجهه مكفهر، ملامحه كانت كمن ذاق مرارة أعوام دفعةً واحدة. ما إن فتح باب الدار، حتى لمح ابنه البكر “مصطفى” جالسًا في العتمة، ينتظره كأنه ينتظر مصيرًا لم يأتِ بعد.

– “أهلاً أبي… تأخرتَ الليلة”.

– “كنتُ في مشوار…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

مَدرسةُ فرانكفورت ( 1923 _ 1970 ) هِيَ مَدرسة للنظرية الاجتماعية والفلسفةِ النَّقْدية ، مُرتبطة بمعهدِ الأبحاثِ الاجتماعية في جامعة غوتة في مَدينة فرانكفورت الألمانية ، ضَمَّتْ المُفكِّرين والأكاديميين والمُنشقين السِّياسيين غَير المُتَّفقين معَ الأنظمة الاقتصادية الاجتماعية المُعَاصِرَة ( الرأسماليَّة ، الفاشيَّة ، الشُّيوعيَّة ) في ثلاثينيات القرن…

عبدالاله اليوسف

 

لكن الهواءَ يحفظُ صوتكَ في الشقوق

بين تنهيدةٍ

ونَفَسٍ لم يُكمِلِ الطريق

 

قلبُكَ

ساعةٌ لا تُعيرُ الوقتَ اهتمامًا

تمرُّ عليها الأزمنةُ

ولا تشيخ

 

تخجلُ

من مرايا الوجوه

فتعيدُ تشكيلنا

كما تشاء

كأنك تصنعُنا من بُعدٍ

بحركةِ عينيك فقط

 

نلتفت

حولنا

أضيافك

نرتدي ظلالًا

ولا ندري

غريب ملا زلال

ليست سوى الحرب
تأكل أضواءنا
و رجالها
في دهاليز المملكة
يكيلون دماءنا
مُذ عرفت
أن الرب
في عليائه يستريح
كمحارب قديم
أتى تواً
من الجبل
و أحلامنا ..
آمالنا
تذهب في الريح
بحثاً عن أشلائنا
هل كانت الأمور
في السموات العشرة
على ما يرام
حين خلت المدينة
من أبنائها
إلا من بقي نائماً
تحت الركام
و زخات المطر
بعد القصف
هل كانت
دموع الرب في عليائه
على عباده
أم كانت
رذاذات صرخة
لطفل يبحث عن أمه
كل المعابد
لا تصلح لإطفاء الحريق
فالرب متعب
والكهان متعبون …