الطريق.. وهذا هو التقرير

إبراهيم محمود

ولي في الطريق
عليه
مدوّنةٌ
مسرحٌ لا يُحاط به في الشخوص
ونظّارته وسِواهم
ولا في الدراما التي أبدعتْها رواياتها
أو مقاماتها
أو مساراتها
أسكنتْني سماءً رمتني شريداً
وأرضاً دعتْني طريداً
وفي لغة لم تزل تنتخي ألْفباء لها
وكتاباً له ما لسواه هواء وماء
وفي أمَّة حار في رسمها اسمُها
واسمُها في رسمِها
وتنامى العراء
ولي ليس إلا  الذي ما يلي:
حملتُ الطريق على عاتقي
لعله يُلبِسني أفًقا
يشد إليه خطاي
ويوقف هوْل المسافات في خافقي
تجاهلني
قلت ماذا دهاك؟
صرخت بوجهه:
كيف نسيت رؤاي
تُراه سواد المرايا السببْ
تراه اضطراب العواطف في ذروة  الاشتعال 
تُراه التغافل عن نقطة هامشيةْ
تراه التقاط المآخذ في اللارويَّة  
تراه جنون المسافة رعبَ القصيدة
ما لا يُسمَّى السبب
تراه تشظّي الحسابات في المستجدّات
 أم ماالذي ضلَّلكْ
أمِن صدمة لم تعد تستقي نجمةً
أمِن نظرة يشتهيها شجرٌ
كي يعزّزها ثمرٌ
استقامة ظل
لأعرف وجهي 
وما لي ولَك
وما بدَّلك ؟
رأيت الطريق يعاكس سيرَه
أربكني لونه
صوته 
شكله
قلت: أين الطريق
أفِقْ يا طريق
بدا شبحاً 
لم أعد أتلمّس فيه مداي
هززتُه حانقاً بحساب عسير:
تمهّل 
أرقْتُ عليك ألوف سنين
ألوف أمان تلاشت
وفي ذمَّتك المعتبرةْ
كتابي وشرْعته المنتظرةْ
بأي يقين تراك تراوغ
كيف تُحثُّ خطىً اعتباطاً 
وثمة كشْف حساب:
ورائي ضباب كثيف
أمامي سراب كثيف
وبينا حساب كثيف
فأذهلني صوته
كان يشكو صداه
وما لست أعرف فيما اعتراه
ويُظهِر لي عجباً
هل سمعتم بكاء الطريق
دموع الطريق
مصاب الطريق؟
فيظهر منكسراً
عاريَ الروح
مرتجفاً
بالغ الحزن
مرتبكاً
واهن الصوت
بالكاد أفهمه
أي عقد تسمّيه 
والمتبقّى كثير
وما يعتريني ثقيل 
وما فيك يوجعني
أي وعْد ٍ تراه يُسمّيك 
كي أرتقيه
ولي منك قهرٌ
ولي فيك  دهرٌ
ولي ساعة تعرف الوقت بالثانيةْ
ولي رؤية للمسافة
واللحظة الدامية
وجرْحك يخطئ  في علمه بامتياز
وكم شذَّ عن سمته
وكم غار في صمته
وأعرف تاريخه جيداً
وأحيط بخطوك علْماً
فكم سايرتْك جهاتي
وما عدتُ أحظى بخطو يقرّبني منك
كي أُحسن الظن باسمي
وباسمك أعرفني
وكي أتقرب منك
وأفتح باسمك مأثرة
كي تمرَّ
وأدرك أن الذي بيننا
لم يمت بعد
فأرِحْ جهتي منك
لا وعد بعدُ
وشَدَّ على نفسه
واختفى في ثوان
وناديتُ ناديت 
أين تراك
وهذا الحريق الحريق الحريق!
أضاع الطريقُ؟
أضاع كتاب غدي
ليسقط ما في يدي
وأنزع عني فمي
صارخاً بدمي:
تُرى هل أضعته
حتى أراني رهينة عجزي 
لأبصرني في كتاب مؤجَّل
أم في خراب معجَّل 
أين أنا
أين أين تُرى
والجهات تساوت لديْ
بوحشتها
حينها بُحَّ صوتي
فبكيت عليْ؟!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حسن عبادي| حيفا

رافقت زوجتي سميرة إلى طبريّا للمشاركة بمؤتمر أدارته وترأسته تناول مواضيع تختصّ بالمسالك البوليّة، مؤتمر استمرّ ثلاثة أيّام وتمّ بنجاح باهر، ورافقني في مشواري كتاب “سِرُّ الجملةِ الاسميّة” للكاتب فراس حج محمد (في تأمّل تجربة الكتابة، تقنيّة الكتابةِ بالجملة الاسميّة، 222 صفحة، الصادر عن الرقميّة للنشر والتوزيع الإلكتروني، القدس، فلسطين. صدر له 35…

غريب ملا زلال

لا يتخلى الفنان الكردي قرني جميل عن هويته وخلفياتها، فهو يتعمد إظهارهما في كل أعماله التشكيلية، لكنه ينقل لنا نظرته إلى العالم وإلى كل ركن فيه، بداية من رحلة هجرته التي أثرت فيه فكريا وفنيا وصولا إلى الآخر بصفته إنسانا مثله قد تغلبه مساوئه وتجعله عنصرا مدمرا للطبيعة والكائنات والحياة، فشعار لوحاته أن…

تنكزار ماريني

 

فن الكلام هو فن الخطابة والتعبير المقنع، وهي عنصر أساسي في علوم الاتصال والتربية السياسية. تاريخياً، تعود أصول البلاغة إلى اليونان القديمة، مع نظراء بارزين مثل أرسطو، أفلاطون، وسقراط، وتم تطويرها في العصر الروماني بواسطة شيشرون وكوينتيليان. في العالم الحديث، تظل البلاغة ذات صلة في السياسة، والإعلان، والقانون، والتواصل اليومي.

أسس فن الخطاب. يستند فن…

علي شيخو برازي

گنج يوسف باشا الدوگريني الملّي ” كنج يوسف باشا “ والي الشام ١٨٠٧ ١٨١٠. وقد سميت دمشق في العهد العثماني بلواء ” شام شريف ” , وكانت تتألف من : 7 أقضية و1 ناحية و 59 مزرعة و 357 قرية في أواخر القرن التاسع عشر. أما ولاية الشام فقد كانت تضم السناجق (…