إبراهيم محمود
في غرفة نومنا
لا شيء يغفل عن شيء
وأنا محاطة بكل شيء
لا نوم تألفه الغرفة
كي تهدأ مخدتنا المشركة
كي يخالط السرير نسيم عليل
لوجودنا المشترك
كي يستوي الشرشف بدفئنا المشترك
كي يحتضن الفراش روحنا المشتركة
كي تأخذ ساعة المنبه علْماً بنومنا ويقظتنا
كي تشعر صورتنا الحائطية بعبق لحظتها
كي يتلطف هواء الغرفة بأنفاسنا المشتركة
كي تنفرج أسارير الشباك المطل على الحديقة
حيث القمر يتمسح بشجرها يومياً
حيث ضوء القمر معتاد أن يغمرنا بشفافيته النافذة
حيث الشجر يتنفس بعمق على وقْع أنفاسنا
حيث الصغار في الغرافة المجاورة
يحلمون ببقية الطفولة دون” انقطع الاتصال “
حيث أكون أنا كما تكون أنت
محطَّ أنظار كل ما ذكرتُ
عيناي في أوسع مجال للرؤية الكاشفة
ذاكرتي تحتضن صورتك رفضاً للوحدة الصفيقة
يداي تيمّمان صوب الجهة المترقبة عودتك
للعلْم، باب الغرفة منزوعٌ مفتاح قفله
الباب ينتظر لمستك العبقة
ليشهق فجأة وأنت تدخل
قلبي في العراء
يذرع الجهات جيئة وذهاباً
قلبي العاري لا شيء يدثّره
سوى انهمار ظلك الشفيف الآمن المنعش
قلبي الذي توقَّت على زمن حضورك وغيابك
قلبي الذي أدمن غيابك ولم يهدىء روعه عقار
الجدران لا تخفي كآبتها
يداي تسبحان في بحر من فراغ عاصف
صدري، أي كتل ثلجية من ذروة غيابك
تتدحرج وتزيدني برداً مستبداً
أي يد قادرة على دفع هذه الكتل التي تستفرد بي عن صدري
سوى يدك الأليفة الدفيئة
أي نفخة إشهار بالروح الزوجية تمتلك صلاحية إذابتها
والدفع بها بعيداً بعيداً سوى مدد ظلال عينيك الحانية
أي وحدة مؤهلة لأن تلحق بالوحشة المتنفذة
الهزيمة النهائية وأنت أين أين؟
لا مخدة قادرة على منْح رأسي المأهول
بعواصف ضارية وضعية ثبات
لا شرشف فيه ما يرتجى ليأخذ جسدي
طريق المألوف إلى سكينته الليلية
لا فراش فيه ما يمنح روحي قابلية الامتلاء
بالراحة لقلب منطو على نبضه
الصغار نائمون، أي حلم يرافقهم في براءة ما يميزهم
المكان قفر بكل أوجه الحياة
الزمان كتيم يمتد كثباناً رملية
أعجز أن أقنع نفسي ،
أن أقنعني
أن أوحي لكل شركائي الملولين معي في الغرفة
من وردتك التي تركتها منذ زمان
وقد داهمها ذبول معتم
إلى القمر الذي يتراقص بضوئه
كأنه يصرخ بصمت
مشاركاً إياي في وحدتي التي أعيشها
كلّي يقين أنك قريب مني
أنك تقترب من بيتي: بيتنا الآن
أنك على وشك إدخال مفتاحك
في قفل الباب الخارجي
أنك ستدفع بباب غرفتنا المشتركة
غرفة النوم بهدوء حذر
ووجهك يضيء فضاء الغرفة
ويثبُ قلبي معانقاً إياك
يتمسح بك مثل ضوء القمر الأهلي
وأرتمي في حضنك بعد غياب
لا زمن قادر على حسابه
ودموع ذاهلة تفصل
ما بين مؤق عيني وجِهة الباب
وحرقة في حلقومي
ولن تعود أبداً أبداً
وأنت في مثواك الأخير منذ زمن طويل طويل
ولو أنه أيام عدة خلتْ..!