بعض الوفاء للصديق الراحل إسماعيل عمر

توفيق عبد المجيد

إنه قانون الطبيعة يا صديقي … حياة فموت … وموت فحياة … ولادة ووفاة … وفاة وولادة … مد وجزر … ثم جزر فمد … هكذا درجت العادة … ولدنا ومتنا … متنا وولدنا … إنها سنة الحياة ، وشرعة الكون الأزلي … تمتد إليك أصابع
الزمن لتستقل قطارالرحيل المسافر إلى آخر محطة لك … فها هي الودائع تسترجع بعد أن أزفت الساعة … وها هي الأمانات تسترد لمالكها وقد حان الموعد… استجابة لقانون ثابت لن نجد له بديلاً أو تغييراً حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

صديقي وزميلي :
حقاً إن العين لتدمع … وإن القلب ليخشع … وإن الكلمة تخون المخرج … واللسان يتلجلج … والشفاه تتلعثم … والأفواه تتجمد … فتأبى الحروف أن تتجمع … وإذا خرجت تخرج مبحوحة مخنوقة … لتكون المعبر عن خلجات النفس وانكسار الروح … والدموع الغالية على الغوالي هي الأخرى تمشط أهداب الفراق فتترك أثاراً خجولة على العيون والمحاجر … والحزن الذي يتغلغل في حنايا الضلوع … فتسقط هذه الكلمات المصفوفة في أخاديد المصيبة … وتنضم إلى طلاسم الحزن لتتلاشى في أغواره …
أيها الفقيد
رغم ما بيننا من طول المسافات أو قصرها – إن وجدت – أو انعدامها أقول :
لقد خسر البيدر … وخسر الحقل … خسر الكتاب وتلاه الدفتر … بقيت الدواة بانتظار القلم … الذي لن يرتشف منها بعد الآن … وبقيت الأوراق البيضاء مبعثرة على المكتب بانتظار من سيطرزها بالألوان … فلم تكن ملك نفسك وها قد أسرعت روحك في الرحيل إلى بارئها … ولم تكن ملك عائلتك  وها قد ثكلت بك … كنت ملكاً لهذا الشعب المكلوم الذي ما فتيء ينظر إليك وإلى أمثالك بعين التفاؤل والأمل الذي يعتبره نفحة منقوشة من بقايا الخلد كانت تنعش القلوب التي ودعت المحبين … أما نحن المفجوعون بك وبأمثالك من أبناء هذا الشعب الطيب فسنموت كثيراً … وكثيراً سنموت فلست الأول ولن تكون الأخير

أعزي نفسي بفقدك … أعزي أبناء شعبي برحيلك … أعزي عائلتك وأهلك ومحبيك …
أعزي المناضلين الذين كنت واحداً منهم … لأنك – والحق يقال – كنت مثالاً في الأخلاق الحميدة والسيرة الحسنة … كنت مثالاً في التهذيب والتواضع .
فالف رحمة على روحك الطاهرة .
19/10/2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…