عكازة الثقافة البائسة

عصمت شاهين دوسكي

لم أجد تعريفا يناسب الثقافة الواهنة التي ترتكز على الواسطة والشروط العقيمة والقيود الموضوعية سوى مفردة … البائسة ..ما بنا على الهش يبقى هشا فلا العناد ولا الإصرار على الهشاشة يغير الوضع بل يزيده ضعفا انكسارا مهزوزا …ولا يمكن أن نخلق من الهشاشة مكانة عظيمة نتخيلها نحن فقط لأننا المستفيدين من الوضع الهشي ..!!! 
لا يمكن أن نعتبر أنفسنا في هذا المكان أعلى من الآخرين… لأننا كالآلة الميكانيكية نفعل ما يريده الآخرين .. أين الإنسانية عزة النفس الإيثار الكرامة الأفكار المشرقة التقدم الازدهار الإبداع ؟ حينما يبرمج الإنسان على خط ما .. ” لا يرى لا يسمع لا يتكلم  ” إلا ما يراد منه حينها يبقى إنسان ميت يمشي على الأرض ..وهذا أكثر هشاشة وضعفا ..يقول الإمام علي كرم الله وجهه ” ما جاع فقير إلا بما متع به غني ، ما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حق مضيع “.
  وهكذا ما ضعفت الثقافة إلا وبجانبها شخص ضعيف ، 
غاب الوعي الإرشاد التوجيه والتصحيح كأن زمن العلماء مهاجر وزمن الأدباء لاجئ ..وزمن الإبداع بين أربع جدران …مقفل بالإهمال اللا مبالاة …غاب نجيب محفوظ وطه حسين والعقاد والمنفلوطي والرصافي والزهاوي والجواهري وعبد الله كوران واحمد خاني وغيرهم وظلت عكازة الثقافة البائسة … وظل الغني يأكل نصيب الفقير والجاهل يغتصب مكان العالم والباطل يركب الحق والفاسد يلتهم المسكين فدب اليأس للضمير والأديب والقويم والخطيب والمهيب والقريب والمسكين والفقير والحبيب .
يقول فيكتور هوغو في رائعته البؤساء :
” كان عمري 14عامًا ، ‏سرقت قطعة خبز لأكلها ، ‏وضعوني في الزنزانة ، قدموا لي خبزًا مجانيًا لمدة 6 أشهر .. هذه هي عدالة الحياة .. “
فهل من عدالة الحياة أن تأخذ نصيبي من الحياة..؟ كرمني الله خلقا وجودا فهل من عدالة الوجود أن تهينني وتذلني فكرا ورؤية ووجودا ؟ للثقافة أرض رحبة واسعة فهل من عدالة الثقافة أن تلبسني عباءتك قوانينك أفكارك قيودك ..وتضع للثقافة لغة رغم وجود لغات العالم الثقافية..؟ أي شر هذا أي بؤس هذا على ماذا ترتكز ؟ أي عكازة تحملها ينخرها الدود واللا وعي تحملها في يدك المريضة وجسدك الثقافي المتعب بالتناقضات ؟ ألا تعلم إن الثقافة ليست لنا لكنها تمر من خلالنا إن لم تعطيها حقها فأنت تظلم نفسك أولا وتظلم الآخرين ثانيا … ظلمين على عاتقك ..الأفضل أن تكتب استقالتك بشرف وكرامة تبتعد بهدوء لا أن تكون عكازة بائسة تترك الأوبئة وراءك ..تترك سيرة سيئة خلفك ستكتشف بعد فوات الأوان بل آله جسدية مسيرة في حياتك … إنك لم تكن إنسان 
الحياة هي أن تعيش في قلوب الآخرين في أرواحهم وإحساسهم وضميرهم بحب ورحمة ومودة واهتمام وتواصل إنساني راقي وتهب لهم بمقدار وحجم مسؤوليتك فإن فارقتهم يذرفون الدموع عليك وإن التقيت بهم يرحبون بك وإن غبت عنهم رافقتك دعواتهم لك بالصحة والتوفيق أليس هذا من جمال وارتقاء الحياة .؟ 
يتوهم من يظن إن القيادة الثقافية مظاهر مزركشة وبدله رسمية وربطة عنق وتنفيذ بنود ليست لها علاقة بالثقافة
… .، إن القيادة فن يمكن اكتسابه بالتعلم والممارسة والتمرين يقول (وارين بلاك) : ” لم يولد أي إنسان كقائد.. القيادة ليست مبرمجة في الجينات الوراثية، ولا يوجد إنسان مركب داخليًّا كقائد ” .فتعلم أصول القيادة قبل أن تكون قائدا ..فالجهل لا يرحم والعكازة لا تبقى إلى الأبد عكازة …فما فائدة أن تكسب العالم وتخسر نفسك. أو بالأحرى تخسر العالم وتخسر نفسك . ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…