الفلكلورالكوردي تراث شعبي عريق

ا . د .  قاسم المندلاوي 
اهتم الكورد القدماء في حياتهم الاجتماعية بالفكلور و الرقصات على اختلاف انواعها و اشكالها و ايقاعاتها الى جانب الموسيقى و الغناء و الاناشيد وعلى الرغم من استخدام الرقص كنوع من انواع التسلية و الترويض النفسي لدى الكورد كانت الرقصات في المجتمع الكوردي القديم تعبر ايضا عن الخوف و الرعب و الكراهية وكان حركاته مكتسبة من المحيط الذي عاشو فيه وشملت حركات القفز تقليدا لحركات الحيوانات و حركات الامواج و الخوف من العواصف والى غير ذلك من الحركات المختلفة وكان الرقص يختلف باختلاف القبائل من حيث عاداتها و تقاليدها .
 يذكر ” باسيل نيكيتين ”  بيروت 2001 “.. امتاز المجتمع الكوردي بالرقص الفلكلور الشعبي بوصفه نتاجا ادبيا يشير الى الوان التعظيم و الاجلال وفيها من حيث الجوهرة، الفن الرفيع يربمزالى عظمة هذا الشعب اجيال بعد اجيال، واكد ” مكسيم كوركي  بيروت 1975 ” بان الرقص الكوردي يمتاز كونه لا يؤدى بشكل انفرادي او ثنائي او رباعي خلال حفلة الدبكة  فالراقص الكوردي لا يتحرك بجميع أعضاء جسمه كما هوالحال لدى الراقص ” الغربي ” بل يكتفي بحركات قليلة في ركبته لذلك فان حلقة كلها مجتمعة هي التي تتمايل و تهتز على أيقاع الموسيقى، فتبدو و كأنها حقل قمح يمسس بتأثير نسيم الناعم، و يقول ايضا ان التراث الشعب الكوردي في فلكلوره الغزير المتشعب الذي هو في حد ذاته مادة غنية و جديرة بالدراسة ..، و يذكر الباحث ” مارتقلا  بيروت 1911  ”  أن الشعب الكوردي مثل بقية الشعوب الحية و العريقة يملك تراثا غزيرا بالفلكلور، و للكورد رقصة خاصة تدعى ” جوبي ” و هي عبارة عن شبه دائرة يمسك فيها الواحد بذراع من يليه و يقفزون معا بعض القفزات الصغيرة .. يقول ” مينورسكي ” ان احد الملاكين الاغنياء اقام على شرفه حفلة رقص شعبي في احد الايام، وما ان ارتفع صوت المزمار مع الطنبور في القرية حتى هرعت جميع النسوة و الفتيات وقد ارتدين اجمل زيناتهن و اخذن اماكنتهن بين الرجال في حلقة الرقص .. يقول كومت ده سيري ” بلاد فارس بين 1830 – 1840، باريس ص104 ” رأينا  النساء الكورديات غير  معزولات عن الرجال رغم كونهن مسلمات، ان وجوههن مكشوفة ويعتبر ذلك امرا غير مألوف لدى الشعوب الاسلامية الاخرى، فالرجال لا يعترضون على ان تقف الى جانبهم في حلبة الرقص أمرأة بل العكس فهم يشعرون بسرور بالغ في الرقص الى جانب الحسناوات . أن انواع الرقصات الكوردية المنتشرة في كوردستان لا مثيل لها في أي مكان آخر حيث انها تعد بالعشرات و لكل قبيلة او منطقة رقصاتها الخاصة برغم ان الحركات تتشابه في بعض الحالات ” توفيق نه به ز ” بغداد 1983 ”  و الرقصات الكوردية بعيدة عن الامور الدينية و لا علاقة لها بالخرافات و الاساطير كما هي للشعوب الاخرى و أكثرها تطورا و يثبت  هذا بوجود الحضارة و الفن لدى الاكراد منذ مئات السنين بل آلاف، و نستطيع القول ان تاثير البيئة الجبلية لكوردستان و مناخها البارد أدى الى ممارسة انواع عديدة من الرقصات الشعبية الكوردية ذات طابع السريع في الحركة و ليس مثل رقصات المناطق الجنوبية او مناطق الصحراوية و التي تتسم ببطىء في الحركة، ومن خلال ذلك يظهر لنا ان الاكراد لهم بنية قوية و لهم لياقة جسدية عالية مقارنة بالشعوب المناطق الصحراوية و السهلية، وهناك انواع من الرقصات الشعبية الكوردية مثل ” الرقصات الكرمانجية  و رقصات منطقة سوران  و رقصات الفيلية ” اللر الصغرى ” و رقصات سنندج في شرق كوردستان و غيرها ” محمد توفيق وردي بغداد 1975 “، ان الفتاة الكوردية ترقص بجانب الشباب، خلال المناسبات الوطنية و الاعياد  و كذلك خلال احتفالات الزواج و غيرها من المناسبات و ان جزءا كبيرا من الاغاني و الاناشيد و القصص الشعبية من نظم النساء و تاليفهن  . 
 المراجع و المصادر .
 1 –  باسيل نيكتين ” الكورد دراسة سوسيولوجية و تاريخية ”  ترجمة نوري الطالباني ” الطبعة الثانية   بيروت  2001  2  – مار تقلا، ن، ي ” من مخططات قسم الاستشراق و المجموعة الاخيولوجية ” بيروت 1911  3  – مكسيم  غوركي ” الاكراد ” بيروت  1975  4 – اياكوتا تسومورا ” الموسيقى الكوردية  ” ترجمة جلال زنكابادي مجلة  كاروان بغداد  1989.  5  – محمد توفيق وردي  ” نماذج من تراث الشعبي الكوردي  بغداد 1975 .  6 – كومت  ده سيري  ” بلاد فارس بين 1839 – 1840 ”  باريس  ص 104 7  –  توفيق نه به ز ”  بعض  الالعاب الفلكلورية الكوردية  ”  بغداد 1983. 8  – عزالدين مصطفى رسول ” دراسة في ادب الفولكلور الكردي” ترجمة من الكردية للعربية ” دار الثقافة والنشر الكردية ” بغداد 1987. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…

 

نارين عمر

 

” التّاريخ يعيد نفسه” مقولة لم تُطلق من عبث أو من فراغ، إنّما هي ملخّص ما يحمله البشر من مفاهيم وأفكار عبر الأزمان والعهود، ويطبّقونها بأساليب وطرق متباينة وإن كانت كلّها تلتقي في نقطة ارتكاز واحدة، فها نحن نعيش القرن الحالي الذي يفتخر البشر فيه بوصولهم إلى القمر ومحاولة معانقة نجوم وكواكب أخرى…

محمد إدريس*

 

في زمنٍ كانت فيه البنادق نادرة، والحناجر مشروخة بالغربة، وُلد غسان كنفاني ليمنح القضية الفلسطينية صوتًا لا يخبو، وقلمًا لا يُكسر. لم يكن مجرد كاتبٍ بارع، بل كان حاملَ راية، ومهندسَ وعي، ومفجّر أسئلةٍ ما زالت تتردد حتى اليوم:

“لماذا لم يدقّوا جدران الخزان؟”

المنفى الأول: من عكا إلى بيروت

وُلد غسان كنفاني في مدينة عكا عام…

د. سرمد فوزي التايه

 

عندما تُبصر عنوان “فقراء الحُبّ” للكاتبة المقدسية رائدة سرندح، والصادرة عن دار فهرنهايت للنشر والتوزيع عام 2023، تُدرك أنَّ هناك أُناساً فقراء يفتقرون إلى الحد الأدنى من مُتطلبات الحُبّ كوسيلة من وسائل العيش الرغيد على وجه البسيطة، فتراهم يقتاتون ذلك الفتات على أملٍ منشود بأن يغنوا يوماً ما من ذلك المعين حتى…