مصْعَد الحياة

  محمود عبدو عبدو

    الحياة بما تحمل من متاعب, والأسواق بما تثيره من عواصف الأسعار والزيادات المتكاثرة, والمواطن يسيّر مصروفه ذات اليمين وذات الشمال.
فذات الشمال تخيفه الأسعار، وذات اليمين تلونه لوحات المواد التموينية وأرقامها الخلبية.
    يدندنُ مع مصروفه وأمواله القليلة معادلات الشراء والبيع وآليات الصرف الضرورية والضرورية جداً, بعيداً لسنوات ضوئية عن كماليات الحياة وترفها.

      تتبقَّع أيامه بالسواد يوماً تلو الآخر, وقوافل الأفكار تستولي على صحراء جيبه، ورمال مصروفه القليلة, تسحبه هنا وهناك
لكن لا مفر!
 فلن تفيده آلته الحاسبة, ولا الهندسات الموجهة والحيل التي تفكر بها زوجته.
      يولول كأنثى بجانب زوجته، وكذا يفعلُ الأولاد, على راتبهم الميت في الأسبوع الأول ليبدؤوا رحلة البحث عن لقمة العيش, ولقيمات سد الرمق, فالأب والأم يسعيان لتوفير القليل، والأولاد بُحرَمون مما يحتاجونه حياتياً كأطفال, فالحياة أحياناً تكون أشرس من أي حيوان ضارٍ يتربص بنا.
يستيقظُ صباحا ليصبّح على شمس العمل, وسحب الهمّة, يحاول المستحيل في صراعه مع لقمته المرجوة وأمل بقائه, بحثاً, ومحاولة, ولكن!
      فثوب الحياة المرقّع بالحاجة والطلب, والذي يحيل المرء والمواطن هنا إلى نموذج للراكب في مصعد الحياة الهابط به دائماً, والآخرون يشاركونه ماراتون البحث، وخط النهاية لقمة مغمسة بالدم والعرق.
     فالمكان الصحي هو المكان الذي تنتفي فيه شروط العوز والفاقة, لذا يبقى المواطن في بحثه الدؤوب عن لقمته, ريثما تصعد به الحياة ومصعدها نحو الأعلى.

——
جريدة النور/ شرفات
http://www.an-nour.com/index.php?option=com_content&task=view&id=5620&Itemid=31

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

بدعوة من لجنة الأنشطة في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا، وبالتعاون مع ممثلية اتحاد كتاب كردستان، احتضنت قاعة كاريتاس اليوم١٧-٨-٢٥ في مدينة إيسن ندوة نقدية موسعة حول رواية “كريستال أفريقي” للروائي هيثم حسين.

أدار الندوة التي حضرها جمهور نخاوي من الكتاب والشعراء والصحفيين ومتابعي الأمشطة الثقافية
الناقد صبري رسول، وشارك فيها عدد من الأدباء والنقاد…

بهرين أوسي

تقف الأديبة الشاعرة الكردية مزكين حسكو في فضاء الشعر الكردي الحديث، شاهدة على قوة الكلمة في مواجهة تشتت الجغرافيا. جبل شامخ كآرارات وجودي لم تنل منه رياح التغيير القسرية.

شاعرة كرّست قلمها لرسم جماليات الهوية الكردية من منفى اختاره القدر، فنسجت قصائدها بلغة أمّها كوطن بديل يحمل عبق تلال كردستان ووجعها. كما تقول في إحدى…

عبدالرزاق محمود عبدالرحمن

كان في صدري شرفة تطل على سماوات بعيدة،
أعلق عليها أمنياتي كفوانيس صغيرة،
حتى وإن كانت الحياة ضيقة، كنت أزيّنها بخيوط من الأمل،
أجمع فتات الفرح، وأصنع منه أحلامًا تكفيني لأبتسم.
كنت أعيش على فكرة التغيير، أتنفسها كل صباح،
وأخطط، وأتخيل، وأصدق أن الغد قد يجيء أجمل.

أما الآن…
فالنوافذ مغلقة، والستائر مثقلة بغبار الخيبات،
وألواني باهتة، وفرشاتي صارت ثقيلة بين…

عِصْمَتْ شَاهِينْ اَلدُّوسَكِي

وَدَعَتُ فِي نَفْسِي ضِيقَ الْحَيَاة

وَأَلَمَّ الْأحْزْانِ والْجِرَاحَات

أَذْرُفُ الدُّمُوعَ بِصَمْتٍ

كَأَنِّي أَعْرِفُ وَجَعَ الْعَبَرَات

أُصِيغُ مِنْ الْغُرْبَةِ وَحْدَتِي

بَيْنَ الْجُدْرَانِ أَرْسُمُ الْغُرْبَات

 

**********

يَا حِرمَاني الْمُكَوَّرِ فِي ظَلَامي

يَا حُلُمي التَّائِهِ فِي الْحَيَاة

كَمْ أشْتَاقُ إلَيْكَ وَالشَّوْقُ يُعَذِّبُنِي

آَهٍ مِنْ شَوْقٍ فِيه عَذَابَات

لَا تَلَّومْ عَاشِقَاً أَمْضَى بَيْن سَرَابٍ

وَتَرَكَ وَرَاءَهُ أَجْمَلَ الذِّكْرَيَات

**********

أَنَا الْمَلِكُ بِلَا تَاجٍ

أَنَا الرَّاهِبُ بِلَا بَلَاطٍ

أَنَا الْأَرْضُ بِلَا سَمَوَات

وَجَعِي مَدُّ الْبَحْرِ…