كي لا يجرح المطر أصابعه. !؟

أفين إبراهيم

خرجت أُقلّب أوراق الشجر ..
أبحث عن قلوب المطر الماضي في جيبك..
رائحة الفقد تكسو الطريق ..
تعلمني كيف أرمي سجني الانفرادي لزنزانة السراب ..
كيف اختلف في الفقد وأتجاوز الثقوب في قلبي لأصل قبل الحب ..
لأقبل ما أهملته بي ..
ما كان قبلكَ حزيناً ..
ما كان بعدك حزيناً..
لم تتعافَ أظافري التي نسيتها في ظهرك ذلك المساء ..
ولا قامات اللوز التي تأمرت معي لتوهم الرب أني ما زلت أصنعك ..
لم تشفَ أصول التين في كعب قدمي المتشقق ..
ولا أقدام الياسمينة التي كسرتها على صدرك كي لا تشعر بعجز الشعر ..
كي لا يسرقك الوهم وتركض بنوافذ الرمل لتوقف رعشة روحك الهاربة مني نحو وجودك الفاتح على وجه هذا الكوكب …
خرجت أُقلّب أوراق الخريف..
أبحث عن أب ليتمي المريض تحت جلدك..
عن اثر البحر في عروقي وعروة العيون الزرقاء على ياقة قميصك..
ضحكات الملائكة تملأ الطريق …
تخبرني كيف أغمس الهجران في أصيص الورد ..
أعلمه التنفس ببطء كسمكة حمراء ترتفع نحو السطح لتطفو أنت ..
أخشى الوحدة ..
يخيفني البرد على جثث الحرب ..
هناك في السقيفة العالية خبأت العالم و أحرقت صدري الذي نبت فجأة ..
دفعت السلم ورميت بجسدي للمياه القريبة ..
كل يوم ..
كل يوم عند المساء تلتقطني العصافير بمناقيرها ..
تفتت روحي وتنثرها على التراب ..
كل يوم ..
كل يوم في الصباح الباكر ..
تخرج النساء لترشني بالماء والصبر ..
ليكنسن بعدها الوحدة..
الوحدة التي أخشاها….
خرجت أقلب حزن الورق ..
أبحث عن الله وأكتب كي يغدو أجملاً …
كي لا تشعر الأشجار أنها خرساء ..
كي لا تحزن وحدة القطع النقدية في بركة الماء ..
كي لا يجرح المطر أصابعه عندما يلامس حزن الكائنات المعذبة وهو يزور أرضنا الصعبة..
خلعت خيالي وارتديت أسرار الضوء ..
طرقت أجراس النوارس ..
طار الضباب وانكسر القفص..
لا أدري من دل الغراب على جمجمتي الفارغة ليبني عشاً..
من زرع صوتي في اللوحة لتمشي إليك ليلا كل تلك الأمواج..
موحش ..
موحش هذا العالم ..
موحش والخيوط التي تلفني لا تكفي لصنع سنارة ..
سنارة واحدة أعيد بها الأسماك إلى السماء..
موحش هذا الكوكب ..
موحش والحريق الذي يكوي قلبي لا يكفي لتستوي التجاعيد على وجهك و البحيرة…
خرجت أُقلّب أوراق التراب ..
أبحث عني ..
يا إلهي لماذا تبدو الأشجار هكذا يتيمة..
هنا على بطني شمعدان من الكرز ..
أطباق من الفستق تعكس صور الأطفال الذين سيكبرون على غفلة من الحب وينسوا لونينا ..
ملعقة تراقص سكينا تميل بخصرها على القصائد …
تهمس لي لا تخافي انه المطر ..
سرب من الزيتون الأخضر خفيف كاليأس …
حافيا كلص يحاول سرقة صوت الخشب …
يهمس لي لا ترتجفي ..
لا نار هنا…
أنها فزاعات السكر تحترق ..
تطقطق ظهر الآلهة المتكاسلة في حبكَ..
هنا على بطني نوارس الملح تجهض البحر…
تملأ فناجين أقلامك بالنبيذ المعتق …
حقول من الذرة العذراء…
تفتح صدرها لوحوش الأريج كسرطان أعمى يبحث عن رائحة أصابعك…
لا أدري ما يفعله ظلك هنا وكل الكؤوس غادرت ..
خرجت أقلب لون الأوراق ..
ما يزال دمك معلقا على تلك الشجرة ..
يخبأ الحرب ..
ويحفر في حنجرتي خنادق للصراخ..
تدفع لهاث البنادق كحل لعيون الآلهة…
عيون الآلهة.
=================
أفين إبراهيم
10/3/2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبري رسول

ولدت الفنانة الكردية السوفييتية سابقاً، في 1945 في قرية ألكز Elegez في أرمينيا. تنحدر من عائلة فنية وطنية غنت أغنيات فلوكلورية مع مجموعة واسعة من الفنانين كمريم خان، سوسيه سموم وآرام ديكران، ١٩٩٧/٢/٢٥ ظهرت بشكل مباشر للمرة الأولى في قناة مد تيفي في 25 شباط 1997 وهي مثقفة ومناضلة، كان اختصاصها في الدراسة…

في حضرةِ الشعر، حيث يتناسلُ المعنى من رمادِ الكلمات، وحيث يشعلُ الحرفُ فتيلَ الوجود، يولد هذا الديوان: جحيم الأمل.

ليس عنواناً عابراً ولا استعارةً تلقى على عتبة الصدفة، بل هو صرخةٌ تتناوبُ فيها النارُ والندى، وتتعانقُ فيها خيبةُ التاريخ مع شغفِ الإنسان الذي لا يعرفُ الاستسلام.

“جحيم الأمل” انعكاسٌ للروح حين تلقى في أتونِ الأسئلة الكبرى، في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ…

سيماف خالد محمد

في المطبخ كعادتي كل يوم استيقظتُ على فنجان قهوة أُحاول به أن أفتح عينيّ وأمنح نفسي شيئاً من التركيز قبل أن أبدأ بتحضير الغداء.

بينما كنتُ منشغلة بالطبخ أفتح هذا الدرج وذاك، دخلت أختي مايا تحمل لابتوبها جلست أمامي، فتحت الجهاز لتعمل عليه وكأنها أرادت أن تؤنس وحدتي قليلاً وتملأ صمت المطبخ بأحاديث خفيفة.

لم…