د . علاء الدين عبد الرزاق جنكو
عندما ينطلق شعاع الحب من مبدأه في أحد الحبيبين إلى الآخر في أول وهلة ، يخترق كل ما يمكن أن يعتريه في طريقه من فوارق بين الحبيبين ، فلا فارق السن ولا المستوى المعيشي ولا التباين الثقافي يقف أمامه !!
عندما ينطلق شعاع الحب من مبدأه في أحد الحبيبين إلى الآخر في أول وهلة ، يخترق كل ما يمكن أن يعتريه في طريقه من فوارق بين الحبيبين ، فلا فارق السن ولا المستوى المعيشي ولا التباين الثقافي يقف أمامه !!
على أن المشكلة قد تظهر وتبدو فيما بعد اقترانهما والتقائهما في ظل الحياة الزوجية ، وفي هذا اللحن لن أتطرق إلى كل الفوارق، ولعلي أقف عند آخرها ذكراً، ألا وهو التباين العلمي والاختلاف في المستوى الثقافي .
أريدها ذات شهادة عالية :
من ينظر لفكرة التقارب العلمي الصرف بين الزوجين يضع نصب عينيه أهدافاً يرميها من وراء فكرته تلك :
– تربية الأبناء : قد تكون صاحبة الشهادة ذا خبرة أكثر من غيرها لما تمتلكه من مخزون ثقافي تراكمي عبر مراحل تعليمها .
– القدرة على التفاهم : وفيها تكون صاحبة الشهادة أكثر استيعابا للمواقف بشقيها السلبي والإيجابي ، وبناء على ذلك تكون أكثر قدرة على إيجاد الحلول المنطقية.
– إمكانية مساعدة الزوج : من خلال عملها في مجال تخصصها .
تردد صديقي قبل أن يتخذ قراره في اختيار شريكة حياته ، طلب مشورتي هل يختار صاحبة الشهادة أم إحدى فتيات قريته ممن لم يكن لهن النصيب في مواصلة الدراسة ، وقع في حبها ؟
لم أزد في مشورتي على أن يزداد تعمقاً في التفكير بنتائج الحالتين ، ومن ثم هو أقدر على اختيار ما يناسبه، فربما كان يتوقع مني أن أشير عليه بتجربتي الشخصية ، لكني كنت مدركاً أن تجربتي يحتاجها أمثالي فقط !!
أثناء لقائي في فترة دراستي في مرحلة الماجستير بمجموعة من طلبة الجامعة كان الأكثر يميل إلى الزواج من الفتاة المتعلمة لمرحلة ما قبل الجامعية أي لا تتعدى الثانوية لأسباب كانت تخصهم والطبيعة التي كانوا يلاحظونها على تصرفات وصفات زميلاتهم أثناء فترة الدراسة !! لم يكن الأمر مقنعا لي ، لكنها آراء كان لها أصحابها ويدافعون عنها بقوة !!
والشريعة تقول :
أما من الناحية الشرعية في الإسلام لم يكن ليمنع أي نمط للزواج والاقتران بين الزوجين الحبيبين ، ولم يكن التعليم شرطاً في الزواج ، كما لم تكن الأمية كذلك ، تاركاً الأمر لتجربة الحياة لتبني بين الزوجين جسوراً قد تعجز عنها الشهادات والدراسات !!
كما لم يرد عن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن بناته رضي الله عنهن أجمعين أنهن كن على علم ودراسة باستثناء عائشة رضي الله عنها التي عرفت بثقافتها وعلمها التي أخذتها من أبيها كما في علم الأنساب ، وفقهها التي حصلت عليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
على أن أشد المواقف حرجاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في صلح الحديبية ، كان الحل عند أم سلمة رضي الله عنها عندما أشارت إليه أن يفعل ما يأمر به وسيقتدي به المسلمون ، وهي التي لم يرد عنها أنها كانت على علم وثقافة عالية !! سوى روايتها لمجموعة من الأحاديث الشريفة .
لكنها كانت تحمل عقلاً راجحاً تفكر فيه وتجربة في الحياة كانت كفيلة بأن تكون مستشارة للرسول صلى الله عليه وسلم وناصحة له في أشد مواقفه حرجاً .
تربية الأبناء في المقام الأول :
لعل تربية الأبناء هو أول هاجس يؤرق الرجال المقدمين على الزواج ، وأهم ما يضعه الرجل في حساباته عند اختيار زوجته – إذا كان قادراً على قيادة قلبه – لذا كان منبت الفتاة وحسن سيرة أهلها وعائلتها مهما للرجل بغض النظر عن الشهادة التي تحملها !!
الأمر يعود برمته إلى أن مهمة تربية الأبناء تقع على عاتق الأم أكثر من وقوعها على الرجل ، لعاطفتها وطبيعتها الفيزيولوجية في تحمل الأبناء، وتواجدها بين الأبناء في البيت أكثر من الرجال .
ولا شك أن المتعلمة والمثقفة – بغض النظر عن مستواها التعليمي – هي الأكثر قدرة على فهم الأبناء ومحاكاة مطالبهم في حياتهم ، والأكثر قدرة على إيجاد الحلول لمشاكلهم .
فالأمر غير مرتبط بالشهادات بقدر ارتباطه بالمستوى الثقافي الذي تعيشه المرأة ، وما تمتلكه في مخزونها من تجارب في الحياة ، ومدى تحملها للمسؤوليات قبل زواجها واقترانها بحبيبها .
المراة العاملة :
تكاليف الحياة الصعبة التي تلم بالرجال أضافت إلى حساباتهم عند اختيار الزوجة أن تكون صاحبة شهادة تعمل؛ لتساعده على تخفيف أعباء ومصاريف الحياة الصعبة !!
وهذا الأمر بحد ذاته ليس عائقاً في طريق الحبيبين إلى الزواج المثالي إذا كانت المرأة تحمل عقلاً راجحاً تستطيع أن توازن به بين مهمتها الأساسية كأم ومربية للأجيال وربة بيت صالحة وبين عملها خارج البيت .
على أن المصيبة تكمن عندما تنظر المرأة إلى الرجل أنه مثيل لها في مهمة الأمومة، وأنه قادر على القيام بدورها في تأمين متطلبات الأبناء المفروضة عليها !!
ولا أدخل في تفاصيل الإيجابيات والسلبيات من عمل المرأة عند خروجها من الدار فالشريعة الإسلامية سمحت لها بضوابطها، والموضوع مبني في الأساس على التفاهم بين الزوجين .
المراة المربية :
لا يعني قطعاً جلوس المراة في بيتها أن تكون أميَّة جاهلة تؤثر بذلك سلباً على أبنائها وزوجها .
بل يُطلب منها العمل على كسر كل قيود الجهل والمضي قدماً في توفير الحد الأدنى من المطالعة والقراءة ومعرفة الحساب .
ومع ذلك قد تكون عاطفة الأم المربية تغني عن كل ما تحمله المتعلمة الجامدة من ثقافة وشهادات .
فكم من الأطباء والمهندسين والمعلمين وأصحاب الشهادات العليا كانت أمهاتهم لا يعرفن القراءة والكتابة !! فوالدتي الحنون على الرغم من عدم جلوسها على مقاعد الدراسة تمكنت أن تخرج من بين يديها أبناء و بناتاً دكاترة، وجامعين ورجال أعمال، وفي آخر عمرها ها هي تحتضن والدي الذي عاد للدراسة مرة أخرى فترعاه في خضم دراساته العليا في مرحلة الماجستير .
أما أنــــــا :
فتعبت كثيراً حتى أنهيت دراساتي العليا وحصلت على شهادة الدكتوراه بعد ثمان وعشرين عاماً متواصلاً من دون انقطاع ، فتزوجت من شريكة حياتي وهي لا تحمل من الشهادات سوى الابتدائية.
من ينظر لفكرة التقارب العلمي الصرف بين الزوجين يضع نصب عينيه أهدافاً يرميها من وراء فكرته تلك :
– تربية الأبناء : قد تكون صاحبة الشهادة ذا خبرة أكثر من غيرها لما تمتلكه من مخزون ثقافي تراكمي عبر مراحل تعليمها .
– القدرة على التفاهم : وفيها تكون صاحبة الشهادة أكثر استيعابا للمواقف بشقيها السلبي والإيجابي ، وبناء على ذلك تكون أكثر قدرة على إيجاد الحلول المنطقية.
– إمكانية مساعدة الزوج : من خلال عملها في مجال تخصصها .
تردد صديقي قبل أن يتخذ قراره في اختيار شريكة حياته ، طلب مشورتي هل يختار صاحبة الشهادة أم إحدى فتيات قريته ممن لم يكن لهن النصيب في مواصلة الدراسة ، وقع في حبها ؟
لم أزد في مشورتي على أن يزداد تعمقاً في التفكير بنتائج الحالتين ، ومن ثم هو أقدر على اختيار ما يناسبه، فربما كان يتوقع مني أن أشير عليه بتجربتي الشخصية ، لكني كنت مدركاً أن تجربتي يحتاجها أمثالي فقط !!
أثناء لقائي في فترة دراستي في مرحلة الماجستير بمجموعة من طلبة الجامعة كان الأكثر يميل إلى الزواج من الفتاة المتعلمة لمرحلة ما قبل الجامعية أي لا تتعدى الثانوية لأسباب كانت تخصهم والطبيعة التي كانوا يلاحظونها على تصرفات وصفات زميلاتهم أثناء فترة الدراسة !! لم يكن الأمر مقنعا لي ، لكنها آراء كان لها أصحابها ويدافعون عنها بقوة !!
والشريعة تقول :
أما من الناحية الشرعية في الإسلام لم يكن ليمنع أي نمط للزواج والاقتران بين الزوجين الحبيبين ، ولم يكن التعليم شرطاً في الزواج ، كما لم تكن الأمية كذلك ، تاركاً الأمر لتجربة الحياة لتبني بين الزوجين جسوراً قد تعجز عنها الشهادات والدراسات !!
كما لم يرد عن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن بناته رضي الله عنهن أجمعين أنهن كن على علم ودراسة باستثناء عائشة رضي الله عنها التي عرفت بثقافتها وعلمها التي أخذتها من أبيها كما في علم الأنساب ، وفقهها التي حصلت عليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
على أن أشد المواقف حرجاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في صلح الحديبية ، كان الحل عند أم سلمة رضي الله عنها عندما أشارت إليه أن يفعل ما يأمر به وسيقتدي به المسلمون ، وهي التي لم يرد عنها أنها كانت على علم وثقافة عالية !! سوى روايتها لمجموعة من الأحاديث الشريفة .
لكنها كانت تحمل عقلاً راجحاً تفكر فيه وتجربة في الحياة كانت كفيلة بأن تكون مستشارة للرسول صلى الله عليه وسلم وناصحة له في أشد مواقفه حرجاً .
تربية الأبناء في المقام الأول :
لعل تربية الأبناء هو أول هاجس يؤرق الرجال المقدمين على الزواج ، وأهم ما يضعه الرجل في حساباته عند اختيار زوجته – إذا كان قادراً على قيادة قلبه – لذا كان منبت الفتاة وحسن سيرة أهلها وعائلتها مهما للرجل بغض النظر عن الشهادة التي تحملها !!
الأمر يعود برمته إلى أن مهمة تربية الأبناء تقع على عاتق الأم أكثر من وقوعها على الرجل ، لعاطفتها وطبيعتها الفيزيولوجية في تحمل الأبناء، وتواجدها بين الأبناء في البيت أكثر من الرجال .
ولا شك أن المتعلمة والمثقفة – بغض النظر عن مستواها التعليمي – هي الأكثر قدرة على فهم الأبناء ومحاكاة مطالبهم في حياتهم ، والأكثر قدرة على إيجاد الحلول لمشاكلهم .
فالأمر غير مرتبط بالشهادات بقدر ارتباطه بالمستوى الثقافي الذي تعيشه المرأة ، وما تمتلكه في مخزونها من تجارب في الحياة ، ومدى تحملها للمسؤوليات قبل زواجها واقترانها بحبيبها .
المراة العاملة :
تكاليف الحياة الصعبة التي تلم بالرجال أضافت إلى حساباتهم عند اختيار الزوجة أن تكون صاحبة شهادة تعمل؛ لتساعده على تخفيف أعباء ومصاريف الحياة الصعبة !!
وهذا الأمر بحد ذاته ليس عائقاً في طريق الحبيبين إلى الزواج المثالي إذا كانت المرأة تحمل عقلاً راجحاً تستطيع أن توازن به بين مهمتها الأساسية كأم ومربية للأجيال وربة بيت صالحة وبين عملها خارج البيت .
على أن المصيبة تكمن عندما تنظر المرأة إلى الرجل أنه مثيل لها في مهمة الأمومة، وأنه قادر على القيام بدورها في تأمين متطلبات الأبناء المفروضة عليها !!
ولا أدخل في تفاصيل الإيجابيات والسلبيات من عمل المرأة عند خروجها من الدار فالشريعة الإسلامية سمحت لها بضوابطها، والموضوع مبني في الأساس على التفاهم بين الزوجين .
المراة المربية :
لا يعني قطعاً جلوس المراة في بيتها أن تكون أميَّة جاهلة تؤثر بذلك سلباً على أبنائها وزوجها .
بل يُطلب منها العمل على كسر كل قيود الجهل والمضي قدماً في توفير الحد الأدنى من المطالعة والقراءة ومعرفة الحساب .
ومع ذلك قد تكون عاطفة الأم المربية تغني عن كل ما تحمله المتعلمة الجامدة من ثقافة وشهادات .
فكم من الأطباء والمهندسين والمعلمين وأصحاب الشهادات العليا كانت أمهاتهم لا يعرفن القراءة والكتابة !! فوالدتي الحنون على الرغم من عدم جلوسها على مقاعد الدراسة تمكنت أن تخرج من بين يديها أبناء و بناتاً دكاترة، وجامعين ورجال أعمال، وفي آخر عمرها ها هي تحتضن والدي الذي عاد للدراسة مرة أخرى فترعاه في خضم دراساته العليا في مرحلة الماجستير .
أما أنــــــا :
فتعبت كثيراً حتى أنهيت دراساتي العليا وحصلت على شهادة الدكتوراه بعد ثمان وعشرين عاماً متواصلاً من دون انقطاع ، فتزوجت من شريكة حياتي وهي لا تحمل من الشهادات سوى الابتدائية.
وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على زواجنا تأكدت أني في مدرسة الحياة والحب أحمل الابتدائية وهي التي في حقيقة الأمر تحمل شهادة الدكتوراة !!