اسمع يا كردي

ابراهيم محمود

لا بأس أن تكون كُردياً
ولكنْ عربياً أولاً، 
أو فارسياً، 
أو شئت تركياً،
ومن ثم كما ترغب أن تكون ما تكونْ
حذار من تسمية مباشرةْ
فتلك في دائرة المؤامرةْ
تلك من الكبائر الكبرى
أكبر جرماً واقعاً حتى من الاتجار بالأفيونْ
لابأس أن تختار اسماً فارسياً، عربياً
أن يكون أي اسم من لدن الترْك 
أو يكون أجنبياً دونما شجونْ
لا بأس يا كردي أن تفصح عما أنت فيه تارة
لا بأس أن تطرب بالكردية التي تريد تارة أخرى
ولا عليك إن رفعت صوتاً طرباً
وإنما المطلوب أن تحذر من كردية حرون
لا بأس أن تهتف في الساحة أي ساحة
بما أحطناك به علماً سوى أن عليك أن تكون
 ما نريد أن تكون دونها
لا شيء يأتيك على المضمون
لا بأس أن تأكل 
أن تشرب 
أن تلبس
 أن تنام
بالطريقة التي تريد
كلنا في هذه الحالات مرتاحون
فنحن يا كرديُّ في الخدمة بالتمام والكمال
منذ غابر القرون
ونحن رهنٌ لإشارة إذا رغبت يا كردي
نحن ها هنا في ساعة الشدة
نحن ظلُّك الأكيد والمكنون
لابأس أن تخرج من بيتك
أو تمكث في بيتك
بالطريقة التي تحب دائماً
لن ندَّخر جهداً لكي تعيش يومك الطويل والقصير هائناً
في خفة الحسّون
لا بأس أن تختار مقداراً من المخدَّرات آمناً
فنحن من نسعى لإسعادك لاستعمالك الشخصي
لن تخضع للسين أو الجيم ولا لأي مكروه ولا ظنون
لا بأس أن تبحث عن متعتك الشخصية التي تكون مدركاً لها
وإن أردت سوف نعتني بما يزيدها 
ولا بأس إذا استرسلتَ في المجون
لا بأس أن تنوع الأنشطة اليومية التي تعنيك
أن تمضي حثيثاً دونما تخوف من عائق معيّن ٍ
في يومك الفردي أو خلافه
عين رقيب ٍ مثلاً،
لا شيء يخشى منه يا كردي فيما أنت فيه
إنه عالمك المصان والمصون
لا بأس أن تعتزل العالم من حولك ما شئت
إذا أحببت أو
تصمت دهراً
استجابة لرغبة كأي كائن حر
وأن تختار إن أردت ما تشاء من منون
من حقك التشكيك في المسموع حقاً
إنما امض بلا تردد
فنحن من نعنى بما يغنيك أو يثريك أو يزجيك أو يبقيك
نحن ملتقى الفنون
اختر هواك سمّه
فيما رسمناه لك
وما أردناه لك
لا بأس أن تختار أي زيجة
لا بأس أن تنوع الزيجات- طبعاً –
كما هو المسمَّى آنفاً
في الشكل والمضمون
لا بأس أن تطلب ما تريد
إن دفتر الشيكات مفتوح
سياحة، إباحة، ملذات
 بلا توقف، تترى
بيوتٌ تحفةٌ
سيارة عند اللزوم
أو أكثر من سيارة
أكثر من جنونه الجنون
مرمرتنا- والله- يا كردي
مذ كان ابتداء الخلق
إذ لا نومنا نوم
وليس صحونا صحواً
ولا كان لنا في خانة الراحة اسمٌ عرَضَاً
تُراك أي كائن ٍ؟
كم ابتلينا بك يا كردي
كم ضاقت بنا السنون
كم ذقتنا المر
وكم سلمتنا من آفة لآفة
وكم وكم أودعتنا الويلات والطعون
لسنا الذين نرصد الخطى التي تقودنا إليك
لسنا من نشدد الحصار في الخطى
وإنما أنت الذي بثثت فينا الرعب
ما عادت خطانا طوعنا
لست الأسير المحض في السجون
وإنما أنت الطليق أيها الكردي
لسنا وكما يقال سجّانيك
جلاديك لا بل
إنما بالجمع جلادون فينا ولنا
بالجمع سجانون
يا ليت رب الكون يفنيك بطوفان تسونامية ٍ
أو ليته يفني جمعنا في الحال إذ
ما كان سعداً إنما غماً وهماً
يوم أبصرناك
لاقيناك
شتَّتناك
كان بدء كابوس على أرواحنا
ونحن في منقلب التكوين دائرونْ
بالله حرّرنا فقد
ضقنا بما نحن عليه
أنت نعم المرتجى
أنت المدى الميمون

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إلى أنيس حنا مديواية، ذي المئة سنة، صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة
إبراهيم اليوسف

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا، بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفًا، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلًا وجوديًا، حاسمًا، مزلزلًا. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته،…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…