عصمت شاهين دوسكي
الفعل الإرادي الذاتي یتجلى بعد الإحساس والشعور والمسؤولیة واتخاذ ما یمكن اتخاذه من قرارات ذاتیة ایجابیة ،تسمو بالإنسان نحو درجات الوعي الفكري والحسي والفني ،بأسلوب واضح لیس علیھ غبار،ھل یمكن أن نقسم الفعل الذاتي الإنساني إن كان إیجابیاَ أو سلبیاً ،إرادیا أو لا إرادیاَ بین فئة وأخرى ،بین عقل وآخر؟،ولو فرضنا المرأة بكل أنوثتها الناضجة وجمالھا وفكرھا وتواصلھا وعطاءھا لا محدود فعل ، والرجل بكل إمكانیاته العضلیة والفكریة والمیدانیة فاعل ،فھل یمكن أن ینعكس الحال في زمن أصبح التغییر فیه مستمراً ؟، بحریة في الأفعال ولیس في الأقوال ،لمن یقدم أكثر ،ولمن یبدع أكثر ،ولمن یجسد . كل هموم البشر الذاتية وتناقضاتھا أكثر ،مع الوصول إلى أطیاف الخلاص والحل الأمثل القادة الأدباء ،الشعراء ھمھم كیفیة وصول الفكرة إلى المتلقي بالصورة الصحیحة ،
لكن یبقى التمیز والتألق خاصة إن كانت من تتصدر هذه القیادة ،هذه الحریة ،امرأة شاعرة ،تؤثر وتثیر ،الشاعرة المتوهجة تألقاَ (جنار نامق) امرأة كالسنبلة تنحني لیس وھناً ،بل من غزارة أبداعھا الفكري الحر ،الواضح الیسر ،الجمیل في معطیاتھ،كالفراشة الزاهية الألوان تنتقل من جنان إلى جنان ،تعبر البحار والمدائن الهاربة وسط الضباب ،حاملة الرؤیة الراقیة لتبثھا للسماء والقلوب النقیة ،والذات الملتهبة حماساً وعطاء، وعطاءھا لا ینضب ،فالمرأة مصدر العطاء الإنساني في الحیاة،كرمز ،كوجود،كجمال ،ككیان لھ فعل أرادي مؤثر في كل المجالات إن وجدت فیھا ،في المحاضرات والاجتماعات والقاعات الأدبیة الشعریة،تجسد الشاعرة جنار نامق آلام حلبجة كألم أنساني وتنتقل الى الذات لتلمس فیضان ینابیع الحس الفني ،ثم تنتقل إلى الواقع لتصور بوعي تجلیات الحریة والأمل والأجل حیناً والوھن والوسن حیناً آخر ،عندما تتأمل قصائد الشاعرة جنار نامق تحس أنك أمام شلال ھادر نقي یصب في صلب الإنسان ،وعندما تشرب من ھذا الشلال تحس بعذوبتها تسري في أعماقك، ووهبك عوالم خاصة بالحیاة والنشاط والحیویة والحریة للسكون ،للركود ،ندنو من عوالم الشاعرة جنار نامق وقد صدرت لھا مجموعة شعریة راقیة ( آخر المطاف ) وھي تتصدر الفعل الحسي الجمیل بإرادتها الواعیة وھذا الفعل یكون انطلاقة نحو العلا ،مصدر نقطة انطلاق الفعل الحسي المتقد المقرر نحو الحریة والجمال والعطاء ناهيك عن الصورة الشعریة التي تتجلى فیھا أبعاداً جمالیة أكبر ،والفعل الذاتي الإرادي الذي ینطلق من بركان المشاعر یسمو بك إلى القمم الجمالیة ،تخشى أن تنظر إلى الأسفل ،فالعودة إلى الوراء كنقطة انطلاق الفعل دون حركة ،جمود متراكم ،إحساس مؤلم عمیق یجوب هواجس الإنسان ،خاصة إن تعود أن یسیر في سبل العطاء الدائمة ،فھل یمكن وضع مقیاس أمام الحس الفني لیریك هبوطك..؟!! ھو اضطراب داخلي یصعب التخلص منه خوفاً من إلغاء . الوعي الفكري والفني ،والذي یسبب إلغاء حریة ،التواصل والإبداع والوصول إلى الأحلام الهاربة لقلبي لقاء
)) لقاؤك
نقطة انطلاقي
صوب العلا
فیا ليت أعلم
لم أخش الهبوط )) .
إن كل فعل إرادي سلیم یضع الخطى نحو تقدم سلیم ،فكیف إن كنا أمام فعل الحلم والحس والتأمل والخیال ،إنھا صورة متقدة لتفعیل الذهن ،لتجسید صورة الذات المعنویة ،وإلزام الروح لأدراك الحلم الذي لا ینئ عن الواقع مھما كان مفزعاً ،مرعباً ،متمرداً..وبیان محراب الذكریات والآلام والندم التي تستعد لاستقبال العبرات المحترقة من وھلة مفاجئة لقاء . الحلم بالواقع، الواقع الذي لا یكون فاعلاً بقدر الحلم الفاعل بحریة التصور والتأمل حینما نلتقي
)) نفترق في هدوء
تذوقت منك همساتك وبسماتك
لكنك أخیراً
أفزعتني من حلمي
لم أجد في مقلتي
سوى دموع وذكریات وندم )) .
بالفعل والإدراك الحسي یبین الإنسان عن مكنوناتھ الغائرة في الأعماق،عن ذاته النائیة وسط دیاجیر المضادات الحیاتیة التي ترسو بالإنسان على شواطئ الضیاع تارة وشواطئ الأمان تارة أخرى لیستمر نحو التألق الروحي ،لتقدم الطاقة بعد فاعل الضیاع،والإبداع والتواصل بعد فاعل الأمان،تأثیرات وانفعالات عنیفة بین الفعل والفاعل وتجلیات حريتهما بقدر الذات الفكریة واثباتھا والاستمرار في العطاء بین رحلات الوجود ولا وجود، الحلم ولا حلم ،الحب ولا حب، تجدد معالم المخیلة ولا . تعطلھا ،ولا تنزع من الإنسان مراقبة ذاته أو الهروب منھا نحو عوالم لا نهائية مغتربة كلما اقتربت من طیفك .
(( تھرب مني ذاتي
لأقدم على الضیاع من جدید
دعك بعیداً
لأواصل معھا رحلاتي )) .
یرى العالم النفساني ( أوغست كونت ) ” في الأهواء مرضاً حقیقیاً للنفس، ينتهي بھا إلى تقدیس موضوع معین ومحدد …” قد تكون الأهواء فعلاً عنیفاً ،الشاعرة جنار نامق قربت الصورة ( أضفت ) أرادة عاطفیة بضمیر ( أنا ) أو من خلال ضغط . اللاوعي على فعل الإضافة للفكر وتداعیات الفكر والهواجس والمزاج والسلوك حین أضفت لقاموسي اسماً ) ولهاتفي رقماً أضفت لهمومي ھماً ( وذكرى لذكریاتي المؤلمة الفعل الإرادي الذاتي الشاعري لا یستقیم إلا بوجود الفاعل وقد تكون أنت أنا فعلاً وفاعلاً في نفس الوقت ،في طیات الحلم والواقع ،في الخیال ولا خیال ،في الإرادة ولا إرادة في الاستمرار ولا استمرار ، الشاعرة جنار نامق جسدت التضاد الفكري في التعامل بصورة فكریة ،شعریة واضحة بتجلي أدق تفاصیل الحیاة ( لقاؤك ، تذوقت ،دعك بعیداً، أضفت لقاموسي اسماً ولهاتفي رقماً )ولاشك إن الحالة الاجتماعیة والثقافة والبیئة تؤثر بشكل فعال في دیمومة الإبداع وحریة التفكیر في الذات الحرة،رغم كل التناقضات المتجلیة فیھا،فالأفكار المكنونة في أعماق الروح تنفجر في حالة إنسانیة ، اجتماعیة ،ذاتیة ،حسیة ما ،في أي وقت كان ،یقول الكاتب الألماني فیشتر: ( إنھ من المھم جداَ ان نلاحظ إن البشر یفكرون أكثر الأحیان باتجاه الأفكار المسبقة التي تسود وضعھم الاجتماعي،وھذا یعني إنھم لا یتصرفون كآلات ….)وھل من الممكن أن یتصرف الأدیب كفعل الآلة في زمن تجلیات الحریة والدیمقراطیة إن وجدت كفعل وفاعل في مسیرة الإنسان العملیة والفكریة والاجتماعیة والعاطفیة والذاتیة بصورة عامة ؟
***********
جنار نامق
• السیرة الذاتیة جنار نامق ولادة بابل دبلوم فني بالإعلام خریجة المعھد الفني- اربیل 2008 بكالوریوس إعلام بكلیة • الآداب – جامعة صلاح الدین عضو فاعل في نقابة صحفیین كردستان عضو اتحاد كتاب الكردي ، عضو الفیدراسیون الدولي للصحفیین العالمیة مدیر عام لفرع مؤسسة القلم الحر المصریة في إقلیم كردستان العراق معیدة في جامعة صلاح الدین بكلیة الآداب قسم الإعلام النتاج الأدبي :
1 .ذكریات تقویم مرھق/ 1999 من منشورات حركة المثقفین الجدد الكورد.
2 .تنسى الكؤوس أن تجرعني/ 2004 من منشورات حركة المثقفین الجدد الكورد.
3 .مواسم التساقط/ 2008 من مطبوعات المدیریة العامة للصحافة والطبع والنشر ،وزارة الثقافة والشباب بإقلیم كردستان.
4 .قصائد منتخبة /2006 من منشورات مؤسسة ٍس
اعذرني لن أرتشفك /2011 من مطبوعات المدیریة العامة الطباعة والنشر آراس للطباعة والنشر – اربیل
5 .أقول لك ، للصحافة والطبع والنشر ،وزارة الثقافة والشباب بإقلیم كردستان. .
6 .أشبھك/ مجموعة شعریة
7 .آخر المطاف/ مجموعة شعریة باللغة العربیة / 2014 / من مطبوعات دار الثقافة والنشر الكردیة في بغداد .
8 .الجینوساید وأنفال الكورد /دراسة تحلیلة لمجلة انفالستان/ 2013 / من مطبوعات المركز الثقافي في كركوك .
****************
من كتابي ( المرأة الكوردية بين الأدب والفن التشكيلي ) الذي لم يطبع لحد الآن …