حاورها خالد ديريك
ولدت نارين عمر في مدينة ديريك (المالكية) بــ روجآفاي كوردستان/ أقصى شمال شرق سوريا من أسرةٍ وطنيّة مثقفة، عاشت في كنفها في ودّ ووئام. والدها عمر سيف الدّين كان أحد أخيار رجال ديريك وطنيّة وشهامة وكرماً. أنهت مراحل تعليمها الثّلاثة في مدينتها، وبعدها توجّهت إلى دمشق العاصمة، وحصلت على إجازة في الآداب من جامعة دمشق كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة قسم الّلغة العربيّة، درّست وعلّمت في مراحل التّعليم الثّلاثة، وفيما بعد كانت أمينة للمكتبة والوسائل. وهي أم لـ “داستان وسازين وشيرين”.
كانت أسرتها هي مرجعيّتها الأولى لولوجها إلى عالم الأدب والكتابة، وتقول في هذا الصدد: لا أستطيع أن أحدّد اللحظات التي بدأت فيها رحلتي إلى هذا العالم لأنّني وعيت عليهما وفقاً للجوّ العام لأسرتي الذي كان أدبيّاً وثقافيّاً وسياسيّاً.
أخاه عادل شاعر مجيد يكتب بالكرديّة والعربيّة وأبناء عمتها وخالها وعمها كان بينهم المهتمّ بهذه المجالات وكانوا حينها يدرسون في الجامعة بالإضافة إلى المعارف والأصدقاء. كانوا يجتمعون في بيتهم باستمرار، وكانت تصغي إليهم وتستمتع بأحاديثهم ونقاشاتهم وحواراتهم.
أوّل مَن تنبّهت إلى موهبتها كانت أختها بريخان، شجّعتها، وهيّأت لها كلّ السّبل والدّروب التي توصلها إلى مبتغاها، بالإضافة إلى الكتّاب والأدباء والمفكّرين الذين كانتُ نارين عمر تقرأ لهم، وشكّلوا المرجعيّة الهامّة والأساسيّة لها.
رياض الأدب والكتابة تناغماً وتآلفاً مع رياض القلب والفكر منحوها هبات لا تعدّ ولا تحصى بها تتنقّل كفراشةٍ من زهرة إلى أخرى من بستان إلى آخر بكلّ أريحيّة وبهجة. تكتب القصيدة الموزونة والحديثة والقصّة القصيرة والرّواية والمقالة بأنواعها المختلفة بالإضافة إلى شعر وقصص الأطفال والصّغار والدّراسات التّربويّة والاجتماعيّة وما يتعلّق بالمرأة والأسرة عموماً.
عن نارين الإنسانة تقول “أنا فردٌ أنتمي إلى المنظومةِ البشريّةِ التي تعومُ في بركاتِ المنظومةِ الإنسانيّةِ الأمّ، أحاولُ ومنذ مرحلة وعيي الأوّل أن أؤسّسَ مع إخوتي البشر للعالم الذي نسعى معاً لتحقيقه والذي ما زال يغفو في ملكوتِ أحلامنا، ينتظرُ نور الخلق والولادة، حتى تحوّل وهو في لحظاتِ غفوته القبس الذي نهدهدُ على ضوئه كلّ آمالنا وآلامنا الآنية والمستقبليّة”.
لديها تقول: عن أسباب ازدواجية الاسم
هويّتي الشّخصيّة ما تزال تحتفظ بهذا الاسم “حليمة” وكذلك أدوّنه على كتبي المطبوعة والمنشورة، ولكنّه ليس اسمي الحقيقيّ، بل “نارين” هو اسمي الأوّل، وهو الاسم الذي راق لوالديّ أن يسمّوني به ولكن وفي فترة السّتينيّات من القرن العشرين مُنِع على الكُرد في سوريا تسميّة أولادهم بأسماء كُرديّة وأصرّ والدي على أن يسمّيني “نارين” مع إصرار موظّف النّفوس وقتها بأن يسمّيني “حليمة” وحين أتت الموافقة على تسميّتي كان الموظّف قد تصرّف من عنده وأسماني حليمة، وظلّت أسرتي تناديني نارين وما تزال، لهذا السّبب ووفاء لوالديّ أبقيتُ على اسم نارين في عالم الأدب والكتابة. إذاً، اسمي هو نارين في البيت والشّارع والحارة وبين الأهل، وحليمة هو اسمي بالهويّة والمدرسة، مع العلم أنّني أعتزّ بالاسمين معاً لأنّ اسم نارين بالكرديّة يعني العفّة والطّهارة، ويُطلق على العروس أيضاً لدى الكُرد، واسم حليمة يعني الصّبر والحلم والسّتر.
القلم هو صديقها الصّدوق، ولا وقت محدد للكتابة في قاموسها:
بدأت أواصر مودّةٍ ووئامٍ تنشأ بيني وبين الكلمة بروحها وجسدها بواسطة القلم الذي أعتبره دائماً وأبداً صديقي الصّدوقُ وهو بمثابة الوتين الذي يعدّ العصب الفاصل بين حياتنا وموتنا”.
ولأنّ القلم هو صديقي الصّدوق والوفيّ فإنّه لا يخذلني حينما يقرأ أفكاري، ويتناغم مع عواطفي بمشاعرها وأحاسيسها، ويسارع إلى ترجمة كلّ ذلك إلى قصيدة شعر أو أيّ نصّ آخر.
الومضة الشّعريّة حينما تأتي تنساب مكتملة، مترجمة للحسّ والفكر، وما أقوم به فيما بعد أنّني أوافق بين الكلمات ومعانيها من خلال إضافة رونق الشّكل إلى المضمون.
لا وقت محدد للكتابة لديّها: أكتب كلّما تحفزّني ومضات فكريّة أو حسيّة لذلك، ولكنّني أستطيع التّأكيد على أنّ الورقة والقلم يرافقانني أينما ذهبت وتوجّهت في المنزل وخارجه، بل وأضعهما تحت مخدتي قبل النّوم لأنّني في بعض الأحيان أستيقظ على فكرة أو لحظة وجدانيّة أدوّنها لئلا أنساها فيما بعد، وحالياً أستعين بتلفون اليد.
تطلق العنان لمياه حرفها حتى عن الثّلاثيّ (السياسة، الجنس، الدين)
عندما أجد نفسي مطواعة لنداء فكري وعاطفتي المسّيرين لبوح الكتابة أطلق العنان لشلّالات الحروف كي تنساب بكلّ حريّة وعفويّة وعن مختلف موضوعات الأدب والكتابة سواء أكانت عن الثّلاثيّ (السياسة، الجنس، الدين) وأضمّنها في كتابتي بشكل واضح وصريح ولكنّني أحرص دوماً على انتقاء الكلمات والمعاني التي تكون أكثر عمقاً وتأثيراً في نفس وفكر المتلقّي ولا أركّز كثيراً على الشّكل لأنّنا نستطيع إيصال ما نريد إلى المتلقي وخاصة المعنيّ بنصّنا بأسلوب أكثر عمقاً وتأثيراً دون اللجوء إلى تسمية الأشياء بمسميّاتها بشكل مباشر.
الشعر في نظرها لا يموت ولا يصيبه التصحر
وإحدى أروع العبارات التي كتبتها عن الشّعر وتعتزّ بها أنّ:
“الشّعر غذاء الرّوح، ومتنفس اليائس، وخليل الواجد، ونغمُ النفّس والقلب“. وأيضاً: “الشّعر لا يموت، ولا يتأثّر بتعاقب الفصول والأزمان لأنّه يعتبر المكوّن المماثل للماء والهواء والنّار للكائنات وخاصة البشر، وإن مات الشّعر ماتت الموسيقا والألحان، لولا الشّعر لما وُجدت الموسيقا”.
نعم، لا يستطيع أيّ شخص منّا العيش بدون الموسيقا والغناء، وحتّى الكائنات الأخرى الحيّة أيضاً تتأثّر بالغناء والّلحن، وتكسوها النّضارة والبهاء، وبرأيي لا يمكن أن يتقرّب الجفاف أو التّصحّر إليه.
وترى بأن الشّاعر الحقيقيّ لا يتظاهر بالجنون أوالنرجسية، وتؤكّد على كلمة الحقيقيّ
ليس كلّ مَنْ أمسك القلم أو التّلفون ودوّن به عدّة كلمات وعبارات هو شاعر أو هي شاعرة. الشّعر يأتي بالفطرة مع الإنسان ومن ثمّ تتحوّل إلى موهبة يجب أن تلقى منه اهتماماً ورعاية متميّزين ليتمكّن من الإبداع المولود من انبثاق خياله المعانق لهمسات روحه ووجدانه. هذا الشّاعر يعيش مع المحيطين به في بيئته ومجتمعه بكلّ واقعيّة وحقيقة. الفرق بين الإنسان الشّاعر وغيره أنّه يمتلك قدرة على التّعبير عن مكنونات النّفس والفكر والوجدان أكثر من غيره.
أمّا مَنْ نراهم يتظاهرون بالجنون أو يحاولون إظهار نفسهم في أبراج وقلاع فهم برأيي متطفّلون على الشّعر وباقي أنواع الأدب والكتابة، لأنّ ميّزة الكاتب أن يكون متواضعاً، ويعيش مع مجتمعه وبيئته، ويحاول أن يسمو بهما نحو الأسمى والأفضل.
وفي القصة فإن معظم أنواع القصّة تعجبها وخاصة تلك التي تلامس الواقع وتجليّاته والمجتمع بشرائحهالمختلفة، وتدغدغ الوجدان.
وتقول إن أبرز معايير كتابة القصّة هي المفردات المناسبة والمعاني المتعمّقة والمعبّرة عن مضمون الموضوع المقترح، بالإضافة إلى المدخل الذي يعدّ عنصر التّشويق فيها مع الرّبط الموفّق بين عناصرها:
المقدّمة، العرض، الخاتمة والتّركيز على الشّخصيّات وكيفيّة طرحها بما يخدم الموضوع.
وعن مفهوم التجريب تضيف: أنواع القصّة تجذب مَنْ يودّ الولوج إلى عالم القصّة، وفيما بعد تبدأ عمليّة الفرز أو الاختيار لهذا الكاتب أو ذاك، ومفهوم التّجريب حديث العهد بالنّسبة إلى الأنواع الأخرى، ويستهوي عدداً من كتّاب القصّة في الشّرق والغرب، كما تستهوي القرّاء كذلك، ولكن يظلّ لأسلوب السّرد سريع الفهم تفوّقه وتميّزه بالنّسبة إلى الكاتب والقارئ معاً.
سألناها عن تجربتها الروائية، ورأيها بالرواية عموماً، ردت قائلة:
تجربتي الرّوائيّة ليست حديثة العهد، فروايتي “عناق القلم لفصول الرّوح” كتبتها منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وبعدها بدأت بكتابة الرّوايات الأخرى، وما أزال أواصل على كتابتها وسوف أستمرّ.
أصدرتُ روايتين بالعربيّة “موسم النّزوح إلى الغرب” و”عناق القلم لفصول الرّوح” بالإضافة إلى رواية أخرى ستطبع لاحقاً، ورواية بالكرديّة تحت الطبّع والأخرى أتابع كتابتها.
في الوقت الحالي تحتلّ الرّواية مكان الصّدارة في عالم الأدب والكتابة ولكنّها لا تستطيع إضعاف تأثير الأجناس الأدبية الأخرى كالشّعر والمسرحيّة والقصّة القصيرة وغيرها.
تعلمت الأبجدية الكُردية منذ الصغر: اللغة الكرديّة بمثابة أنفاس الحياة والدّيمومة بالنّسبة إليّ، تعلّمتها من أسرتي التي كانت تهتمّ بها اهتماماّ لا يوصف، فقد تعلّمها أفراد عائلتي تعليماً ذاتيّاً، لأنّها كانت ممنوعة كتابة ونطقاً في سوريّا، وكان لأختي پريخان دوراً كبيراً في ذلك لأنّها أوّل وأصدق مَنْ شجّعني على التّعلّم والتّعليم وحبّ الأدب والكتابة، وعلّمتني الأبجديّة الكرديّة بالحروف اللاتينيّة.
أهلي علّموني أبجديّتي ولغتي منذ صغري، وكذلك علّموني الأبجديّة العربيّة التي أعتبرها اللغة الثّانية لي والتي يجب أن أهتمّ بها، وأقرأ وأكتب بها في المدرسة، فعشقتُ الاثنتين، ولهذا السّبب اخترت دراسة العربية كاختصاص جامعيّ، ولكن تظلّ الكرديّة هي ذاتي ووجودي وماهيّتي التي أحسّ حينما أكتب بها بخصوصيّتي كفرد ضمن المنظومة البشريّة على الرّغم من أنّي أتمنّى أن أتقن كلّ لغات العالم لأكتب بها، ومن خلالها أعرّف العالم بأمتي وشعبي ووجودنا.
وهي تكتب بلغتها الكرديّة منذ ولوجها إلى عالم الأدب والكتابة:
أنشر في مختلف الصّحف والمجلات والمواقع الكرديّة أو التي تهتمّ بالأدب الكرديّ، وقد أصدرتُ مجموعتي الشّعريّة بالكرديّة إلى جانب المكتوبة بالعربيّة في عام واحد ومؤخّراً أصدرت مجموعة شعريّة للأطفال والصّغار بالكرديّة.
أهم مميزات وخصائص الشعر الغنائي:
الشّعر الغنائيّ يسمّى بالشّعر الوجدانيّ لأنّه يعبّر عن العواطف وما يتبعها من فرح وحزن وحبّ وبغض من بهجة وألم، ويعتبر معبّراً صادقاً لذات الشّاعر ومكنوناته النّفسيّة والوجدانيّة، وقد سمّوه غنائيّاً لأنّه ارتبط بالموسيقا والغناء.
من أهمّ ما يميّزه من غيره من أنواع الشّعر أنّه لا يقتصر على الجانب الماديّ فحسب بل يركّز على الجوانب العاطفيّة والوجدانيّة أيضاً، ويركّز على المشاعر الإنسانيّة بكلّ تقلّباتها ومتغيّراتها، وبه يعبّر الشّاعر عن أفكاره وأحاسيسه بشكل مباشر أي أنّ كلامه ينطلق من النّفس إلى النّفس.
بدأت تجربتها مع الشّعر الغنائيّ منذ منتصف الثّمانينيّات من القرن العشرين:
عندما طلب منّي بعض الشّبان والشّابات في الفرق الكرديّة الفنية أشعاراً لمناسبة عيد نوروز والأعياد القوميّة الأخرى، وبذلك بدأت أولى تجاربي معهم، ولكنّ أوّل أغنية لي مغناة بشكل فردي كانت في عام 1995م للفنّان بربند سمي.
وتضيف: إذاً منذ أن شدّني عالم الكتابة إليه استهواني الشّعر الغنائيّ، لحبّي الشّديد للموسيقا والغناء الذي أورثته من عائلتي المحبّة لهما حبّاً كبيراً، ومن عائلتي الكرديّة الكبيرة والكردستانيّة المعروفة عالميّاً بحبّها للغناء والدّبكة والموسيقا.
أما الفنّانون والمغنون الذين كتبت لهم الشاعرة نارين عمر هم معظم فنّاني ومطربي مدينتها ديريك بالإضافة إلى فنّانين كُرد آخرين:
جمال سعدون، آزاد فقه، روني جزراوي، جوان صبري، رضوان جزيري، كمال عبد الكريم، فوزي علي، مروان شرو، بهزاد قمر، شاهين شان، وليد يوسف ورياض شرو بالإضافة إلى الفنّانين دلو دوغان، هيفي مراد، هڤال قامشلوكي، باڤي دلبرين، وكان هناك تعاون بيني وبين الفنّان الرّاحل عادل حزني ولكن الموت حال دون ذلك.
مفهوم الحداثة في الشعر بالنسبة لها: الحداثة في الشّعر تعني الانقلاب أو الثّورة على الشّعر في هيكليّته الموسيقيّة والتعبيريّة ومضمونه العام لاعتقادهم أنّ هذا الشّعر الكلاسيكيّ قد استنفذ طاقاته ولم يعد قادراً على مواكبة العصر بتقلّباته وتطوّراته، ودعوا إلى الانعتاق من أوزان الشّعر وبحورها التي عدّوها قيوداً تحدّ من قدرة الشّاعر على التّعبير عن مكنونات النّفس والخاطر والوجدان بحريّة وأريحيّة، كما دعوا إلى تطوير لغة الشّعر وتطويعها لتتواءم مع رتم البحور ولتخدم المشاعر والأحاسيس بشكل سليم ومريح، أي أنّها مفهوم تدعو إلى الخروج عن النّمطيّة والإتيان بكلمات ومعان تعبّر عن العصر بموجوداته وواقعه.
هي تحب وتكتب كل فنون الشعر وأنواعه: أكتب الشّعر الحديث إلى جانب الشّعر الموزون، الكلاسيكيّ والذي أعتبره فنّاً شعريّاً راقياً لا يمكن التّخلّي عنه أو إزالته من قاموس الشّعر وتاريخه.
ترى في الشاعر مبدعاً إذا استوفى فيه الشرطين الاثنين:
أعتقد أن نجاح أيّة قطعة شعريّة
منظومةٍ كانت أم منثورة يعتمدُ بالدّرجةِ الأولى على عاملي الكلمة الصّادقة والملائمة للنّصّ الشّعريّ وعلى المعنى المؤثّر الذي يهزّ المشاعر والأحاسيس من الأعماق، وينعشها بالنّشوةِ والأمل، وإذا استوفي الشّاعر هذين الشّرطين نستطيعُ أن نقول عنه إنّه أبدعَ، وقصيدة النّثر صارت اليومَ أمراً واقعاً، وحقيقة لا يمكن لنا تجاهلها، لأنّها وكما أشرتُ في مناسبةٍ سابقة بأنّها أضحتْ أحد متطلّباتِ العصر، وتجذبُ إليها العشّاق والمهتمين من كلّ حدبٍ وصوب.
أمّا عن بنية الشّعر الكرديّ فتقول: ما تزال الآراء متباينة ومتفاوتة بشأنها على الرّغم من أنّ معظم الآراء تؤكّد على أنّ أصول الشّعر الكرديّ ترجع إلى الشّاعر “بابا روخ همداني” الذي وافته المنيّة في عام 841م، وعلى أنّه هو أوّل من نظّم شعراً بالكرديّة، أمّا الشّاعر “بابا طاهر همداني” الذي ولد في عام 1010م فيعدّونه الأب الرّوحيّ للشّعر الكرديّ لأنّه أوّل شاعر كرديّ ينظّم قصائد في نمط الرّباعيّات
أمّا الشّاعر “علي حريري” المولود في عام 1009م فيعدّ مؤسّس الشّعر الكرديّ.
فيما بعد ظهرت أسماء أخرى لامعة تركت أثرها العميق في نبض الشّعر الكرديّ وما تزال إلى أن وصلنا إلى العصر الحديث وفيه بدأ الشّاعر الكرديّ يواكب العصر بمفاهيم الشّعر الحديثة وتحوّلاته العديدة والطّارئة.
تؤكد على خصوصية الشعر الكُردي، وإن ما يلزم هووجوب الاهتمام بالشّعر وبالشّعراء تنبع خصوصيّة الشّعر الكرديّ أنّه ما يزال يحافظ على ديمومته ومواكبته للظّروف التي يمرّ بها الشّعب الكرديّ منذ أن ظهر الوجود المتكامل لهذا الشّعر على الرّغم من الاضطهاد والظّلم الذي يتعرّض له الكُرد عبر العصور وتعرّض وجودهم ولغتهم وكيانهم وتراثهم وحضارتهم لمختلف محاولات الزّوال والإبادة، ويحاول الشّاعر الكُرديّ المتمكّن من أدوات الشّعر وملكاته أن يحوّل شعره إلى نبضات في أنفاس الكُرد عاطفيّاً ووجدانيّاً وفكريّاً.
الشّعر الكُرديّ المتميّز موجود، ولدينا شعراء مميّزين أثبتوا جدارتهم ولهم تأثير كبير على شعبنا وحضوره بين الأوساط الأدبيّة والثّقافية، ولكن ما يلزم هو وجوب الاهتمام بهذا الشّعر وبالشّعراء الكرد من قبل الجهات الرّسميّة وغير الرّسميّة.
وتضيف: الأدب الكُرديّ والشّعر تحديداً موجودان ضمن خارطة الشّعر والأدب العالميّ من خلال أدباء وكتّاب أثبتوا جدارتهم، واستطاعوا تمهيد السّبل أمام الأدب الكرديّ لكي يرتقي إلى العالميّة.
لا ترى ضيراً من الكتابة بلغة أخرى بجانب اللغة الأمّ: دوماً أقول، وأردّد: ”
ليتني أتقنُ كلّ لغاتِ العالم، لأكتب بها كلّها ومن خلالها أستطيعُ أن أوصلَ رسالة شعبي المسالم إلى كلّ الشّعوب الأخرى، وأوصل دفقاتِ أحاسيس ومشاعر كلّ كاتبٍ كرديّ وكاتبةٍ إليهم والتي تنبضُ بالحقّ والحبّ والخير لعموم البشر”.
“ولا أظنّ أنّ كتابة الكاتب بعدّةِ لغاتِ تضرّ بانتمائه القوميّ أو الإنسانيّ بل تساهمُ في سعةِ اطلاعه وتقبّله للآخر أيّاً كان هذا الآخر، وهذه الّلغات برأيي قادرة على بناءِ صرح من المحبّة والتآلفِ والتّفاهم بين مختلفِ البشر، وأن أنقلَ ما أريد إلى الآخر وبلغته التي يفهمها أصدقُ تعبيراً وأسهل ممّا قد ينقله المترجم، ولكن هذا لا يعني أن يتجنّبَ الكاتب تعلّم لغته الأمّ لأنّه بذلك يعدّ مقصّراّ بحقّ ذاته وقلمه ووجدانه. أتمنّى من كلّ كتّابنا الكُرد الذين يكتبون بلغات أخرى أن يمنحوا لغتهم الاهتمام الذي يمنحونه لتلك الّلغات لأنّهم بذلك سيحققون التّوازن المفروض على كلّ كاتب أو أديب تحقيقه.
إنتاجها الأدبي والإبداعي:
الأعمال والكتب التي طبعتْ ونشرت لي والتي هي قيد الطبع:
-مجموعة شعرية باللغة الكردية بعنوان “پريخانا من، Perîxana min” عام 2008 عن دار الزمان بدمشق
-مجموعة شعريّة بالعربيّة بعنوان “حيث الصّمت يحتضر” عام 2008 عن دار الزّمان بدمشق
-رواية ” موسم النّزوح إلى الغرب” عام 2018 عن دار الخليج للنّشر والطّباعة
-رواية “عناق القلم لفصول الرّوح” عن دار السّكرية للنشر والطّباعة بجمهورية مصر.
-مجموعة قصصية بعنوان “العروس الشّمس” عن دار الخليج للطّباعة والنّشر
مجموعة شعرية للأطفال بعنوان ” ضحكة شانيا، “Kenê Şanya” عن اتحاد كتّاب كردستان سوريّا
تحت الطبع:
-رواية بالكرديّة بعنوان “Koçberiya bê henas”
-رواية بالعربيّة بعنوان “بوح الذاكرة في رئة الواقع”
بالإضافة إلى عدد كبير من المؤلّفات المخطوطة والجاهزة للطّبع والنّشر منها:
-أكثر من ست مجموعات شعريّة “شعر نثري وموزون ”
-أربع مجموعات قصصيّة باللغتين الكرديّة والعربيّة
– دراسة حول ظاهرة العنوسة
-دراسة عن جرائم الشّرف
-دراسة عن تاريخ المرأة الكرديّة ماضياً وحاضراً.
-مجموعتان شعريتّان للأطفال والصّغار
-مجموعتان قصصيّتان للأطفال والصّغار بالكرديّة والعربيّة أيضاّ، وقد نشرت بعضاً منها في مجلات وجرائد ومواقع مختلفة كرديّة وعربية
-كتاب عن الفنّانات الكرديّات منذ القرن الثّامن عشر وحتى وقتنا الحالي، القسم الأوّل باللغتين الكرديّة والعربيّة
-كتاب عن الفنّانين الكرد الرّجال.
-كتاب عن الأغاني الخاصة بالعروسين في الفلكلور الكرديّ.
أهم الصعوبات التي واجهتها أثناء الطبع والنشر: في الوطن كنّا نلاقي صعوبات كبيرة لعدّة أسباب ماديّة ومكانيّة لبعد المسافة بين مدينتنا والعاصمة دمشق أو المدن الكبيرة الأخرى التي تتواجد فيها المطابع ودور النّشر، لذلك لم أتمكّن وخلال سنوات طويلة من الكتابة سوى من طبع اثنتين منها، مجموعة شعريّة بالكرديّة من مطبوعات مؤسّسة سما للثّقافة والأدب ومجموعة شعريّة من حسابي الخاص، وحينما وصلت إلى ألمانيا وجدت المجال ممهّداً أمامي لإصدار روايتين ومجموعة شعريّة للأطفال والصّغار هي من مطبوعات اتحاد كتّاب كردستان سوريّا بالإضافة إلى مؤلّفات أخرى تحت الطّبع والتي ستطبع لاحقاً.
منذ صغرها كانت حريصة وبتشجيع من أختها پريخان على الحضور والمشاركة في النّدوات والمحاضرات التي كانت تُعقد ليلة نوروز ويوم المرأة العالميّ وغيرها من المناسبات، ويذكر أنّ أوّل قطعة شعريّة كتبتها،وقرأها مَنْ حولها كانت عن رحيل أمّها في عام1980
هذه هي الجمعيّات والمجموعات الأدبيّة والثّقافيّة والاجتماعيّة التي أسّستها والتي ساهمت في تأسيسها
كنت أسعى إلى تشكيل كروبات ثقافية واجتماعية وأدبيّة كوني بدأت نشاطاتي منذ صغري وقد تحقق لي ذلك:
-في عام 1983م أول گروب ثقافيّ، اجتماعيّ مع بعض زميلاي وصديقاتي وكنّا حينها طالبات في المدرسة.
-في عام 1989م دعوت أكثر من عشرين فتاة للاجتماع ببيتنا، ونتج عن ذلك تشكيل گروب ثقافيّ واجتماعي.
– بين عامي 1990-1993 گروب خاص باللغة الكرديّة وقضايا المرأة.
-في عام 1995م تشكّل كروپ ديرك الثّقافيّ وكنت من أعضائه.
-في عام 2005 گروب خاص بالمرأة، ثقافيّ، اجتماعيّ، أدبيّ باسم: بستان نساء ديركا حكمو واستمر إلى عام 2012.
“Baxê jinên Dêrika Hemko”، .
-في عام 2004م أسّست مع آخرين جمعيّة ثقافيّة، فكريّة، أدبيّة، بعنوان:
Tevna çand û hunera kurdî
-في عام 2006 گروب خاص بمدرّسي ومدرّسات اللغة العربية.
-في عام 2012 كان لي الشّرف بأن أكون صاحبة الفكرة والمبادرة إلى تأسيس الاتحاد النسائيّ الكرديّ في سوريّا، وقد أسّسته مع مجموعة من النّساء وأعلنا عنه في 13 شباط 2012.
-رابطة كتّاب ديرك
-اتحاد معلّمي الكرد في ديرك
-ما أزال عضو إداريّ في الاتحاد العام للكتّاب والصّحفيين الكرد في سوريّا، وكنت مسؤولة الاتحاد عن قسم ديرك حين كنت أعيش في الوطن.
-ساهمت في تأسيس عدّة اتحادات وجمعيات أخرى مع نساء قامشلو وسري كانيه/ رأس العين وعامودا وغيرها.
-كنت أوّل امرأة من ديرك تدخل المجلس الوطنيّ الكرديّ في سوريا، محليّة ديرك ممثلّة عن الاتحاد النسائيّ الكرديّ في سوريّا.
النّشاطات التي قامت بها داخل الوطن وخارجه:
شاركت في ندوات ثقافيّة واجتماعيّة وسياسيّة وفكريّة وأدبيّة، وألقيت محاضرات سواء ضمن المجموعات والجمعيّات والاتحادات الأدبيّة والاجتماعيّة التي أسّستها وساهمت في تأسيسها، أو بصفتي الشّخصيّة. كنت حريصة على حضور المهرجانات والفعاليات التي تقوم بها المنظّمات والفعاليّات الأدبيّة والمدنيّة والحزبيّة في جميع مناطقنا الكرديّة (ديرك ونواحيها وقراها، كركي لكي، تربسبيه، قامشلو، عامودا، درباسية، سري كانيه، الحسكة) بالإضافة إلى ندوات في دمشق وحلب وغيرها. وكنت حريصة على حضور معظم الفعاليّات:
-شاركت مرّتين في مهرجانات كردستان الجنوبيّة/ إقليم كُردستان العراق:
– في عام 2012 في ملتقى إعلاميّي باشور وروژآڤا
-في عام 2014 من خلال الاحتفال بتأبين الشّاعر الكبير عمر لعلي من قبل وزارة الثّقافة في إقليم كردستان ـ العراق
-مهرجان شعريّ في دهوك ـ كُردستان العراق في عام 2014
-حفل تأبين الشّاعر الكردي الرّاحل فرهاد عجمو في باريس عاصمة فرنسا بدعوة من الجمعيّة الكرديّة هناك
-كنت مدعوّة لحضور مهرجان شعريّ في مدينة السّليمانية وفي هولير ولكن ممانعة أمن المعبرين منعونا من المشاركة،
ووجّهت إليّ الدّعوة لحضور مهرجان “سيداي جگرخوين” في عام 2008 لكنّي لم أتمكّن من الحضور لأسباب أمنيّة، وكذلك لم أتمكّن من حضور مؤتمرات ومهرجانات أخرى في كردستان الجنوبيّة والشّماليّة وتركيا ومصر والأردن وغيرها لأسباب مختلفة.
أكتب وأنشر في مختلف المجلات والصّحف والمواقع الكرديّة والعربيّة وفي جرائد ومجلات معظم الأحزاب الكرديّة بشكل حرفيّ منذ بداية تسعينيّات القرن العشرين، وتتواصل معي مختلف القنوات الفضائيّة ووسائل الإعلام على الدّوام.
الجوائز وشهادات التّقدير التي حصلت الشاعرة الأديبة نارين عمر عليها:
-جائزة الشّاعر الكرديّ تيريژ للإبداع
Seydayê Tîrêj.
-جائزة من الحزب الدّيمقراطي الكردي في سوريا/ الپارتي للإبداع والتميّز وهو الحزب الدّيمقراطيّ الكردستانيّ الآن.
-جائزة منظّمة المرأة في حزب الوحدة الدّيمقراطيّ الكرديّ في سوريّا
-جائزة العلّامة والشّاعر ملا أحمد پالو من قبل رابطة الكتّاب والصّحفيين الكرد في سوريّا في عام 2012 م
-جائزة اتحاد نساء كردستان سوريا 2013
-شهادة تقدير من فرقة ديرك الموسيقيّة بقيادة الفنّان جوان صبري
-وسام أفضل كاتبة لعام 2009 من موقع دلجان الالكتروني
-الجائزة الثّالثة للقصّة القصيرة من دار الأدباء الثّقافية بإدارة الشّيخة خلدية آل خليفة في عام 2008
-مجسّم للشّاعر جكرخوين من منظمة المرأة بالحسكة في حزب الوحدة الكرديّ.
_ كنت من بين أفضل الكتّاب على مستوى العالم من قبل لجنة تحكيم شعبة الكتّاب والأدباء في منتدى الصّحافة العالميّة لعام 2009م.
-جائزة مهرجان الشّعر الكرديّ التّاسع عشر المقام في قامشلو في عام 2014 م
-وسام الشّاعر الكبير جكرخوين من اللجنة الثّقافية في الحزب التّقدمي الكرديّ ي سوريّا “فرع ألمانيا” في عام 2017 م
– فوز قصّتي ” العروس الشّمس” وقصّتي مفكّرة أمّي حين تنطق” بالمراتب المتقدّمة في مسابقة الأديبة رولا حسينات لعامين متتاليين عام 2017 وعام 2018م وقد اختيرت القصّة الثّانية ضمن كتاب بعنوان ” حواتيت حواء ”
كما وتمّ التنويه إلى العديد من أعمالي الأدبيّة المشاركة في مسابقات وجوائز أخرى.
وعن شعورها حين استلمت الجائزة لأوّل مرة قالت: هو كشعور الأمّ حين تتناغم مع النّغمة الأولى لصرخة وليدها الأوّل.
الجوائز والأوسمة تعدّ من الحوافز الهامّة والضّروريّة في حياة الأديب أو الكاتب لأنّه إذا استلمها في حياته، لامسها بيديه وأنامله، وأبهج عينيّ القلب والفكر بها تكون خير هبات تحفّزه إلى الكتابة والتّأليف بكلّ اندفاع ومحبّة.
الشاعرة والأديبة نارين عمر راضية عن مشوارها الأدبي، وعن إنصافها من قِبل الجهات الأدبية والثقافية:
قطعت أشواطاً كبيرة في مشواريّ الأدبيّ وما أزال أتتبّع الخطا في متابعة مسيرتي لآخر لحظة من عمري، وقد أنصفتني الجهات الأدبية والثقافية إلى حدّ كبير من خلال الجوائز والأوسمة وشهادات التّقدير التي تسلّمتها والمهرجانات والملتقيات التي دعيتُ لحضورها، ومن خلال الحبّ والاهتمام الذي أتلقاه من القرّاء والقارئات الأحبّاء الذين يقرؤون لي ويتابعون منتوجيّ الأدبيّ والذين يتواصلون معي ويبدون محبّتهم وتشجيعهم لي على الدّوام.: بدء رحلة الاغتراب:
بدء رحلة الاغتراب:
لاقيت صعوبات في التّأقلم والاندماج في الأشهر الأولى من وصولي إلى بلاد الاغتراب (ألمانيا) لأنّني لم أكن أتخيّل يوماّ أنّني سأضطر إلى ترك وطني ومدينتي وأهلها على الرّغم من الفرص الكثيرة التي أتتني قبل هذا التّاريخ للتوجّه إلى بلاد الغربة، وفيما بعد أدركت بوجوب القبول بالواقع على الرّغم من مرارته للحفاظ على توازننا المعيشيّ والنّفسيّ هنا.
ولا ترى في الاغتراب سبباً للتفكك الأسري بل لاختفاء أثر بعض العادات والتقاليد أمام القوانين الأوروبية:
لا أعتقد أن الاغتراب هو سبب ضياع الأطفال أو التّفكّك الأسريّ هنا لأنّ الأسرة المتماسكة والواعية يظلّ أفرادها متماسكون، متحابون أينما توجّهوا وعاشوا. ما نراه من حالات الخلاف أو اضطراب العلاقات الزّوجيّة في بلاد الاغتراب كنّا نراها في الوطن أيضاً ولكنّ الفارق أنّ الطّرفين الزّوج والزّوجة وخاصة المرأة كانا يتحمّلان بعضهما البعض ويعيشان ضمن الأسرة الواحدة شكليّاً، وهما عمليّاً كانا مطلّقين نفسيّاً ووجدانيّاً بسبب العادات والتّقاليد والعائلة وغيرها من الأسباب وخوفاً على مستقبل الأولاد ماديّاً، هنا في بلاد الاغتراب هذه المسائل تحلّ بسهولة ولم تعدّ للعادات والأعراف ذلك التّأثير المعهود وكذلك لا يكون هناك خوف على مستقبل الأولاد من النّاحية الماديّة حيث تتكفّلهم هذه الدّول إلى سنّ الشّباب مع تحفّظي الشّديد على هذه العبارة لأنّ كلّ أموال العالم لا تعوّض الأولاد عن لمسة حنان من أبويهما في كنف أسرة متحابة، متماسكة.
وتقول للمغترب آمال وتأملات في العودة إلى الوطن للبناء وممارسة طقوس الأحلام:
عندما تطحن الحروب والنّكبات الوطن والأرض يضطرّ أصحابها إلى تركها والتّوجه نحو بلاد الاغتراب لأنّهم يجدون فيها الأمان والأمن المفقودين في بلادهم، وهم يضطّرون للقبول بها كبلاد بديلة لبلادهم أو يهدهدون نفسهم بهذا التّخيّل لكي يتمكّنوا من الاستمرار في الحياة إلى أن تهدأ الأمور في بلادهم ويعودوا إلى ربوعها بمودّة ودفء.
يظلّ للمغترب واللاجئ أمل وتأمّل في العودة إلى الوطن مهما طال به الأمد والمقام في ديار الغربة، وإن تمكّن من العودة إلى الوطن يوماً سيمارس طقوس أحلامه وأخيلته ببناء نفسه ووطنه من جديد مهما لاقى من صعوبات وموانع لأنّ الغربة تعوّد الشّخص على قوّة التّحمّل والتّأني في الرّضوخ للظّروف مهما كانت صعبة وقاسية.
وفي الختام تؤكد على أنها عائدة إلى مدينتها ديريك وإن عادت جسداً فقط:
ديرك هي طفلة أحلامي التي لن تكبر أبداً لتظلّ معمّدة بينابيع الغنج والدّلال المتدفّقة من فيض دجلة، لأنهل من براءتها وعشقها طقوس جنوني وتعقّلي على شواطئ عمر يتجدّد حبّاً ورغبة بالحياة طبقاً لتجدّد وعمر ديرك كلّما عانقت ربيع “سويديك” وجبال “قره جوخ” وطبيعة “عين ديوار” وشموخ “برا بافت” وأشجار “جم شرف”.
ديرك معي وأنا معها على الدّوام لأنّنا تعاهدنا على عشقٍ لا ينضب، أقضي كلّ ليلة في ربوعها، أتنفّس هواءها، أسهر مع أهلها وحين تتأهب الشّمس للطّلوع أعود إلى عالمي الثّاني المفروض عليّ وعلى الآلاف مثلي.
بكلّ تأكيد سأعود إليها وإن عدت جسداً فقط لأنّ روحي منسابة في أنسامها وإلى الأبد.
ولكم زهور الشّكر وأزاهير الامتنان على حواركم الشّيق، ودمتم منبعاً دفّاقاً للأدب والثّقافة والفكر وواحة تمارس فيها النّفس مع الفكر طقوس الرّاحة والهدوء والسّلام.
سررت بأسئلتكم القيّمة والمتنوّعة.ـ